هل هي بداية النهاية؟

00:16 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

لا يمكن النظر إلى مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإنهاء الحرب في غزة التي أعلنها، يوم الجمعة الماضي، إلا من خلال البحث عن أسبابها. فهي تأتي بعد ثمانية أشهر من الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع من دون أن تحقق الأهداف الإسرائيلية التي أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهي إنهاء المقاومة واستعادة الرهائن وعدم تشكيل القطاع تهديداً أمنياً لإسرائيل، كما أنها تأتي في خضم انتخابات رئاسية أمريكية ضارية يخوضها بايدن ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب، يواجه فيها الرئيس الأمريكي انقساماً حاداً داخل الحزب الديمقراطي بسبب هذه الحرب، ورأياً عاماً أمريكياً رافضاً للحرب وللدعم الأمريكي غير المسبوق لإسرائيل. لذلك فإن الرئيس الأمريكي يقدم هذه المبادرة بمثابة سلّم لرئيس الوزراء الإسرائيلي للنزول عن الشجرة التي وجد فيها نفسه عالقاً بين أهداف لم تتحقق ولن تتحقق، وبين مطالب المتطرفين في حكومته للمضي في الحرب حتى النهاية من دون أفق لليوم التالي، وبين أهدافه الشخصية في البقاء بالسلطة.

مهما يكن، فإن المبادرة التي تحمل خطوطاً عريضة لوقف دائم لإطلاق النار وتبادل الأسرى والمخطوفين من الجانبين، وإعادة إعمار غزة، تحمل أملاً بوضع بداية النهاية للمأساة التي طالت، ومع إعلان خمس دول عربية أساسية تتولى منذ بداية الحرب عملية مفاوضات سياسية معقدة لوقف إطلاق النار وتبادل المعتقلين والأسرى، وهي دولة الإمارات والسعودية وقطر والأردن ومصر، ترحيبها بالمبادرة الأمريكية، والدعوة «للتعامل بجدية وإيجابية مع مقترح الرئيس الأمريكي بهدف الاتفاق على صفقة تضمن التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإيصال المساعدات بشكل كافٍ إلى جميع أنحاء غزة وبما ينهي معاناة أهل القطاع»، فإن المبادرة تكتسب زخماً عربياً جديداً يجعلها قادرة على الصمود والتحقق، خصوصاً أن هذه الدول تؤكد ضرورة عودة النازحين إلى مناطقهم، وانسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل من القطاع، وإطلاق عملية إعادة إعمار في إطار خطة شاملة لتنفيذ حل الدولتين، وفق قرار مجلس الأمن ذات الصلة وبمواقيت محددة وضمانات لازمة، وهذا يجعل من المبادرة خريطة طريق لحل عادل وشامل، خصوصاً أن الولايات المتحدة أعلنت أنها ستطلب من مجلس الأمن الدولي دعم المبادرة «من دون تأخير»، وقد دعت ممثلة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية ليندا توماس غرينفيلد «ألا يدع أعضاء المجلس هذه الفرصة تضيع». وفي حال إقرار المجلس هذه المبادرة كقرار، فإنه يصبح ملزماً لكل الأطراف. حركة حماس اعتبرت المبادرة «إيجابية» وفق ما أعلنته القاهرة، فيما كان الرد الإسرائيلي ملتبساً، أشبه ب«لعم»، أي يتراوح بين «نعم» و«لا»، فهو يوافق على المبادرة، لكنه يصفها ب«المعيبة»، وبحاجة إلى مزيد من العمل عليها، ومن جهة أخرى يعلن نتنياهو أن إسرائيل «لن توقف الحرب من دون تحقيق أهدافها».

هذا الموقف الإسرائيلي سببه أن نتنياهو في حال وافق على المبادرة علناً، فإن حكومته سوف تسقط، بعدما هدد وزير الأمن إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بإسقاط الحكومة، لذلك فهو عالق بين تصدع حكومته وبين الموافقة، ما يجعل من الموقف الإسرائيلي «مشكلة أمريكية»، خصوصاً بعد أن أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي والمتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، أن واشنطن واثقة من موافقة إسرائيل.

الولايات المتحدة تستطيع إرغام إسرائيل على قبول مبادرة رئيسها، وهي تملك الكثير من أوراق الضغط على نتنياهو حتى ولو تخلى عن وزرائه المتطرفين، ومع ذلك فإن المبادرة تحتاج إلى مفاوضات صعبة لتنفيذ مراحلها الثلاث لأن الأمر يتعلق بما سيكون عليه الحال في «اليوم التالي».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdes2dj9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"