ألغاز كوريا الشمالية

04:10 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

من الصعب معرفة ما يدور داخل كوريا الشمالية، أو الخيارات التي ستتوخاها من التعامل مع قضاياها الداخلية، والخارجية. ولكن الثابت الوحيد أنها دولة غامضة، وألغازها مثيرة وصعبة على الرصد، والفهم. ومع ذلك يمكن التكهن بأن شيئاً ما يجري الإعداد له، سواء على مستوى القيادة في بيونج يانج، أو في ما يتعلق بعلاقتها مع جارتها الجنوبية سيؤول، وحلفائها، وفي صدارتهم الولايات المتحدة.

وزير الدفاع الياباني، تارو كونو، أبدى شكوكاً كبيرة بشأن صحة زعيم كوريا الشمالية، كيم جون أون، الذي أوغل في التواري عن الأنظار في الأسابيع القليلة الماضية. وهناك تقارير متطابقة تشير إلى تدهور صحته، وبيانات أخرى تؤكد أن صحته جيدة، ويدير سلطته بعيداً عن الأضواء. وفي غياب أي دليل يرجح أحد الاحتمالين، لا يمكن استبعاد احتمال ثالث يشير إلى صراع على مقربة من قمة الهرم، وهو ما تتحدث عنه مصادر غربية، وبعضها يراهن على أن في الأمر شبهة كبيرة. فبعد أيام من التوتر مع سيؤول، إثر نسف مركز للاتصال بين البلدين وتكثيف المنشورات العدائية، أعلنت وسائل إعلام كوريا الشمالية أن كيم علّق خطط القيام بعمل عسكري ضد كورويا الجنوبية، من دون أن يوجد سبب واضح لمثل هذا الموقف، فقبل أشهر كان «الشقيقان العدوان» في أفضل حال، يجري التواصل بينهما على أعلى المستويات، بعد ثلاث قمم جمعت كيم مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فضلاً عن اجتماعات مع رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي-إن.

حديث بيونج يانج عن تعليق خطط عمل عسكري ضد الجنوب، يعني وجود صراع ما، داخل قيادتها السياسية، يزيده غموضاً الغياب غير المفسر لكيم جون أون، عن المشهد، فلم يتعود المتابعون لسياسة هذا البلد مثل هذا الاضطراب، والتذبذب، فالنظام ديكتاتوري، ولا يقبل المعارضة، أو النقاش، وكذلك كان نمط حكم والد كيم، وجده، فالبلاد كلها بيد «الزعيم الملهم»، يفعل بها ما يشاء. أما اليوم فيبدو الوضع مختلفاً، وغير مألوف، ما يرجح أن نظام الحفيد يشكو خللاً هيكلياً، قد تكشف الأيام المقبلة عن فحواه ونتائجه

والتصعيد المفاجئ الذي ظهر بين الكوريتين، لا يقتصر على مشكلة بيونج يانج، وإنما يتعداها إلى مجال أوسع، ويتعلق أساساً بالأوضاع الجيوسياسية المتحركة في منطقة جنوبي آسيا. ومن العوامل الكبرى لذلك، الصراع الصيني- الأمريكي المحتدم بعد انتشار جائحة كورونا. ومن نتائج هذا الصراع إفلاس سياسة واشنطن مع كورويا الشمالية، ويبدو أن ترامب سيكون أفشل رئيس للولايات المتحدة في التعامل مع كوريا الشمالية، رغم أنه التقى زعيمها، وتبادل الاثنان الكثير من الإطراء والغزل من دون فائدة. وكان واضحاً أن بكين لم تكن ترغب، منذ البداية، في أن تمنح خصمها جائزة لا يستحقها، حتى لا يستثمرها ضدها. وبعد أن فعلت «كورونا» فعلها في العلاقات الدولية، ربما وجد صناع القرار في المنطقة أن الوضع ليس مناسباً لتطبيع الوضع بين واشنطن، وبيونج يانج، وإنما يحتاج إلى توتر محسوب لاستكمال السيناريو التالي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"