عادي

العيد.. طقوس ومظاهر بهجة تتحدى الزمن

22:50 مساء
قراءة 5 دقائق
مشاركة الصغار بصلاة العيد يعزز مفهوم و روح العيد
تجمع العائلة بالعيد ركن أساسي

تحقيق: مها عادل

للأعياد طقوس يتوارثها الأبناء عن الآباء، وعلى الرغم من أن السنوات تمر والظروف تتغير عبر الأجيال فإن أهالي عديدون يحرصون على نقل مشاعر البهجة والفرح التي عاشوها خلال طفولتهم إلى أبنائهم وهم يحتفلون بالعيد، ويتميز عيد الأضحى بطقوس دينية واجتماعية تزين أيامه المباركة، ويحرص الكبار على ممارستها مع الصغار لحفظها وتخليدها في ذاكرة الأجيال الجديدة، في السطور التالية نرصد بعض طقوس العيد التي نعيش على مر الزمن والسنوات والظروف وتضفي البهجة على جيل الأبناء كما فعلت سابقاً بالآباء والأجداد.

يحدثنا صالح عبيد (موظف بدبي) عن أهم ما يحرص على مشاركته مع أبنائه في العيد ويقول: «عيد الأضحى المبارك أيام معدودات ترتبط في أذهاننا بطقوس دينية مثل موسم الحج ووقفة عرفات لهذا أسعى كل عام إلى توثيق علاقة هذه الاحتفالية بأساسيات ديننا الحنيف وأحرص على التجهيز لاصطحاب أطفالي معي لأداء صلاة العيد وشراء ملابس جديدة لأداء صلاة العيد وأكرس في أذهانهم وأردد معهم تكبيرات العيد قبل العيد بأيام ليحفظوها عن ظهر قلب، وعقب الصلاة يبدأ تجمعنا في منزل العائلة لمعايدة الأجداد وباقي أفراد الأسرة والإفطار معهم، لكن أهم ما أحرص عليه في عيد الأضحى بالذات ألاّ تقتصر فكرتهم عنه بالترفيه وبالنزهات والحلويات والسفر فقط من دون أن يفهموا المغزى من وراء كل هذا من معاني وقيم ديننا الحنيف المرتبط بوقفة عرفات و فريضة الحج، كما نحرص على أن نلتف جميعاً حول شاشات التلفاز يوم وقفة عرفات لمتابعة أخبار الحجيج ومشاهدتهم ومعايشة هذه الأجواء المباركة وندعو الله أن يوعدنا بالحج و يردد أطفالنا خلفنا الدعاء.

أما فاطمة عبد الرحمن فتؤكد حرصها وأسرتها على تهيئة أطفالها بالعيد بشكل مختلف ولا يخلو من التعليم والمعرفة بأسلوب غير مباشر وتقول: طقوس العيد بكل تفاصيلها لا تزال حية بيننا ونعايشها وعلى الرغم من التطور والتغيير الذي طرأ على حياتنا وحياة أبنائنا فلا يمكن أن يطمس معالم وتقاليد العيد بالنسبة للأجيال الجديدة طالما لا نزال نحن الكبار نحرص على إحيائها فعندما كان أطفالي صغاراً كانت طقوس الذبح في ساحة البيت لا يزال معمولاً بها وكنا نتجمع في بيت أحد أصدقاء والدي والذي كان يقوم بالذبح بنفسه، ثم يأتي اللحام (الجزار) ليقطع اللحم لنا جميعاً وكان الأطفال يشاركون في هذا الحدث بشغف وبهجة ويشاهدون ما يقوم به اللحام، وكأنه ساحر يقدم لهم حركات مدهشة، وعلى الرغم من أن الذبح في البيوت قد توقف لأسباب صحية مع تطور العصر أصبح من طقوس العيد لدى أطفالي أن يصحبوا والدهم إلى المسلخ الآلي، حيث ينتظرون في الصفوف لساعات طوال بعد صلاة العيد ويشاهدون الذبيحة أثناء التضحية بها ويشاركون والدهم في توزيع لحومها على المحتاجين ثم الأقارب حسب الحصص الشرعية المقررة، واعتقد أن هذه الطقوس يجب أن تبقى في ذاكرتهم حتى بعد أن تغيرت الظروف وتطورت الحياة.

طقوس وبهجة العيد تجمع العائلة
  • فرحة الصغار

تشاركنا أم حسين (جدة ل 3 أطفال) رؤيتها لأهم طقوس العيد التي تحب إحياءها مع الصغار، وتقول: في رأيي فإن بهجة العيد لا تتم إلا بوجود الأطفال فهم يحملون الفرحة بين عيونهم، وبالنسبة لي فالعيد لا يدخل داري إلا عند زيارة أحفادي في أول أيامه، ولذلك أحرص على ترسيخ هذه العادة في أذهان الصغار فزيارة الأهل وصلة الرحم ومعايدة الكبار هي ركن أساسي من أركان الاحتفال بأعيادنا وهي فضيلة يحث عليها ديننا الحنيف كما أنني لا أنسى أبداً إحياء طقس العيدية في كل عيد ولابد أن أحضر لهم أوراق النقود الجديدة وأقوم بتغليفها بشكل مبهر في أكياس ملونة أو علب كرتونية مع كتابة اسم كل طفل منهم عليها وتتدرج قيمة العيدية حسب عمر الطفل كما تعودنا في طفولتنا وهذه الطقوس تربطنا بالصغار وتزيد محبتهم لنا وأنصح كلا الآباء والأمهات بالحفاظ على هذه الطقوس الصغيرة التي تحمل في طياتها روح العيد وبهجته والتي يجب أن نحييها مع أولادنا وأحفادنا ما حيينا حتى نضمن استمرارها بين الأجيال فهي تمثل فرحة متبادلة بين الكبار والصغار، إلى جانب إعداد أشهى المأكولات والموائد العامرة التي يلتف حولها الجميع والتي لا يمكن أن تخلو من أطباق الحلويات المميزة التي تزيد من فرحة التجمع في بيت الجدة والجد.

