عادي
التاريخ المخبوء . . فلسطين وشرق المتوسط

كتاب موثّق يقوّض المزاعم الصهيونية

04:12 صباحا
قراءة 9 دقائق
تأليف: باسم رعد -عرض وترجمة: محمد إبراهيم فقير

يدرك معظم الفلسطينيين والعرب، والمتعاطفون معهم، أن عملية اختطاف فلسطين وتحويلها لكيان يدعى إسرائيل انطوت على كم هائل من الأكاذيب، والتضليل، والتهويمات المبالغ فيها، بيد أن قلة قليلة تدرك مدى وتفاصيل الأكذوبة، أو الأبعاد الكاملة للتاريخ الحي الذي تم طمسه خلال عملية نهش فلسطين .

وفي كتابه: التاريخ المخبوء فلسطين وشرق المتوسط، يأخذنا بروفيسور باسم رعد المحاضر في جامعات القدس، وأمريكا، وكندا في سياحة زمانية ومكانية تراوح بين الحضارة الكنعانية القديمة وفلسطين المحتلة حالياً .

في مقدمة الكتاب يقول رعد إن قضية فلسطين تحتاج لمراجعة شاملة لتاريخ المنطقة، لإزالة التحريفات والتشويه الهائل الذي أحدثته الأبحاث والدراسات الانجيلية والصهيونية .

ويفند رعد ببراعة أكاديمية وبراهين أثرية موثقة، معظم المزاعم التي شكلها باحثون، ومؤرخون، وكهنة إنجيليون وصهاينة لتدعيم حججهم وذرائعهم الواهية بأحقيتهم الدينية والثقافية والتاريخية في فلسطين .

ويقول رعد، إن المفاهيم والتصورات الغربية التي تتعلق بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، تشكلت عبر عدة عوامل معقدة ومتنوعة، وثمة مفاهيم رئيسية وقوالب تحكم نظرة الغربيين لشعوب وأرض منطقة شرق المتوسط التي تضم فلسطين وسوريا ولبنان . . الخ .

في الفصل الأول من الكتاب يقول رعد: ينظر الغربيون والصهاينة إلى كنعان أرض وشعب فلسطين قديماً باعتبارها أرضاً مثالية، في حين أن الكنعانيين أنفسهم، أشرار وأبالسة لا يستحقون هذه الأراضي الخصبة المثمرة .

ولذلك طور الصهاينة والغربيون على مر العصور، أوهاما دينية تفترض أن الكنعانيين ينحدرون من كنعان بن حام، وهو أحد أبناء نوح وتفترض الأوهام الدينية، أن نوحاً لعن كنعان وفرض عليه الاسترقاق، وهذا اللعن المستند إلى أسس دينية، يعتبر خطوة تحضيرية يجرى بعدها إقصاء الملعونين باعتبارهم سلالة شيطانية يستحل الاستيلاء على أراضيهم وقتل وتدمير أبنائهم .

وهذا المفهوم - مفهوم السلالات النقية المثالية التي تستحق الأراضي الخصبة، الذي يسير جنباً إلى جنب مع فكرة الناس الذين يفضلهم الله ويمنحهم حق وامتياز اقتلاعها ممن يحتلونها ولا يستحقونها - تم استغلاله في مشاريع استعمارية كثيرة في فلسطين وفي إفريقيا وفي الأمريكتين .

ونتيجة لهذه الأوهام الدينية الإنجيلية، استمرأ الأوروبيون النظر لفلسطين أو كنعان باعتبارها الأرض المقدسة أو أرض الميعاد . ولذلك يمجد البريطانيون الجنرال اللنبي لأنه نجح في غزو فلسطين واحتلالها في ،1917 ويعتبر البريطانيون والغربيون عموماً وعد بلفور لليهود بمثابة استيفاء روحاني .

بيد أن مصطلح الأرض المقدسة أو أرض الميعاد، أصبح بمرور الزمن مصطلحاً بالياً وسيء الحظ .

فالاكتشافات الأثرية والأبحاث الدينية والتاريخية التي ظهرت في ال 150 عاماً الماضية، بعثرت كثيراً من المفاهيم المغلوطة والتصورات المرتكزة على الأناجيل .

