عادي
رؤية خاصة في فهم الأسود

مريم الشناصي: علينا التحرر من الرتابة اللونية

18:06 مساء
قراءة 4 دقائق
لوحة من أعمال «الخبيئة» لمريم الشناصي

الشارقة: عثمان حسن

«نحن اليوم في أمس الحاجة إلى تطوير كثير من القوالب الجامدة التي تفرض على الإنسان أشكالاً من الرتابة والوحدة اللونية التي اعتادت عليها عين المشاهد».. هذا ما تؤكده الكاتبة والناشرة والفنانة الدكتورة مريم الشناصي، وقد سبق أن مارست الرسم منذ أيام الدراسة، ولها العديد من اللوحات والأعمال الخطية، في مرحلة لاحقة استهوتها العلوم، فدرست علوم البيئة في جامعة جلاسكو بلندن، كما مارست التعليم الأكاديمي والعمل الرسمي الحكومي، ولها إنجازات مهمة في ميادين الابتكار والتطوير وتنمية المهارات الإبداعية، وقد أبدعت في مجال التصوير الفوتوغرافي، حيث أنجزت مؤخراً معرضاً بعنوان «الخبيئة».

د.مريم الشناصي

تتحدث مريم الشناصي عن فكرة معرضها «الخبيئة» فتقول: «الخبيئة هي تلك اللقطة المختبئة في مكان ما، ويتوجب علينا إعادة اكتشافها، نحن في الغالب الأعم نخبئ مشاعرنا؛ بل إن ذواتنا البشرية تنطوي على خبايا كثيرة، وقد جاءتني فكرة المعرض من مصطلح ثنائي المفردة موجود في أمهات كتب التراث، هو «خبايا الصالحين»، وفي الأثر الإسلامي نقرأ (اجعل لك خبيئة من عمل صالح تكون صدقة ترعى بها يتيماً».. وفي الحديث الشريف قال النبي الكريم: «من استطاعَ منكم أن يكونَ لَهُ خَبْءٌ مِنْ عمَلٍ صالِحٍ فلْيَفْعَلْ»، وأنا اشتغلت على المفردة الأولى من هذه العبارة وهي «الخبيئة» التي يمكن أن تشتمل على مجموعة من المهارات التي يمكن اكتشاف ما فيها من أسرار وكنوز إيجابية، هناك من يكتشفون مهاراتهم في سن متأخرة، فيفجرون ما لديهم من طاقات».

وتشير د. مريم الشناصي إلى «الخبيئة» التي انطلقت من "النقطة«أو»اللقطة«الواحدة، التي تطورت في أوقات مختلفة، إلى عدة لقطات بحجم أكبر، حيث كنت أراقب المشهد نفسه في الفجر، وفي الصباح وفي أوقات مختلفة، فاكتشف تغيرات في الزوايا والأشكال في الصيف عنها في موسم الشتاء، هذا التغير نلمسه مع تغير زاوية الرؤية، فيختلف الشكل تبعاً لانعكاسات الضوء والظلال، وهي بالضرورة تتغير في الموسم الواحد، وتتشكل من خلال زوايا وأشكال متداخلة ومتقاطعة مع بعضها بعضاً، وهنا، تبرز القيم الجمالية لهذه الأشكال، في حين تختفي هذه القيم الجمالية إذا تركنا كل عنصر أو شكل أو (لقطة) بمفردها.

وفي حديثها عن مرامي هذا العمل أكدت د. مريم الشناصي، أنها أرادت أن تقول: إننا حين نلتقي، نتحاور كبشر، نتكلم، تتقاطع أفكارنا، فيكون لهذا اللقاء مخرجات أو حزمة من الأفكار التي يمكن استثمارها في أفكار خلاقة وقيم جمالية.. ما يعني أن العنصر الواحد، كما هو شأن الشكل الواحد أو البقعة أو اللقطة الواحدة، لا تقدم مقترحاً جمالياً، فكل عين تراه من زاوية مختلفة، يكون هناك مقترح جمالي بارز إذا التقت هذه الأفكار وتقاطعت فقط، وأصبحت مجالاً للأخذ والرد والعصف الفكري حول اللقطة التي أسميها «الخبيئة».