  • تقاليد والعادات

أما سلمى محمود- رائدة أعمال- فتقول: التقاليد والعادات التي نشأنا وتربينا عليها في طفولتنا ما زالت هي التي تشعرنا بالعيد ومهما اختلفت مظاهر الاحتفال بالعيد وأماكن التنزه وتعددت الاختيارات بين وسائل المتعة والترفيه الحديثة، لكنني ما زلت أمارس مع بناتي طقوس العيد الأساسية مثل شراء ملابس العيد والهدايا الخاصة به فإجازة العيد ليست عادية؛ بل مناسبة احتفالية لها طعم ولون ورائحة لا يمكن أن تمحوها السنوات ولهذا أصطحب بناتي قبل العيد بأيام لشراء ملابس العيد وهدايا لأفراد الأسرة وللأطفال الأيتام لإدخال السرور على قلوب الجميع وعلى الرغم من انشغالنا هذا العام بامتحانات نهاية العام وضيق الوقت الذي لم يمكننا من التسوق في المولات والأسواق كما تعودنا فإننا اتفقنا على التحول إلى التسوق الإلكتروني لإنقاذ الوقت من دون أن نفوت علينا بهجة شراء ملابس وهدايا العيد لكل أفراد الأسرة والأصدقاء لتهنئتهم بالعيد بشكل عملي ولإدخال السرور على قلوبهم بمناسبة العيد وهذا أعتبره طقساً مهماً يحمل روح العيد فمشاركة الفرحة مع الغير وإسعادهم وإدخال السرور على قلوبهم من سمات أيام العيد المباركة خاصة الأيتام الذين نحرص على تذكيرهم بالعيد ونكرس في أبنائنا روح التطوع و الإيثار في هذه المناسبة الروحانية.

هدايا العيد وملابسه الجديدة عادات تتحدى الزمن
  • ملابس العيد

سمير عبد الحكيم- موظف بالشارقة- يتحدث عن طقوس الاحتفال بالعيد ويقول: في أيامنا كان الحصول على ملابس جديدة مرتبطاً بدخول المواسم والأعياد، فهناك موسم لتسوق الملابس الشتوية أو الصيفية عند دخول الصيف أو الشتاء، وهناك ملابس جديدة يتم الحصول عليها في عيد الفطر أو عيد الأضحى وكانت هذه الملابس بالنسبة لنا في طفولتنا مصدر فرحة غامرة لنا، كنا ننتظرها بلهفة لأن ما يميز ملابس العيد هو أنها تكون على ذوقنا الخاص وكانت تتضمن طقماً كاملاً من الملابس والإكسسوارات فيحصل الولد على بنطلون وقميص أو بدلة كاملة ومعها حذاء وجورب مناسبين وتحصل الفتاة على فستان وحقيبة وحذاء من ألوان متناسقة، وكانت هذه الأطقم تمثل مصدر فرحة وفخراً لنا في طفولتنا فنرتديها بكثير من السعادة عند التجمع العائلي المصاحب للعيد ونشعر وكأننا نختال بها.

ويكمل سمير عبد الحكيم حديثه قائلاً: أولادنا لم يعد لديهم مواسم لشراء الملابس، نظراً لاختلاف الظروف ونمط الحياة وبالتالي أصبح أولادنا يشترون الملابس طوال العام، ليس عليهم أن ينتظروا حتى موسم دخول الشتاء أو دخول الصيف حتى نشتري لهم «الكسوة» كما كان يفعل أهلنا بالماضي، وليس عليهم أن ينتظروا الأعياد ليحصلوا على ملابس مميزة، ومع ذلك أحرص قبل دخول العيد أن أصحب أطفالي إلى الأسواق والمولات لأشتري لهم ملابس خاصة تكون مميزة ويطلقون عليها «ملابس العيد» وتكون هذه الملابس معبرة عن ذوق الأطفال بشكل كامل فأحقق لهم رغباتهم في ارتداء ملابسهم المفضلة، مثل أطقم «هاري بوتر» أو باربي أو«سبايدر مان» وفي العام الماضي اشتريت لابني الأكبر الذي يبلغ عمره 12 سنة جلباباً أبيض ليرتديه وهو يشاركني في الذهاب إلى صلاة العيد وكان هذا الزي مصدر فرحة شديدة له، حيث أصر على أن يرتديه طوال اليوم حتى أثناء زيارة الأهل ومن العادات المرتبطة بالعيد التي أحرص على إحيائها هي «العيدية» التي أصبح يطالبني بها الأبناء لو نسيت، وليس لقيمتها المادية، لكن لقيمتها المعنوية وارتباطها بالعيد وفسحة العيد مع أصدقائهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y5exa6m4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"