عادي

«زيكا».. مرض الفقر والتغير المناخي

02:39 صباحا
قراءة 3 دقائق
تقرير لمجموعة من المحررين موقع «إنفورمد كومنت»

تقول الدكتورة كلير وينهام، الباحثة في مركز سياسات الصحة العامة في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، إن «زيكا هو مرض الفقر، مماثل لأمراض استوائية مهملة، مثل حمى شيكونغونيا النزفية، وحمى الضنك. والعبء يقع بصورة غير متكافئة على السكان الفقراء، الذين يعيشون بالقرب من مصادر مياه مفتوحة تجذب البعوض، والذين يفتقرون إلى الموارد اللازمة لحماية أنفسهم بوسائل الوقاية».
بينما ينوء العالم تحت وطأة كوارث أحداث طقس قصوى، ويدرك أكثر فأكثر الوقائع الخطرة للتغير المناخي، فإنه يواجه الآن تفشي فيروس زيكا، وهذا الفيروس الذي اكتشف قبل 70 سنة، تنشره أساساً البعوضة الزاعجة - التي تتكاثر في المناخات الحارة والرطبة، والتي تنقل أيضاً، عدوى حمى الضنك، والشيكونغونيا، والحمى الصفراء.
ومرض زيكا الاستوائي منتشر عبر الأمريكتين، لكن مع تزايد احترار الكوكب، وتوسع المناطق التي تتكاثر فيها هذه البعوضة، فإن الخطر أيضاً يزداد انتشاراً. وفيروس زيكا يسبب أعراضاً معتدلة شبيهة بأعراض الإنفلونزا، لكن بين النساء الحوامل يشتبه بأنه يسبب الصعل، أو صغر الرأس، وهو اختلال في الأجنة، يعيق نمو الدماغ في الرحم، وبعد الإعلان عن اكتشاف 4000 حالة في البرازيل العام الفائت وحده، تم تحذير النساء الحوامل من حضور الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو، العام الحالي، في حين حثت السلطات في كولومبيا، وجامايكا، والسلفادور وفنزويلا النساء، على تجنب الحمل. كما يدعو خبراء ومعلقون إلى رد دولي منسق على تفشي الفيروس، من أجل حماية الناس في المناطق الأكثر تأثراً بالأزمة، التي يشكل الناس الأكثر فقراً، والأكثر عرضة للأمراض، ضحاياها الرئيسيين.
وكما تظهر أزمة زيكا، فإن التغير المناخي، هو قضية صحة عامة. إذ إن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الطقس يزيدان انتشار الأمراض المرتبطة بالحر، ويخفضان غلال المحاصيل، ويعطلان الوصول إلى مياه نظيفة، وكل ذلك له عواقب وخيمة على الصحة. كما أن الاحترار المناخي، سيساعد في انتشار الأمراض المعدية، ويسهل تكاثر البعوض وانتشاره، حيث لم يكن يوجد من قبل، ويزيد انتشار الأمراض، التي تنقل بواسطة المياه والأغذية الملوثة.
إن تأثيرات المناخ لا تعرف حدوداً وطنية. والناس الأكثر عرضة للمخاطر في العالم هم في الخطوط الأمامية للتغير المناخي، في حين أن تأثيرات هذا التغير المناخي ستدفع ب 720 مليون إنسان إضافي، إلى هوة الفقر.
وكما أن أحداث الطقس القصوى الناجمة عن التغير المناخي، مثل الفيضانات والزوابع وموجات الحر، لا توفر أي قارة، فإن احترار الكوكب يساعد في انتشار الأمراض الاستوائية إلى أبعد من المناطق التي كان يبقى محصوراً فيها في الماضي. وكثافة حركة السفر العالمية تسرع هذا الانتشار. وهذا التحدي العالمي يحتاج إلى حل عالمي.
إن الحد من احترار الكوكب يعني منافع للمناخ، والصحة، والاقتصاد. ومع ثبوت أن العام 2015 كان الأكثر سخونة، منذ بدء تسجيل درجات الحرارة في العالم، في القرن التاسع عشر، لم يعد بالإمكان حماية المجتمعات البشرية من تخريب التغير المناخي، إلّا من خلال تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة، ما يعني ضرورة ترك الوقود الأحفوري تحت الأرض، ومن خلال التطبيق السريع لاتفاق قمة باريس، بشأن مكافحة التغير المناخي، والعمل من أجل مستقبل يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 100%، فإن الحكومات لن تتمكن فقط من حماية الصحة العامة، وكبح انتشار الأمراض، وإنما ستحقق أيضاً منافع هائلة لمواطني واقتصاديات العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"