ويمتلئ كتاب العهد القديم - الإنجيلي التوراتي - بالعنف والكراهية تجاه الآخرين، ويستغل هذا الكتاب لدعم كل أنماط المشاريع الاستعمارية والأيدولوجيات الاحتكارية والإقصائية .

في الفصلين الثاني والثالث، يستعرض رعد، كيف حُرفت النصوص والشواهد الدينية والتاريخية لتخدم الأجندات الاستعمارية للصهيونية والنصرانية .

فالمواقع التي تنسب زوراً لشخصيات نصرانية، هي في الأصل مواقع وثنية، حولتها الإمبراطورية البيزنطية في القرن الرابع الميلادي كي تصبح شواهد دينية نصرانية، وبعد فترة زمنية طويلة أضفت الصهيونية المعاصرة، طابع العهد القديم التوراتي على تلك المواقع، وبالإضافة إلى الحقائق التاريخية التي مفادها بأن هذه المواقع ليس لديها ارتباط أصيل بالوقائع النصرانية، يرجح أن بعض المفاهيم مثل مفهوم الهيكل Temple جرى نقلها أو تحويلها من أماكن شتى لفلسطين .

ويستشهد رعد بمؤلفات المؤرخ ديفيد هنت أستاذ التاريخ في جامعة درم بإنجلترا وأبرزها كتاب الحج المقدس في الأمبراطورية الرومانية، وفي هذا الكتاب يصف بروفسير هنت بأبحاث تاريخية موثقة، كيف أمر الإمبراطور الروماني كونستانتين - بتوجيهات واضحة - يوزبيوس أسقف فلسطين كي يهدم أي أثر وثني ويشيد في مكانه مزارات دينية نصرانية، ويستشهد رعد كذلك بكتاب الطبيعة المقدسة الذي كتبه المؤرخ الإسرائيلي ميرون بينفينستي، وأورد فيه وصفاً لتزوير الصهاينة للخارطة اليهودية لإزالة السمة الفلسطينية المميزة للمنطقة، ويصف بينفينستي بالتفصيل وقائع وشواهد عديدة عمد فيها الصهاينة، لفبركة واستحداث ذرائع واستراتيجيات منوعة لتهويد مواقع ومباني، وهذه الذرائع استغلت لضمان الهيمنة على مواقع رئيسية ومهمة، كان المسلمون يحافظون عليها . ويقول بينفينيستي إن إسرائيل - بعد أن احتلت الضفة الغربية في 1967 - سمحت بتسلل اليهود المتطرفين لمنطقة الحرم الإبراهيمي، وشيئاً فشيئاً تحول ثلثا مسجد الحرم الإبراهيمي لمعبد يهودي . وهذا في الحقيقة يعد تكرارا لعمليات التحويل القسري للمواقع التاريخية والدينية .

ويستشهد رعد بالموسوعة اليهودية التي ورد فيها ما يأتي:

في الحقبة الجيونية، حقبة يهودية قديمة كان موقع الصلاة والتجمع لليهود، في جبل الزيتون، وفي سنة 1520 ميلادية أصبح حائط المبكي (البراق) سمة أو معلماً أساسياً في المعتقدات اليهودية، وهذا التحول ناجم إما عن هجرة اليهود من إسبانيا، أو نتيجة للغزو التركي في 1518 . وبذلك أقرت الدوائر الصهيونية بأمر لم يكن يذكر، وهو أن حائط المبكي اكتسب حرمة دينية، وأصبح مقدساً قبل حوالي 500 عام فقط . فاليهود الذين طردوا من إسبانيا جاءوا للقدس، ورأوا أحجارا ضخمة مقابل قبة الصخرة، وقرروا أن يتعبدوا هناك واعتبروا ذلك المكان بمثابة ذكرى الهيكل المزعوم .

ويستشهد رعد أيضاً بالباحث الديني إرنست مارتن، الذي توصل لنفس النتائج السالفة، وقد ارتكزت أبحاث مارتن على دراسات ومؤلفات المؤرخ اليهودي الاغريقي يوسيفوس فلافيوس الذي عاش في القرن الأول الميلادي، واستند مارتن كذلك على بعض الأبحاث الأثرية، ويؤكد مارتن أن الهيكل اليهودي لا يمكن أن يكون موجوداً في موقع الحرم الشريف .

