أحمد بن محمد القاسمي ذاكرة ثقافية مضيئة

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

إذا كانت الصورة، في الصحافة تعادل ألف كلمة، ففي صور كتاب «مشكاة ضياء وسيرة عطاء» الذي يوثّق لجوانب من حياة الشيخ أحمد بن محمد بن سلطان القاسمي مئات ألوف الكلمات التي تولد من صور عائلية مسرحية وثقافية أكثر مما هي صور صحفية خبرية.

هكذا كان الشيخ أحمد الذي صادفت أمس الذكرى السادسة لغيابه الذي يعكس في اللحظة ذاتها حضوره المعنوي والثقافي والإنساني سواء في الصورة، أو في التاريخ، أو في الذاكرة.

إلى عقود زمنية وثقافية، تعود صور ذلك الكتاب الذي صدر عن مسرح الشارقة الوطني في العام 2020. إنها صور زمن ثقافي كان الشيخ أحمد محوره ومركزه، تماماً مثل مركز الدائرة، وكان حوله جيل من الشباب المسرحيين بشكل خاص في تلك اللحظات الفوتوغرافية الشاهدة على تاريخ رجل نبيه الرؤية والتدبير والإدارة الثقافية، بل، والأكثر من ذلك أنه صنع المبادرة والمشروع والفكرة، ثم التطبيق بلا تأخير، أو تأجيل.

حول الشيخ أحمد في تلك الأيام نرى المئات من الوجوه التي تعكس حيويتها وبشاشتها الطبيعة الإنسانية والعملية للرجل الواقف في الوسط دائماً.. لا لأنه يستحوذ على المكان، بل لأنه في وسط قلوب ذلك الجيل الإبداعي من المواطنين الإماراتيين، والعرب المقيمين، وقد كانوا شباباً، ومرّ عليهم الزمن، وبقي رجلهم وصديقهم مضيئاً في قلوبهم وذاكراتهم التي لا تذبل.

أرى في الصور كوكبة من الفنانين والمثقفين: جواد الأسدي، أحمد دحبور، يوسف عايدابي، علي المغني، أحمد الجسمي، محمد يوسف، عمر غباش، سيف الغانم، محمود مدني، سميرة أحمد، وغيرهم العشرات ممن صنعوا وسطاً ثقافياً حاضنته الشارقة برؤيتها الفكرية ومؤسساتها القائمة على التوجه المتفائل دائماً نحو المستقبل، والرهان على الثقافة.

في إطار هذه الرؤية ومؤسساتها، كان الشيخ أحمد يفكر وينفّذ ودائماً ليس وحده، بل يشرك فريقه الشاب في الفكرة وتطبيقها وعلى مراحل، من دون استعجال، وفي الوقت نفسه من دون إبطاء. لا حاجة لي لتأكيد ما هو مؤكد في تراث الشيخ أحمد بن محمد القاسمي. إنه المؤكد الثقافي الإماراتي عند المسرحيين، وهو المؤكد عند التشكيليين، وعند المعنيين بثقافة الطفل، وهو المؤكد عن روّاد الإعلام والإدارة بروحية رجل مقبول الكلمة والشخصية والحوار من جميع عناصر ذلك الجيل الثقافي والفني قبل أكثر من ثلاثة عقود. وأُعيد هنا كلمات على لسان بعض المسرحيين والمثقفين هي أشبه بإضاءات لا تنطفئ في حضرة رجل ثقافة مشكاته نورانية إلى اليوم: «كنت معنا بكل حواسّك»، «سَخَّرَ ما يملك لخدمة الفن»، «فارس يصنع الفارق»..

الشيخ أحمد بن محمد القاسمي ذاكرة حاضرة مضيئة في سماء الثقافة الإماراتية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/z9tckekm

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"