*70 لوحة

يتألف عمل «الخبيئة» من 70 لوحة تتدرج من حيث الحجم من الصغر إلى الكبر، وجاء المعرض في ثلاثة أقسام، ركزت في القسم الأول على الصور التي لها صلة مباشرة بعناصر العمل بالتركيز على الزوايا أو «الأشكال» الصغيرة، ونحن كلما اقتربنا أكثر من هذه الأشكال، اكتشفنا ما هو أكثر وأكثر من الزوايا والتقاطعات الجديدة، التي تختلف تبعاً لانعكاسات الضوء والظل عليها، في القسم الأول كان هناك 45 لقطة بأحجام صغيرة لا تتجاوز ال 10 سم، وباللونين الأسود والأبيض، وفي المرحلة الثانية ازداد حجم هذه اللقطات ما بين 50 و 60، فاتضحت عوالم أخرى من الضوء أو الطبقات اللونية التي تشكلت من الأزرق والأحمر في تباين، لا تدركه سوى عين الفنان الحاذق.

وفي المرحلة الثالثة ازداد الحجم، ما يفيد بأن تقوقعنا حول الفكرة الواحدة، أو الرأي الواحد، هو بمنزلة انغلاق، سمها «انتكاسة» أو تمحورا حول الفكرة أو الخبيئة الواحدة، التي تحتاج منا جميعاً، أو مني بصفتي فنانة أن أركز عليها، من خلال دقة الصورة لأخرج ما فيها من انعكاسات وظلال وألوان كانت متوارية أو مختبئة.

*قيم جمالية

تهتم الفنانة مريم الشناصي باللون الأسود وكذلك الأبيض، وهي لديها رؤية خاصة في فهم هذا اللون، الذي يراه الآخرون انعكاساً للكآبة أو الحزن أو الضجر، فيما تراه د. مريم الشناصي بمنزلة فسحة للتأمل وللاسترخاء، تقول مريم الشناصي: «بالنسبة لي، اللون الأسود، ليس لوناً واحداً، فهو طيف من أو مزيج من ألوان مختلفة، هو لون متوهج، ولا بد من كسره لتقليل شدة الوهج، بمزجه باللون الأبيض للحصول على اللون الرمادي».. وتضيف: «هذا الهروب إلى المناطق الرمادية، المتداخلة يمنحنا قوة لاكتشاف هذه التدرجات اللونية، وما تكتنزه من أسرار ولغات وقيم جمالية جديدة، ونحن بحاجة إلى إجراء دراسات معمقة لاكتشاف مخرجات هذه المساحة اللونية، وهذا بالضرورة يقودنا إلى التطوير والإبداع والابتكار».

*كتب

صدر لمريم الشناصي كتاب «مذكرات فارسة عربية» وهو يروي قصة امرأة في أواخر الثلاثين من عمرها، تقرر أن تتعلم مبادئ الفروسية ومهاراتها، والقصة تركز على جوانب التغيير في حياة الإنسان، وإن العمر لا يقف حاجزاً أمام تحقيق الأهداف التي يصبو إليها، وإن الإصرار لتحقيق الآمال والأهداف يتفجر من الداخل، وينتزع من الحياة؛ إذ تقرر سارة، وهي امرأة في أواخر الثلاثين أن تتعلم مهارات الفروسية، وتكافح لإتقان هذه المهارة، وتتعرض هذه المرأة للكثير من المواقف من قبل بعض المتدربين، إلا أنها تقرر ضرورة مسابقة الزمن، وعدم الاكتراث بها، والقصة تترجم الكثير من الهواجس التي تعلق بأذهان الفتيات أحياناً، وهن يرغبن في تعلم الفروسية، ويقفزن على الحواجز بوساطة الخيل.

ولها أيضا كتاب «المقصف الغذائي» عبارة عن مجموعة من القواعد والنصائح التي من شأنها أن ترتقي بالذائقة الإنسانية وتسعى إلى نظام غذائي يومي يمنح الفائدة مع سعرات حرارية أقل، فضلاً عن توخي الدقة في اختيار ما يحتاج إليه الجسم وما لا يحتاج إليه، وترجم الكتاب إلى اللغة الماليالامية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4pner9eb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"