ويؤمن مارتن بأن موقع الهيكل يفترض أن يكون على بعد مئات الأمتار، تحديداً في هضبة أوفيل .

ويقول رعد إن مفهوم المعبد أو الهيكل الأول برمته، أصبح مفهوماً مشكوكاً فيه، وغير قابل للتصديق، إذ كيف يمكن ان يكون المعبد أو الهيكل الأول ينتمي للقرن العاشر قبل الميلاد، يهودياً في حين أن اليهودية نفسها لم تكن قد بدأت تظهر كديانة إلا بعد عدة قرون من الزمن الذي يفترض فيه تواجد مملكة سولومون .

في الفصلين الرابع والخامس، يستعرض رعد بتفصيل مدعم بحقائق تاريخية وشواهد أثرية، نتائج الاكتشافات الأثرية ودحضها للمزاعم الصهيونية المتعلقة بالعرب واللغة العربية .

ففي العام ،1928 اكتشفت - في سوريا - أطلال مدينة أوغاريت التي كانت مزدهرة في القرن الثاني قبل الميلاد، وقد قوضت المخطوطات الأوغاريتية المكتشفة، كثيراً من الادعاءات القديمة التي كانت راسخة في الأبحاث والدراسات الانجيلية .

فقد أظهرت المخطوطات الأوغاريتية - إلى جانب اكتشافات أثرية أبكر في العراق ومصر - تركيب المعابد الكنعانية بتفصيل أكثر .

كذلك أوضحت الاكتشافات الأثرية أن نظام الكتابة الأوغاريتية - تعرف بالنمط المسماري - يعتبر مكملاً للأبجدية، كما اتضح أن اللغة الأوغاريتية التي كانت مستخدمة، كانت قريبة للغاية من اللغة الكنعانية القديمة، وكذلك من اللغة العربية المعاصرة .

وهكذا، تدحض الآثار الأوغاريتية كثيرا من المفاهيم المغلوطة والمشوهة المتعلقة باللغة العربية واللغات القديمة الأخرى، فهذه الاكتشافات تخبرنا - على سبيل المثال - بأن الأبحاث وطرق التفكير المتحيزة التي كانت تعتبر الكلمات الأوغاريتية، مشابهة أو مماثلة للعبرية، كانت أبحاث مضللة الغرض منها خدمة الأجندة الصهيونية والنصرانية .

ويقول رعد إن قلة من الباحثين الغربيين بدأت تقر بتشابه الأوغاريتية كلغة بالعربية، ويستشهد في هذا السياق باثنين من أبرز الخبراء في هذا الحقل، وهما العالمان مانفريد ديتريش وأوزوالد لوريتز اللذان لم يترددا في الإقرار بأن الأوغاريتية تعتبر مماثلة للعربية، وهكذا، يقول رعد، يصبح من الصعوبة بمكان، المحافظة على المزاعم الصهيونية الغربية، التي تقول إن اللغة العربية دخلت منطقة فلسطين وسوريا مع فتوحات العرب والمسلمين في سنة 638 الميلادية .

والغرض من هذه المزاعم هو ترسيخ أقديمية الديانات والحضارات والثقافات، وكذلك اللغات التي تدعم سلفية وبالتالي أحقية الصهاينة والنصرانيين في فلسطين .

القسم الثاني من الكتاب الذي جاء بعنوان: الخرافات المعاصرة والتاريخ الاستقلالي، يستهله رعد بالتشكيك - المدعوم بأسانيد منطقية - في انتماء الاسرائيليين المعاصرين لليهود القدماء .

ويقول رعد إن الصهاينة يزعمون أن الهيكل أو المزار الديني الأول، شيد في فلسطين في القرن العاشر قبل الميلاد، في حين أن الناس الذين كانوا يعيشون في فلسطين حينذاك كانوا وثنيين، واليهودية لم تتبلور إلا بعد مرور خمس قرون، ومع ذلك يعد هيكل أو معبد سليمان يهودياً بالرغم من أن اليهودية لم تكن موجودة كديانة .

