عادي

الحضارة الحديثة في حاجة إلى عقل جديد

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

القاهرة: «الخليج»

«جدل التنوير» كتاب ألّفه كل من ماكس هوركهايمر، وتيودور أدورنو، وهما اثنان من أشهر رواد النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت، ونشر الكتاب لأول مرة في 1944، وهو يحلل الحالة الاجتماعية السياسية المسؤولة عن فشل عصر التنوير، كما ترى مدرسة فرانكفورت.

«جدل التنوير»، و«الشخصية السلطوية» الذي تشارك أدورنو في تأليفه مع ماكس هوركهايمر، إضافة إلى «الإنسان ذو البعد الواحد» لهربرت ماركيوز، كلها كتب أثرت بشكل كبير في فلسفة وعلم اجتماع وثقافة وسياسة القرن العشرين، وكانت مصدر إلهام لليسار الأوروبي الجديد، في ستينات وسبعينات القرن العشرين.

تدور صفحات الكتاب حول إمكانية خلق عقل جديد، يواكب روح الحضارة الحديثة، لكن هذه المواكبة لا يمكن أن تجري من دون نقد لما مضى، لذلك ينصب النقد في معظمه على العقل القديم، أو على العقل الذي أدى في جانب منه، إلى تجميد العقل، يعني العقل عند هيجل وكانط، وفي الماركسية، التي أوصلت إلى الستالينية.

معظم مفكري مدرسة فرانكفورت كانت توجهاتهم تدور في فلك ماركسي، وبالتالي كانت لهم مثل هذه المنطلقات، لكن من مفهوم نقدي، بمعنى أنهم لم يقبلوا الماركسية بالشكل الذي آلت إليه في جمودها، ولم يقبلوا أيضاً العقل الهيجلي.

ومن أهم خصائص النظرية النقدية الجديدة، كما حاول أدورنو، وهوركهايمر، صياغتها في «جدل التنوير» التأكيد على تناقضات التنوير التي يرون أنها مصدر وأساس الإخضاع والقهر الاجتماعي.

هذه التناقضات تعود بجذورها إلى السياق التاريخي الذي ظهر فيه كتاب «جدل التنوير»، فقد رأى المؤلفان في النازية، أو القومية الاشتراكية، والفاشية، ورأسمالية الدولة، إضافة إلى الثقافة الرخيصة، أدوات جديدة للسيطرة، والهيمنة الاجتماعية.

يقول أدورنو وهوركهايمر إن تدخل الدولة في الاقتصاد، ألغى السوق، باعتباره آلية لا واعية لتوزيع البضائع والملكية الخاصة، قد تم استبداله بالتخطيط المركزي وملكية المجتمع لوسائل الإنتاج، خلافاً لتوقع ماركس في هذا التحول، الذي لم يؤد إلى ثورة اجتماعية، إنما إلى الفاشية، والشمولية.

مرحلة صعبة

«جدل التنوير» من أوائل الكتب التي تصدرت مكتبة مدرسة فرانکفورت، ولا تجعلنا فكرته نقف عند الهم النظري، الذي يوحي به العنوان، أي المعالجة النظرية لمعنى التنوير، كما أنتج كانط ذلك في مقالته عن هذا الموضوع، إذ صدر الكتاب في مرحلة سياسية صعبة من تاريخ مدرسة فرانكفورت، ومن تاريخ الملاحقات التي تعرض لها أصحاب هذه المدرسة في تلك المرحلة، ما جعل معظم الأعضاء يتركون فرانكفورت، ويحاولون تأسيس المعهد مجدداً في الخارج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ppbrhetm

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"