أجسام بشرية مضادة لمكافحة حمى الضنك

02:23 صباحا
قراءة 4 دقائق

تمكَّن باحثون في معهد الطب الحيوي في مدينة بيلِّينزونا (جنوب سويسرا)، من إنتاج أجسام مضادة بشرية قادِرة على كبْح جِماح فيروس حمَّى الضَّنك (ويُسمى أيضا الدنك وحمى الوادي المتصدع أو حمى العظم المكسور)، وهي خُطوة مهمة قد تُساعد على مكافحة أمراض فيروسية أخرى .

قال شين يونغ سوو، رئيس منظمة الصحة العالمية لمنطقة وسط غرب المحيط الهادي: مكافحة حمَّى الضَّنك، مسؤوليتنا جميعاً، واعتبر المرض: تهديداً خطراً للعالم بأسْرِه .

وحمَّى الضَّنك، مرض فيروسي ينتقل من خلال لدغات البَعوض ويتسبَّب سنوياً في ملايين الإصابات، وبنحو 20 ألف حالة وفاة، فيما تنتَشر عدْوَاه بشكل ظاهِر في كلّ من إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا وأستراليا .

ويُعتبر انتشار المرض مبعَث قلق حقيقياً، إذ مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، أصبح خطر المرض يمتدّ خارج المناطق المدارية . وقد أعلنت فرنسا في شهر سبتمبر/ايلول الماضي عن عثورها في مدينة نيس على أول حالة إصابة بمرض الضَّنك بين السكان الأصلِيين .

ومن أجل الحدّ من خطَر هذا الوباء على المستوى العالمي، طوّر معهد أبحاث الطب الحيوي في بيلِّينزونا (كانتون تيتشينو - جنوب سويسرا) طريقة يُمكن بواسطتها الحدّ من عمل الفيروس .

وفي هذا الخصوص، نقلت الإذاعة السويسرية سويس انفو عن مارتينا بيلتراميللو، الباحثة في المعهد قولها: تمكَّنّا من تحديد أنواع من الأجسام المُضادة، القادِرة على اعتراض كلِّ أشكال حمَّى الضنك .

وبحسب بيلتراميللو، فإن وجود أربعة أشكال مُغايرة من الفيروس، يجعل من الصعوبة بمكان التوصُّل إلى لقاح .

وأشارت الباحثة إلى أن الأشخاص المُصابين لأول مرة، يتعافَوْن بسهولة وينتجون أجساماً مضادّة تُوَفِّر لهم الوقاية، في حالة تعرُّضِهم بالإصابة مرّة ثانية بنفس النوع من الفيروس . أما إذا كان نوع الفيروس مُغايراً لسابِقه، فمن المُحتمل أن يكون لهذه الأجسام المضادّة مُضاعفات عكسِية . فبدلاً من أن تمنع العدْوى، تسهِّلها وتؤدِّي في المقابل إلى ظهور حالة نزيف دَموي خطرة جداً .

وقد قام فريق البحث في معهد أبحاث الطب الحيوي في بيلينزونا، بعزل ثلاثة أنواع من الأجسام المُضادة، من خلال عيِّنات دَم لأشخاص فيتناميين تعافَوا من مرض الضَّنك، ثم تمكَّن الفريق في وقت لاحق، من تحْييد الآثار الجانبية المُحتملة لتلك الأجسام المضادّة، باستِخدام تقنية التَّعديل الوِراثي .

وفي المحصِّلة، أحرز الفريق خليط أجسام مضادّة ذا مستقبل واعِد، إذ كشفت الاختبارات، التي أجرِيَت على الفئران في جامعة بيركلي الأمريكية، عن أن للأجسام المضادّة قُدرة على منع حصول العدوى، حتى لو تم حقْنها في الجسم بعد 48 ساعة من الإصابة بالمرض .

وظاهِر الأمر، أن المهمّة التي اضطلع عليها معهد أبحاث الطب الحيوي، لا تتوافق إلى حد ما مع النهج المُتَّبع داخل الأوساط العلمية .

منذ أسابيع، نُشرت دراسة قامت بها جامعة نوشاتيل، أفادت بأن أمراضاً مثل العمى النَّهري ومرض شاغاس وحمَّى الضنك، لا تنال حظَّها من الدراسة والبحث، نظراً إلى أرباحها غيْر المُغرية لمصانع الأدوية .

ومن خلال مؤلّفها المنشور حول الموضوع، أشارت بياتريس شتيرنر إلى أنه من الصَّعب جداً تشجيع شركة ما من شركات صناعة الأدوية والعقاقير لكي تعمل بشكل مُنفرد على تطوير لقاح فاعل ضدّ أحد الأمراض المُهمَلة .

وترى شتيرنر، التي تعمل لدى معهد الحق في الرعاية الصحية، التابع لجامعة نوشاتيل، أنه بالإمكان إيجاد حلٍّ من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعيْن، العام والخاص، وألحظت إلى وفْرة الأمثلة على مثل هذا التعاون الناجح فهناك شركات أدوية وشركات مُستحضرات طبية، قدّمت وما زالت تقدِّم لمنظمات غيْر حكومية، بيانات سرية حول المُستحضرات التي تتولَّى دراستها .

كما ألمحت شتيرنر إلى وجود حلٍّ آخر، يتمثل في إنشاء خزانة مشتركة لبَراءات الاختراع، على شكل مُستودع تضع فيه الشركات براءات الاختراع الخاصة بها تحت تصرّف الأشخاص الرّاغبين في البحث والدراسة في مجال الأمراض المُهمَلة، وهذا من شأنه أن يُعطي المجال للاستِفادة من خطوات التقدّم العِلمي ويوفّر الكثير من التعقيدات والأخذ والردّ .

وبالمقارنة مع غيره من الأمراض، قد يبدو مرض حمَّى الضَّنك هَيِّناً، كما أوضحت مارتينا بيلتراميللو، واستدركت قائلة: لكن، إذا أخذنا بعين الاعتبار ما للعوْلمة من أثَر في تشجيع حركة تنقل الناس، إضافة إلى ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة، نُدرِك بلا شك المدى الذي يُمكن أن يصل إليه انتِشار فيروس حمَّى الضنك .

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، ارتفع عدد الإصابات بالمرض إلى أكثر من الضّعف على مدى العقد الماضي، كما لوحظ هذا العام في بعض البلدان، مثل لاوس والفيلبِّين، زيادة واضحة في انتِشار المرض، ولذلك، من مصلحة العِلم النظر إلى المستقبل، كما ذكَّرت بيلتراميللو .

كما أن الباحثة بيلتراميللو لا تطيش في شِبْر من ماء وتُبقي قدمَيْها على الأرض ولا تتوهَّم الطيران في السماء ولا تَعِد بعلاج لحمَّى الضنك بين عشِية وضُحاها، لكنها تقول: نأمل في إمكانية تطبيق العِلاج على البشر، إلا أن المشوار طويل والتوصُّل إلى لقاح يستغرِق سنوات .

وأخيرا، يمكن للطريقة التي تمّ التوصل إليها في التعامل مع حمَّى الضنك، أن تُستَخدَم أيضاً في مكافحة أمراض أخرى . فبحسب بيلتراميللو: أسْلوب دراسة الاستِجابة المناعية للأشخاص المُصابين والتعرف إلى كفاءة الأجسام المضادّة، الذي توصَّل إليه معهد أبحاث الطب الحيوي، وعلى وجه الخصوص مدير المعهد أنطونيو لانزافيكيا، يُمكن تطبيقه على أمراض أخرى، مثل الإنفلونزا والملاريا والسارس .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"