ويقول رعد، إن هنالك براهين كثيرة تدل على أن اليهود المعاصرين الذين يزعم انتماؤهم للسامية، هم في الحقيقة نتاج تحولات دينية قريبة، وبالتالي لا يتمتعون بأي ميزة تربطهم باليهود القدامى سوى اعتناقهم الديانة اليهودية، وبالرغم من ذلك عمدت الحركة الصهيونية، ودولة إسرائيل إلى ابتداع وتكريس هوية وطنية قائمة على العودة لأرض الأسلاف والأجداد .

وفي العام ،1967 أغضب الصحافي والروائي والباحث اليهودي أرثر كوستيلر، الصهاينة عندما ظهر كتابه: القبيلة الثالثة عشرة، وفي ذلك الكتاب البحثي كشف كوستيلر، تحول قبائل الخزر التي كانت تعيش في شرق أوروبا في القرن الثامن الميلادي، واعتناقهم الديانة اليهودية . وقال كوستيلر إن يهود شرق أوروبا اعتنقوا اليهودية في فترة قريبة في القرن الثامن الميلادي وبعده .

ومؤخراً، صدر كتاب اختراع الشعب اليهودي وهذا الكتاب الذي صدر في ،2009 وضعه المؤرخ الإسرائيلي المعروف شلومو ساند، وذكر فيه أن ثمة تحولات دينية شهدتها قبائل البربر وشعوب أخرى، نجم عنها تشكل يهود شمال إفريقيا وإسبانيا .

وقد ضم المؤرخ والكاتب الاسرائيلي الشهير أوري افنيري، صوته للأصوات المشككة في خرافة الشعب اليهودي المنحدر من اليهود القدماء، وهكذا يمكن القول إجمالاً، إن يهود شرق أوروبا، وشمال إفريقيا، واليهود الإسبان، ليس لديهم نسب أو أرومة سامية وليسوا نتاج الشتات أو المنفى أو السلالة اليهودية، بل هم مجرد متحولين اعتنقوا الديانة اليهودية في عصور حديثة .

ويقول رعد إن أكثرية الروايات الصهيونية التي تحاول تعزيز المزاعم الاستعمارية، روايات محرفة ومحورة، تزعم حيازتها لمعتقدات لم يتضح إلا لاحقاً صلتها بما أصبح يعرف باليهودية بعد القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد .

فرواية سفر الخرجو التوراتية مثلاً التي يزعم أنها تعود للقرن الرابع عشر قبل الميلاد، اتضح أنها مأخوذة من روايات أسطورية سالفة تعود لشعوب أخرى . وفي الحقيقة وكما قال عدة باحثين، لا يوجد أي أصل لرواية سفر الخروج exodus، والإسرائيليون أنفسهم لم يكونوا أبداً موجودين في مصر، ولا يوجد أصل لما يعرف ب غزو أرض الميعاد .

ونتيجة لهذه الأكاذيب والأساطير، التي أصبحت راسخة، أصبحت منطقة شرق المتوسط تعرف في الدوائر الغربية والصهيونية ب أرض الإنجيل .

وفي القرن التاسع عشر، تسارعت الخطوات الممهدة لاغتصاب فلسطين، وكون المتطرفون دينياً في الولايات المتحدة وبريطانيا صندوقاً لدعم ما كان يعرف حينذاك ب استكشاف فلسطين، وفي أول اجتماع علني لهذا الصندوق في سنة ،1865 قال المطران ويليام طومسون رئيس أساقفة يورك وأول رئيس للصندوق:

هذه البلد التي اسمها فلسطين، ملكنا وقد منحها الرب لأب إسرائيل . . . إنها الأرض التي سيأتي منها نبأ خلاصنا من الخطايا، إها الأرض التي تشكل ينبوع كل آمالنا، الأرض التي ينبغي أن نوفيها حقها من الحب والوطنية والتكريس، تماماً كما نفعل مع محبوبتنا الأزلية، انجلترا .

يؤكد رعد إذاً، على أن المسيحيين المتطرفين الغربيين عملوا ومهدوا لبروز الحركة اليهودية الصهيونية، التي تمكنت، بفضل مساعدة الغرب لها، من احتلال فلسطين .

