فوائد نمذجة معلومات البناء

22:05 مساء
قراءة 4 دقائق

إبراهيم إمام *

تشهد نمذجة معلومات البناء (BIM) اهتماماً متزايداً على الصعيد العالمي، حيث لم تعد مجرد أداة رقمية تستخدم خلال مراحل التصميم والبناء فقط، بل أصبحت أحد الأدوات الرئيسية في مرحلة الصيانة والتشغيل أيضاً.

يمكن الاستفادة من فوائد نمذجة معلومات البناء (BIM) في مجموعة واسعة من الاستخدامات والتطبيقات والتي تتجاوز حدود البناء، حيث يمكن استخدامها في كافة مراحل دورة حياة البناء من التصميم الأولي إلى البناء حتى التشغيل والصيانة، حيث تسهم في تعزيز الكفاءة وتحسين إدارة العمليات بدقة وفعالية وإطالة عمر المباني، بالإضافة إلى العديد من الفوائد الأخرى.

يُعد تطور نمذجة معلومات البناء (BIM) تغييراً جوهرياً في قطاعات الهندسة المعمارية والهندسة والبناء (AEC)، حيث يمثل تحولاً من المخططات والرسومات التقليدية ثنائية الأبعاد إلى النماذج المعقدة متعددة الأبعاد.

بدأت هذه الرحلة في السبعينيات من القرن الماضي مع إدخال أنظمة التصميم بمساعدة الكمبيوتر (CAD)، ما أدى إلى تطوير الأسس للتمثيل الرقمي للسمات المادية والوظيفية لخطط البناء بشكل متزايد.

ومع التقدم المتسارع للتكنولوجيا في الثمانينيات والتسعينيات، حيث أصبحت أكثر انتشاراً وتعقيداً بدأت نقطة التحول مع ظهور برمجيات قادرة على دعم الأشكال الهندسية المعقدة والنماذج الغنية بالبيانات في أوائل القرن الحادي والعشرين.

تطورت نمذجة معلومات البناء (BIM) وأصبحت قادرة على دمج وتحليل كميات هائلة من البيانات عبر مراحل مختلفة من دورة حياة المبنى، ما يعزز التعاون بين أصحاب المصلحة، وفي الوقت الحالي لم تعد نمذجة معلومات البناء مجرد أداة لتصور المباني في ثلاثة أبعاد، بل أصبحت إطاراً لإدارة البيانات والمساعدة في اتخاذ القرار، ما يعزز عمليات التصميم والبناء والتشغيل.

ومن المتوقع أن تستمر في التطور والتكامل بشكل أكبر مع التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي وإنترنت الأشياء (IoT)، ما يعزز الكفاءة والاستدامة والابتكار في قطاع البناء والتشييد.

يؤدي دمج نمذجة معلومات البناء (BIM) في إدارة مشروعات البناء إلى تحسين كفاءة عمليات البناء من خلال تبسيط وتعزيز التعاون بين كافة المشاركين في المشروع، حيث تعمل كمنصة مركزية تحتوي على كافة بيانات ومعلومات لتلك العمليات، بما في ذلك الصيانة والإصلاحات، بالإضافة إلى التكامل السلس مع أنظمة إدارة المباني (BMS)، وأنظمة إدارة الصيانة المحوسبة (CMMS)، وبرامج إدارة المرافق بمساعدة الكمبيوتر (CAFM) والذي يؤدي إلى تقليل الأخطاء وتعزيز عملية صنع القرار ومراقبة جداول الصيانة.

يُوفر دمج نمذجة معلومات المباني في عمليات إدارة المرافق العديد من المزايا التي تسهم في تعزيز الكفاءة والاستدامة والفعالية من حيث الكلفة في إدارة المباني مثل:

