مرايا بحيرة الحفية..

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

جملة بلاغية تاريخية جديدة تُكتب بحبر الشارقة وقلمها الإبداعي في جبال كلباء.. أما المبتدأ فهو الإنسان، وأما الخبر فهو المكان، واسم المكان هذه المرّة (بحيرة الحفية).. الماء الذي تحيط به الجبال كما لو أنها تخاطبه أو تحنو عليه.

جملة فعلية في كتاب الشارقة، ومُضاف جمالي آخر لسيرة الإمارة وعبقرية المكان الجبلي الذي يحمل حدائق معلّقة، ويحمل أيضاً روح التاريخ وأمومة الجغرافية التي تعطي أهلها صفات الصبر والقوة والكبرياء.. هذه (بحيرة الحفية). الماء الذي يتماثل في ليونته وفي انسيابه مع صلابة الحجر ورسوخه الأبدي.

وهذه جبال ترى، وتسمع، وتنظف بلغتها الجوّانية التي تترجمها الرياح في رؤوس الجبال إلى صور وظلال وضوء.

من حيث لغة المعلومات، فالطاقة الاستيعابية لبحيرة الحفية 155 مليون غالون، غير أن الطاقة الجمالية أكبر من هذا الرقم الإحصائي بكثير، ذلك أن الجمال لا يحسب بالغالون، ولا يحسب باللتر أو الكيلومتر، الجمال مكان وزمان وتاريخ. الجمال أيضاً ذاكرة بشر وروح آدمية مستمرة في الكائن الحيّ.

(بحيرة الحفية) عمل مشاريعي إنشائي، ولكنها في الوقت نفسه عمل فني، مرئي من خلال تفاصيله المادية، ومسموع من خلال إيقاع المكان المحاط بالجبال، وملموس من خلال بنية البحيرة وأفقها الأرضي.. (بحيرة الحفية) مكان إلهامي للكتابة. وهي أيضاً مكان إلهامي للرسم والتصوير والنحت والتشكيل، ولا أظن أن موسيقياً يأتي إلى البحيرة وإلى محيطها الجبلي ولا يخطر على باله إيقاع أو مقام أو وتر.. (بحيرة الحفية) مكان إلهامي أيضاً للمسرحي، وهو يعاين انفتاح المكان على الجبال وتشكيلاتها الفراغية والامتلائية من مقطع جبلي إلى آخر.

لا أكتب ذلك من فراغ، أكتب من رؤية، ومشاهدة، وإصغاء لطبيعة المكان وروحه ومقاطعه التشكيلية، وتوزيع الضوء والظل والفراغ في أفق غني باللغة المضمرة في داخله.. (بحيرة الحفية) مكان تأمّل، واستبصار، واستشراق، إنه مكان الفطرة وطفولة الحجر كما وطفولة الشجر الجبلي، والعشب، والنبات الصغير الضعيف الذي اختار الحياة البرية هنا في هذا الوعر الشاهق الطالع نحو السماء.. (بحيرة الحفية) أفق أرضي في الهواء الطلق له روحه وصوته الداخلي، وخصوصيته التي لا تتكرر في مكان آخر، حتى ولو كان التشابه من طبيعة الجبال.. مكانٌ له ثقافته البرّية، أو أنه منذ الآن، أخذ يصنع هذه الثقافة. أكمل غداً...

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4r3ek6we

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"