حماية الأوطان لم تعد تقتصر على حماية حدودها وأراضيها من أي عدوان أو غدر ميداني وتسلل؛ سواء من قبل أفراد أو جيوش أو منظمات ومن الحروب العسكرية والمواجهات مع أطراف خارجية.. فالحروب اتخذت أشكالاً حديثة والعدو قد يأتيك متسللاً من معبر الأجهزة الإلكترونية والبرمجة، وقد يتمكن العدو من تنفيذ هجوم سيبراني فيكشف عن البيانات السرية للمؤسسات والجهات سواء كانت رسمية حكومية أو غير رسمية، ويتمكن من سرقتها أو حذفها أو تغييرها.
مجلس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات قام بتأهيل أكثر من ١٠٠ ألف من القيادات الإماراتية الشابة «في مجال الأمن السيبراني وتعزيز مهارات التفكير الإبداعي.. في ٩ قطاعات استراتيجية: الصحة والتعليم والطاقة والنقل والغذاء والخدمات المالية والخدمات الحكومية والبنية التحتية الرقمية والفضاء».
تمكين شباب الإمارات ليتولوا بأنفسهم مهمة حماية الفضاء السيبراني، خطوة مهمة وضرورية، بل لا تقل أهمية عن تأهيل شباب الإمارات عسكرياً وميدانياً ليتمكنوا من الدفاع عن وطنهم في مواجهة أي عدو.. جنود على الأرض وجنود يتأهلون لخوض المعارك في الفضاء الافتراضي أو كما يسمونه السيبراني، والذي يعتبر اليوم أحد أهم القطاعات الاستراتيجية.
ما يقوم به مجلس الأمن السيبراني يندرج في إطار تأهيل الشباب لقيادة مستقبل الأمن السيبراني، ولم يقتصر الأمر على تأهيل ١٠٠ ألف لتولي أمور القيادة، بل قدم برامج توعوية استفاد منها أكثر من ٢٠٠ ألف شخص، بجانب إعداد أكثر من ٣٥٠ من المدربين؛ تأهيل جيل من الشباب لتحمل مسؤولية حماية الوطن والمجتمع، وتولي القيادة في مختلف المجالات والميادين هو جزء أساسي ومهم، وهو الضمان لتحقيق تنمية مستدامة، خصوصاً في ظل التطورات المتسارعة والابتكارات والتغيرات في مجال التكنولوجيا.
بعض العبارات والصفات التي يطلقونها في هذا العصر، لا شك تعبّر عن تطورات الحياة، مثل الحرب الإلكترونية والجيوش الإلكترونية والهجوم السيبراني.. مصطلحات تجسد المواجهات الافتراضية - الواقعية التي يواجهها عالمنا اليوم، اختراقات وحروب تطول الأفراد كما المؤسسات، ولا يتمكن من اكتشافها ومواجهتها إلا المتحصن والواعي بحقيقتها وكيفية مواجهتها والتصدي لها، ومن الطبيعي أن تزداد حدتها وتتسع دائرتها مع التطورات التكنولوجية، ويدخل الذكاء الاصطناعي أيضاً طرفاً في هذه الدائرة والتي يمكن استغلالها من أجل التدمير لا التطوير.
