أهلاً رمضان

فنجان قهوة
03:46 صباحا
قراءة دقيقتين

أهلا رمضان شهر الروحانية والتقوى وانشراح الصدر لعبادة الخالق، وإذا كانت الصلاة كبيرة إلا على الخاشعين الذين يرون فيها راحة للروح والنفس والقلب معاً، فإن رمضان كبير أيضاً إلا على الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وإذا كنت تشعر أن روحك تكاد تقفز إلى أنفك في هذا الشهر الفضيل، وأنك تعاني من الجوع والعطش، أو أن صدرك يضيق كأنك تصعد في الآفاق فاعلم أن هناك خطأ ما في حياتك، وجاء رمضان لينبهك إلى ضرورة تصحيحه، فرمضان ليس مجرد امتناع عن الأكل والشرب طول النهار وإنما هو فحص طبي شامل يجرى لك في كل عام.

ورمضان ينبغي أن يمر مثل باقي أشهر السنة بالنسبة للذين لا يأكلون حتى يجوعوا، وإذا أكلوا لا يشبعون، جرياً على السنة الشريفة التي تقول إن الإنسان ما ملأ وعاء شراً من بطنه، والتي توصينا بأنه حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه، والذين اهتدوا بالإسلام وساروا على هذه السنة لا يجدون ضنكاً في رمضان ولا يحسون بوطأة الجوع والعطش، وهؤلاء لا يعانون من السمنة وأمراضها، أما الذين اعتادوا الأكل حتى الامتلاء من دون أن يتركوا مساحة حتى للشرب ولا للنفس، فإن رمضان يمر مرهقاً عليهم لكنه يحمل إليهم تحذيراً في كل عام، بضرورة الاعتدال في الأكل، وهذه حكمة فريدة من حكم رمضان.

والذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه يدركون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وأن التدخين يؤدي إلى سلسلة طويلة من الأمراض، ليس أقلها سرطان الرئة وأمراض القلب والرئة والشرايين، تجدها مكتوبة على غلاف علب السجائر، لذلك فإنهم يحرصون على الابتعاد عن التدخين والمدخنين. وإذا كنت تشعر بالحنين إلى السيجارة في رمضان، أو أن الإدمان يجعلك تنظر إلى القلم في يدك فتظنه سيجارة، وإلى عامود الكهرباء في الشارع فتظنه كذلك، وتتحدث إلى الآخرين فتسمع أصواتهم وكأنها صفير قطارات أو ضربات معاول في رأسك، لمجرد أنك محروم من التدخين، فتذكر أن رمضان يعاودك كل عام لكي يحمل لك تحذيراً آخر غير مكتوب على علبة السجائر بأن التدخين لا يضر بصحتك فقط وإنما يجعل طاعة الله صعبة عليك.

ورمضان شهر التسامح والنقاء الداخلي والخارجي، وليس شهر الامتناع عن الأكل والشرب فقط، ونسأل الله ألا نكون من الذين ليس لهم من صومهم إلا الجوع والعطش، فإذا عانيت من ضنك فيه فاعلم أن هناك خطأ في سلوكك وأن وعاداتك هي التي جلبت لك الضنك، لا رمضان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"