التضامن مع غزة ملحمة متعددة الأشكال ... (3)

12:55 مساء
قراءة 4 دقائق

أم تتبرع بمهر ابنتها وعجوز تتنازل عن تحويشة العمر

قلوب البسطاء خير سند لأبناء غزة

قصص إنسانية شتى خرجت من رحم مأساة غزة عكست تضامن شعوب العالم مع أبناء القطاع في وجه آلة الحرب الاسرائيلية التي استباحت دماء النساء والاطفال والشيوخ، لذا لم يكن مستغرباً أن يهرع البسطاء بالتبرع بكل ما يملكون مهما كان بسيطاً أو عزيزاً عليهم ليكون سنداً لشعب يقاوم دفاعاً عن أرضه وعرضه.

من موريتانيا تبرعت أم بمهر ابنتها لمصلحة أبناء غزة، كما استقبلت اللجنة الشعبية الموريتانية لجمع التبرعات حالات تطوع عدة مثيرة للانتباه، تدل على تفاعل الموريتانيين مع القضية الفلسطينية. كالعجوز التي قالت انها لا تملك إلا جذع بقر بيع بمبلغ 34 ألف أوقية (151 دولاراً) وأضيف ثمنه للتبرعات، كما تبرعت عجوز أخرى بسجادتها ومبخرتها.

وقدمت صبية موريتانية جاءت بنفسها الى اللجنة شبكة عرسها، ولا تزال كلمة العريس مكتوبة على الشبكة وهي مبروك بالرغم من العرف الاجتماعي الذي يقضي بعدم خروج العروس في المجتمع الموريتاني قبل ان تمضي أشهراً عدة محتجبة عن الناس خصوصاً الرجال.

ومن بين قصص التعاطف مع أبناء غزة ما فعله متضامنون مع غزة والذين اغلقوا مقهى في بيروت احتجاجاً على العدوان الصهيوني على القطاع.

وقالت منظمة المظاهرة يارا حركة (23 عاماً) لوكالة فرانس برس نريد استئناف حملة المقاطعة في لبنان وفي الدول العربية وسار المتظاهرون الذين كانوا يعتمرون الكوفيات الفلسطينية في شارع الحمرا ولدى مرورهم امام مقهى ستار بوكس رددوا قاطعوا الصهاينة، فلسطين عربية. وعلى الفور أطفأ عمال المقهى الأنوار وأغلقوا الأبواب وغادروا المكان من دون تعليق.

وفضلاً عن مئات الآلاف الذين خرجوا في عواصم العالم منددين بالقبح الإسرائيلي والمجازر ضد المدنيين والعزل من أهل غزة، واحراق الآلاف من الأعلام الإسرائيلية في الشوارع ودوسها بالأقدام، كانت هناك مواقف ومظاهرات شارك فيها يهود رافضين للحرب على غزة وحاخامات رافعين رايات البراءة من دولة صهيون وأفعالها.

كالحاخام اليهودي الشاب الذي احرق جواز السفر الاسرائيلي في احدى كبريات المظاهرات في لندن، معبراً عن استنكاره ورفضه لذاك الكيان الاجرامي ولكل من ينتمي إليه.

وقال الحاخام: من العار حمل هذا الجواز.

حالة فريدة اخرى جسدها الطبيبان النرويجيان مادس جيلبرت الذي يعمل استاذاً في جامعة ترومسو ومواطنه الجراح اريك سوسه الطبيبان الغربيان الوحيدان في قطاع غزة.

ووصف جيلبرت الذي يعمل في مستشفى الشفاء بمدينة غزة الذي وصل لغزة منذ بدء العدوان الصهيوني على القطاع، جئنا بدافع شخصي، لأننا نعلم أن إسرائيل ترتكب مجازر حرب وتجعل من المدنيين وقوداً لحروبها.

وجيلبرت لا يخاطر بحياته يومياً فقط بل يصف لشعوب العالم بشكل يومي مجازر الاحتلال وضحاياه حيث قال في حديث هاتفي مع صحيفتي زود دويتشه تسايتونج وتاجزشبيجل الألمانيتين: نحن نبتر الأطراف بشكل مستمر يشبه خطوط الانتاج في المصانع، ممرات المستشفى مملوءة بالمشوهين.

ووصف الوضع في مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في قطاع غزة، بأنه مأساوي وأكد ان الوضع يتدهور بشكل متزايد وسريع وقال إن المقاتلات الاسرائيلية قصفت مسجداً قريباً من المستشفى مما أدى الى تدمير جميع النوافذ الزجاجية بالمستشفى في ضوء تراجع درجة الحرارة الى سبع درجات مئوية مما أدى الى احساس جميع المرضى بالبرد الشديد. ووصف ما يجري في غزة بحرب الإبادة وأعرب عن أسفه للاستهداف المباشر للمدنيين وخصوصا الأطفال والنساء، وأكد جيلبرت أن الاحتلال الصهيوني يستهدف بشكل مباشر الأطفال والنساء والشيوخ.

وفي السعودية تبرعت مسنة من منطقة حفر الباطن شرقي المملكة بكل ما تملك من أموال لإغاثة أهالي غزة، وقال مدير مكتب الندوة العالمية للشباب الاسلامي في حفر الباطن، سعدون الشمري إنهم فوجئوا بالمسنة تتبرع بصندوق قديم كانت تجمع فيه نقودها، وتبين ان الحصالة كانت تحتوي على نقود قديمة من عهد الملك عبدالعزيز، وبعض العملات الخليجية والأجنبية القديمة، أما في جدة فتبرعت سيدة بمعاشها الضماني كاملاً فور تسلمها له، وفي الرياض تبرعت سيدة بقيمة منزلها البالغ 600 ألف ريال سعودي، كما شوهد معاق يتبرع بكرسيه، اضافة الى سعوديين تبرعوا بمواد غذائية ووسائل تدفئة.

وفي القاهرة فاجأ جاكوب بندر المخرج اليهودي الأمريكي المشاركين في مؤتمر خريجي جامعة الأزهر بأداء صلوات يهودية على أرواح شهداء العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، وقال أمام المشاركين: إن ما ترتكبه إسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين يعد انتهاكاً لكل الأعراف والقوانين الدولية.

كما ندد المخرج اليهودي بمجازر إسرائيل في غزة وأكد في كلمة ألقاها أمام مؤتمر الرابطة العالمية لخريجي الأزهر: إننا كيهود نشعر بالألم لأننا ونحن نجتمع في القاهرة ونمد جسور الحوار تحدث مأساة كبرى لا نستطيع ان نغض أعيننا عنها.

والتعاطف مع أبناء غزة امتد إلى ملاعب كرة القدم عندما كشف اللاعب فريديريك كانوتيه، عن قميص كتب عليه كلمة فلسطين بلغات عدة بعد احرازه هدف الفوز لاشبيلية في مرمى ديبورتيفو لا كورونا في اللقاء الذي جمع الفريقين في كأس ملك اسبانيا في اشارة الى تضامنه مع الفلسطينيين في صراعهم القائم مع اسرائيل في غزة.

وتبقى التضحية الاكبر بالنفس التي اقدمت عليها ريتشل كوري التي ماتت تحت جرافة اسرائيلية كانت تهدم المباني المدنية في غزة وعلى الرغم من مرور اكثر من اربع سنوات على رحيلها إلا ان ذكراها لا تزال عالقة في أذهان الفلسطينيين وما أحوجهم اليها في مثل هذه اللحظة، لتشاركهم همومهم ومعاناتهم!

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"