احتفت الشارقة في السنوات الثلاث الأخيرة بثقافات ثلاث دول: إيطاليا، وإسبانيا، وكوريا، في معرض الكتاب الدولي، وفي هذه الدورة يحتفي المعرض باليونان ضيف شرف بكل حفاوة معتادة تتيح المجال الثقافي للتعريف بالآداب والفنون والثقافة الشعبية والتراثية، وفي الكثير من هذه الفضاءات المتاحة في المعرض يجد القارئ والمتابع مشتركات تاريخية، ولغوية، وتراثية بين العرب، وثقافات العالم.
في كل مرة يحتفي بها معرض الشارقة الدولي للكتاب بدولة أوروبية أو آسيوية أو إفريقية، يتجه الاهتمام أولاً إلى الشعر، شعر الشعوب والقارات والعالم بشكل عام. إنها مناسبة ثقافية تفتح لنا المجال القرائي للاتصال بالعالم من خلال هذه التظاهرات المشتركة التي تتيحها معارض الكتب.
حصل على جائزة نوبل للأدب في كل تاريخ هذه الجائزة اثنان من الشعراء اليونانيين: جورج سفيريس، وأوديسو إليتيس.
حصل سفيريس (1900-1971) على أوّل نوبل لليونان عام 1963، وتقول معلومات حياته، إنه كان دبلوماسياً ومترجماً، وتلقى تعليمه الجامعي في السوربون.
الشاعر اليوناني أوديسو إليتيس (1911-1996) حصل على نوبل في 1979، ويعود في جذوره إلى جزيرة كريت التي تشكل في الذاكرة اليونانية صورة جغرافية أسطورية، ولكن الشعر دائماً كما لو أنه يدجّن الأسطورة ويحولها إلى واقع.
أقرب الترجمات إلى قلب الشاعر العربي، والقارئ العربي تلك الآتية من إسبانيا، واليونان، وإيطاليا، ويجد القارئ العربي ترجمات من اليونانية إلى العربية بأقلام محترمة: نعيم عطية، رنا قباني، محمد إبراهيم، عبداللطيف أرناؤوط، وغيرهم ممن يلمسون روح اللغات وتقاربها المكاني والثقافي.
الشعر اسم العالم.. إيطاليا أنجبت دانتي، أو أن دانتي أنجب إيطاليا. ومن خيالات وطواحين «دون كيشوت» انتهت أكذوبة الفروسية، ويظل الشعر اسم العالم؛ لأنه قصيدته، وبطاقة التعريف به. الشعر يطوف في العالم، في معارض الكتب، وفي الشوارع كما يقول بابلو نيرودا. .
الشعر عمود الثقافات، ولأن الشعر له أب واحد هو اللغة، فهو أمّ العالم.
الشعر أمُّ العالم. إنه الحنان والدفء والاحتواء والحماية والكرامة. أخذ الشعراء الكبار في العالم اعتباراتهم الأدبية والثقافية؛ لأنهم شعراء كرامة، والكرامة ليست صفة، بل هي قيمة، ومكانة، ورتبة.
الشعر رتبة، وسام، وامتياز، وخصيصة، واعتبار، كما هو ماضي الحب، وماضي القيادة، وماضي البطل. الشعر بطولة، الشعر رواية بطولة ورواية فراسة وفروسية، والشعر نُبل ورفعة وارتفاع.
الشعر تاريخ، وتوثيق، وتفكير، وتعليم، وأكثر ما يعلّمه الشعر أن لا تعرف الشعر.