  • تعزيز التعاون: تشكل نمذجة معلومات البناء (BIM) أرضية موحدة تضم بيانات المشروع، ما يسهم في تعزيز التعاون المحسّن بين الفِرَق المختلفة ويضمن هذا النهج الشامل تفاعلاً فعّالاً ومتناغماً بين جميع أصحاب المصلحة في مراحل دورة حياة البناء من التخطيط إلى التشغيل وإدارة المرافق، من المهندسين المعماريين والمهندسين حتى فريق الإدارة والتشغيل. كما أن القدرة على الوصول إلى البيانات، مشاركتها، وتحديثها بشكل فوري تسهم في تقليص الأخطاء والاختلافات، ما يسهم في تعزيز الكفاءة وخفض التكاليف عبر دورة حياة المشروع بأكملها.
  • تبسيط عمليات التشغيل والصيانة: من خلال تزويد مديري المرافق ببيانات ومعلومات دقيقة، يساعد نموذج معلومات البناء في تحسين قدرتهم في الإشراف الكامل على كافة عمليات إدارة المرافق من أنظمة المبنى ومكوناته واتخاذ قرارات استباقية مستنيرة في عمليات التشغيل والصيانة.
  • توفير التكاليف: يؤدي استخدام نمذجة معلومات البناء (BIM) إلى تحسين كفاءة العمل وخفض التكاليف طوال دورة حياة المبنى من البناء إلى التشغيل من خلال توفير كم هائل من البيانات والمعلومات حول المبنى يمكن تحليلها وتصور المشاكل المحتملة والتعامل معها باستباقية، ما يسهم في الحد من وقت التوقف وتوفير الموارد والحفاظ على الأصول.
  • التخطيط الدقيق لرأس المال وتتبع التكاليف التشغيلية: من خلال تنفيذ BIM، تحقق فرق إدارة المرافق دقة متزايدة في تخطيط رأس المال ومراقبة التكاليف التشغيلية. ويدعم دمج بيانات الكلفة مع تفاصيل الأصول إعداد الميزانية والإشراف المالي بشكل دقيق، ما يضمن إدارة الموارد وتوزيعها بشكل فعال.
  • التخطيط الدقيق لرأس المال: يتيح تنفيذ نمذجة معلومات البناء لفرق إدارة المرافق تحقيق دقة متزايدة في تخطيط رأس المال ومراقبة التكاليف التشغيلية من خلال دمج بيانات التكاليف وتفاصيل الأصول إعداد الميزانية والإشراف المالي، ما يضمن إدارة الموارد وتوزيعها بشكل فعال.
  • تحسين عملية صنع القرار: يلعب استخدام نمذجة معلومات البناء دوراً حاسماً في تحسين عملية اتخاذ القرارات في مجال إدارة وتشغيل المرافق. بفضل قدرتها على توفير معلومات دقيقة وشاملة عن المباني في الوقت الحقيقي، تمكّن BIM مديري المرافق من الوصول إلى رؤية واضحة وتفصيلية لكافة جوانب المبنى.

تعلب نمذجة معلومات البناء (BIM) دوراً مهماً في تحسين وتبسيط عمليات إدارة المرافق، حيث يوفر حلاً متكاملاً يعزز التعاون، ويبسط الصيانة، ويحسن التكاليف، ويثري عمليات صنع القرار. من المتوقع أن يؤدي اعتماده المستمر إلى إعادة تشكيل المعايير لإدارة المرافق بشكل فعال ومستدام.

على الرغم من الفوائد الكثرة لاستخدام نمذجة معلومات المباني في كافة مراحل دورة حياة البناء، فإنّ هناك تحديات يجب التعامل معها بما في ذلك:

  • إدارة البيانات: يمثل معالجة الحجم الهائل من بيانات نمذجة معلومات البناء (BIM) التي يتم إنتاجها تحدياً كبيراً، حيث يتم استغلال 20% فقط من هذه البيانات، بالإضافة إلى معالجة مشكلات التوافق بين برامج الرسم المستخدمة من قبل الفرق المختلفة، والتي تستلزم وضع استراتيجيات قوية لإدارة تلك البيانات. هذا يشمل تطبيق بروتوكولات محددة لتبادل البيانات، استخدام تنسيقات بيانات موحدة، والاعتماد على برامج إدارة بيانات متقدمة لتتبع وإدارة البيانات بكفاءة. تلك البرامج التي تدعم التشغيل البيني وتنسيقات البيانات المتوافقة مع المعايير الصناعية لتبادل البيانات بسلاسة، ما يعزز التعاون والكفاءة عبر جميع مراحل المشروع.
  • التعليم والتدريب: يتمثل التحدي الكبير في ارتفاع الطلب على محترفي نمذجة معلومات البناء (BIM) مع التوسع في استخدامها في قطاع العمارة والهندسة والبناء، حيث يؤدي نقص المهنيين ونقص التعليم إلى انخفاض الكفاءة..

* الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك لشركة «بلانرادار»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ujz4ws4

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لمجموعة «بلانرادار»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"