ويقول رعد إن الاحتلال الصهيوني لفلسطين، أقسى وأبشع من الاحتلال والغزوات الإمبريالية التي حدثت في الفترات والقرون التي سبقته، فالقوى الكولونيالية - الغربية - كانت تسعى لفرض لغاتها، ودينها، وقيمها، وملابسها، ونمط حياتها على المستعمرين، بينما عملت إسرائيل على اقتلاع كل ما يمت بصلة للسكان الاصليين، وسعت بطريقة منهجية لتحقير بيئتهم وحياتهم، وقد فعلت ذلك عبر مصادرة الأراضي، وتدمير الأراضي الزراعية، واجتثاث الأشجار، وتدمير المنازل، ومنع التحرك بحرية، وتحريف مصادر المياه، وعزل المدن والقرى عن بعضها بعضا، بالإضافة لفرض ضوابط وسياسات وقيود أخرى معدة ومصممة لجعل حياة المحتلين لا تطاق، بحيث يسعى السكان الأصليون لترك هذا الضنك والمغادرة، أو على الأقل تجعل الذين يرغبون في المكوث مستسلمين وصاغرين . والهدف من كل ذلك هو بالطبع، إزالة أي أثر - ولو ضئيل - للشعب الفلسطيني الذين يعتبر أقدم سكان البلاد .

إخفاء وفبركة كل هذه الحقائق والوقائع التاريخية - التي وردت في هذا الكتاب - كانت نتيجته اعتبار الاسرائيليين أقدم الشعوب التي استوطنت فلسطين، واعتبار اللغة العبرية اللغة المفتاحية في المنطقة، واليهودية أقدم ديانة غير وثنية .

وقد أسهمت دقة وتمكن بروفيسور باسم رعد من اللغة الانجليزية واللغات الشرقية في تحقيق أهدافه البحثية، وكل من يقرأ الكتاب بالتفصيل يقتنع بوجاهة رؤاه، خصوصاً في ما يتعلق بتفكيك وتفنيد الأبحاث اللغوية الصهيونية والغربية المضللة - يستشهد رعد بآثار ووثائق تاريخية وأبحاث علمية رصينة - وفي خاتمة كتابه يفرد رعد فصلاً لتحريف الصهاينة لأسماء القرى والأماكن المقدسة في فلسطين، لإنقاذ التاريخ من مخالب التعصب الديني والثقافي الصهيوني .

ويقدم رعد للقارئ مجموعة من الاكتشافات الأثرية مدعمة بصور وأشكال توضيحية، والأبجديات القديمة، والعادات والأزياء والممارسات الثقافية، وكذلك لإظهار استمرارية الحضارة والثقافة الكنعانية والعربية وتأثيراتها على الفلسطينيين وشعوب المنطقة المستمرة حتى يومنا هذا .

ويجادل رعد الإقناع، بأن اللغة العربية هي الوريث الحقيقي والصحيح للغات المنطقة القديمة، بينما اللغة العبرية القديمة لا تعدو كونها مجرد إستنساخ من اللغة الآرامية، التي هي إحدى اللغات التي تكاملت بالتدريج مع اللغة العربية، واندمجت فيها، فهي إذاً لغة فرعية وليست أصلاً .

وكل البراهين والأدلة والأبحاث والوثائق والشواهد، التي ساقها رعد في كتابه القيم والممتع في آن، والتي للأسف لا يتسع المجال لذكرها كلها، تقوض قلاع المزاعم الصهيونية والتي أبرزها، الزعم بأن العرب أتوا لفلسطين لأول مرة مع دخول المسلمين في القرن السابع الميلادي .

وفي مقدمة كتابه، صاغ رعد هذه العبارة التي تعبر بصدق عن الواقع الظالم والمظلم الذي يعيشه عالمنا اليوم، فهو يقول: بالنسبة لي، وكتعبير مجازي، أعتبر نصف العالم مماثلاً لفلسطين، إذ إن نصف العالم لا يزال مقموعاً ومطموراً، ومهمشاً، وبذل الجهد من أجل مقاربة وتبصير حقيقي بتاريخ فلسطين قد تكون له قيمة إيجابية للإنسانية كلها بحيث يزداد الوعي الإنساني ويتحقق على الأقل النذر اليسير من العدالة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"