ورطة نتنياهو المزدوجة

03:08 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

الارتباك الذي بدت عليه حكومة الاحتلال حيال خطة ضم أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية، يؤكد أن العملية ليست سهلة على الإطلاق، وليس سهلاً على المجتمع الدولي تقبلها والاعتراف بها، خصوصاً في ظل مواقف الرفض الحاسمة من المجتمع الدولي كله، وتردد الولايات المتحدة، التي يبدو أنها استوعبت، أن اندفاع رئيسها دونالد ترامب، لم يكن حكيماً، وربما سيفقدها أكثر مما فقدت من حلفاء ومصداقية وعظمة.

مر اليوم الموعود، ولم يبدأ الضم، وقد يكون الأمر مناورة أو خدعة، ولكن ما بدا من مواقف وتلميحات، يشير إلى صعوبات جمة. وحتى لا يظهر رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في مظهر الخائب، تعلل بما سمّاها «اعتبارات أمنية وسياسية» حالت دون التنفيذ، بينما تنصل شريكه في الحكم بيني جانتس من القضية، وقال إن الأولوية لمحاربة «كورونا»، في وقت بدأت تسريبات تلمح إلى تأجيل ضم مستوطنات الضفة الغربية وغور الأردن إلى وقت أقصاه الثالث من نوفمبر المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولكن ذلك سيظل مشروطاً بموافقة إدارة دونالد ترامب، التي أصبحت في «حيص بيص» تجاه قضايا عدة تحاصرها محلياً ودولياً، والأرجح ألا تمنح الضوء الأخضر لنتنياهو قبل الانتخابات، وقد تتراجع عنها كلياً إذا فاز ترامب بولاية ثانية، وقد ينقلب على نتنياهو نفسه، مثلما قلب ظهر المِجَنِّ لأقرب المقربين منه داخل إدارته، مثل جون بولتون، وقبله وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، بذريعة سوء الإشارة عليه في السياسة الخارجية. أما إذا رحل ترامب عن البيت الأبيض، وجاء الديمقراطيون، فسيختلف الأمر كثيراً، وسيسقط نتنياهو، إذا بقي في السلطة، من علياء أوهامه، وتصبح خطة الضم معلقة أو تنسف نهائياً.

عندما تحدث الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، أبلغته أن قيام «إسرائيل» بضم أراضٍ في الضفة الغربية «يُعَرِّض المستقبل للخطر، ويُقَوِّض مصالح الأمن القومي الأمريكي، وعقوداً من السياسة الحزبية». والكلمة الأخيرة هي السر الذي يشير إلى ما يمكن أن يحصل إذا أصبح جو بايدن هو سيد البيت الأبيض. فالديمقراطيون الذين يعتبرون أنفسهم «صناع السلام» في الشرق الأوسط، لن يقبلوا أن يُقَوِّض نتنياهو استراتيجيتهم التي بدأت منذ عهد جيمي كارتر، مروراً ببيل كلينتون، وباراك أوباما. وربما سيكون انطلاق الديمقراطيين، إذا فاز بايدن، من نقطة موافقة إدارة أوباما في آخر أيامها على إدانة الاستيطان في الضفة الغربية وفق قرار لمجلس الأمن تم اتخاذه، من دون نقض أو اعتراض، بحضور وزير الخارجية السابق جون كيري.

نتنياهو الذي لا يختلف عن ترامب في أي شيء، يبدو أنه وقع في ورطة مزدوجة، مع خصومه في الداخل ومع الديمقراطيين في الولايات المتحدة، وسيدفع جراء ذلك ثمناً باهظاً، وسينتهي به المطاف إما سجيناً بسبب قضايا الفساد التي تلاحقه، وإما منسياً مثل سابقه مجرم الحرب إرييل شارون الذي لا يذكره أحد إلا بسوء أفعاله، وذلك مصير كل من يتطاول على حقوق الشعوب وحرماتها ووجودها المشروع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"