دبي: فاروق فياض
تحظى دولة الإمارات بموقع استراتيجي يربط بين الشرق والغرب، وتمثل أبوظبي ودبي محطتين لنقل الخدمات اللوجستية الإنسانية؛ كما وتعد دبي موطناً لمدينة دبي العالمية للخدمات الإنسانية (IHC)، وهي أكبر مركز الخدمات اللوجستية في العالم للمساعدات الإنسانية. ويمكن أن تصل المساعدة المرسلة من «المدينة العالمية للخدمات الإنسانية» في دبي إلى ثلثي سكان العالم في غضون ثماني ساعات فقط، مما يجعلها حلقة وصل حيوية في شبكة الإغاثة الإنسانية العالمية. ويمكن لأعضائها السبعين- الذين يضمون كلاً من وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات غير الحكومية والشركات التجارية، نقل الشحنات من البحر إلى الجو في غضون 10 دقائق.
وسارعت دولة الإمارات في ظل انتشار جائحة «كورونا» المستجد أواخر عام 2019، من خطواتها نحو التصدي لانتشار هذا الفيروس على المستوى العالمي، وكانت الرائدة دوماً في إطلاق العديد من البرامج الإنسانية واللوجستية والتسهيل من مهامها عبر موانئها ومطاراتها وشبكة طرقها المتطورة جداً، وشرعت إلى أن تحتضن أهم المراكز العالمية في تخزين ونقل وشحن لقاحات «كوفيد -19» إلى العديد من البلدان والقارات، بما ينسجم مع المعايير والمواصفات الدولية.
من جهتهم؛ أشاد رؤساء ومديرون تنفيذيون في كبريات شركات النقل والخدمات اللوجستية العالمية، بدور الإمارات العالمي في صعيد التصدي لجائحة «كورونا» وما قدمته الدولة من مبادرات اقتصادية وإنسانية واجتماعية في ظل انتشار «الجائحة»، لتمكين الشركات من الاستمرار في تقديم خدماتها التجارية واللوجستية، وكذلك ما وفرته من مخازن ومستودعات ضخمة تتناسب مع معايير وشروط تخزين لقاحات «كورونا».
موقع مهم
قالت فاطمة أيت بنداود، رئيس المركز العالمي التخصصي للخدمات اللوجستية الإنسانية لدى «دي إتش إل جلوبال فورواردينج»: منذ بداية تفشي جائحة كوفيد-19، قامت العديد من وكالات الأمم المتحدة (UN) باعتماد دبي كمركز للاستجابة لجائحة كوفيد-19؛ من خلال جمع معدات الحماية الشخصية (PPE) وأجهزة التنفس وسيارات الإسعاف وعدة الاختبارات استعداداً لتوزيعها في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا. وفي شهر إبريل من العام الماضي، عندما تأثرت قدرة الشحن الجوي بشدة بسبب الإغلاق الوقائي، قامت «دي اتش إل جلوبال فورواردينج» بتشغيل رحلات مخصصة تحمل معدات الوقاية الشخصية، بالإضافة إلى الإمدادات الأساسية من الصين إلى الشرق الأوسط وإفريقيا عبر إمارة دبي، مما ضمن استمرارية الإمدادات لهذه المنتجات، خاصة للعاملين في الخطوط الأمامية في قطاع الرعاية الصحية. وبادرت الشركة بإطلاق مركز الكفاءة اللوجستية العالمية للخدمات الإنسانية في أوائل عام 2019، بهدف تنسيق حركة المساعدات والإغاثة للمجتمعات المحتاجة نيابة عن المنظمات الإنسانية.
ثقة استثمارية
أضافت أيت بنداود: ساعدت الاستثمارات الإماراتية الهائلة في تطوير المطارات والموانئ والطرق والقطارات والاتصالات والطاقة في تعزيز البنية التحتية وساهمت في تسهيل حركة الإمدادات، الأمر الذي من شأنه أن يغرس الثقة بين القطاعات المعنية بالإغاثة في اختيار الإمارات مقراً لهم. واليوم، تعد دبي موطناً لأكبر مركز جوي في العالم مخصص لتوزيع لقاحات كوفيد-19.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ائتلاف الأمل في أبوظبي، وهو تحالف شكلته هيئة الصحة في أبوظبي وشركاء تجاريون رئيسيون لجمع مختلف الخبرات مثل الخدمات اللوجستيات وسلسلة التوريد والنقل الجوي، من أجل تعزيز العمل كمنصة لوجستية لتنسيق وتسهيل توزيع لقاح كوفيد-19 حول العالم.
شروط عالمية
وأوضحت أيت بنداود: وفقاً للورقة البيضاء الصادرة عن دي إتش إل بالتعاون مع شركة McKinsey لتوفير تغطية عالمية للسنتين القادمتين، ستكون هناك حاجة إلى ما يصل إلى 200 ألف حاوية شحن و15 مليون صندوق تبريد بالإضافة إلى 15 ألف رحلة عبر مختلف إمدادات سلسلة التوريد المختلفة لنقل اللقاحات. بالنظر إلى أن لقاحات كوفيد-19 قد تم تطويرها في غضون أشهر (وليس سنوات) باستخدام آلية توصيل جديدة (ناقل فيروسي وmRNA) وفي غياب بيانات الاستقرار على المدى الطويل، كان يتعين نقل شحنات اللقاح في الظروف غير النمطية للقاح من -20 إلى -80 درجة مئوية. ونظراً للكمية الكبيرة وحجم التوزيع، أثبتت متطلبات درجة الحرارة الصارمة هذه أنها تمثل تحدياً نظراً لأن سلاسل الإمداد الطبية الحالية توزع وتخزن اللقاحات بشكل تقليدي بين 2 و8 درجات مئوية.
ويتطلب نقل اللقاحات، أو أي منتج يتم التحكم في درجة حرارته، نهجاً منسقاً للغاية، يدعمه خبراء متمرسون مدربون وبنية تحتية على أعلى مستوى. يتضمن ذلك المعرفة الوثيقة بالتفاصيل الدقيقة مثل التعبئة والتخزين والتوجيه الجوي والأرضي والتوقيت واختيار الناقل ومتطلبات المناولة المحددة وما إلى ذلك من أجل نقل شحنات اللقاح المعبأة بالثلج الجاف للتحكم في درجة الحرارة، التخطيط التفصيلي للغاية من الجمارك والموافقات التنظيمية لعمليات المناولة والتخزين ضرورية للحفاظ على سلامة درجة حرارة اللقاحات طوال الوقت.
وأشارت أيت بنداود إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد أقامت مرافق تخزين بسعة ملايين القوارير لتغطية متطلبات سكانها وكذلك لتخزين اللقاح للبلدان التي تفتقر إلى التخزين المناسب. على سبيل المثال، تعاون «ائتلاف الأمل» مع شركات الخدمات اللوجستية الدولية مثل «دي إتش إل» لتوسيع نطاق انتشارها وتوزيعها، وكذلك إدارة مركز تخزين وتوصيل لقاح كوفيد-19 في أبوظبي والذي يهدف إلى توصيل المليارات من جرعات اللقاح حول العالم بحلول نهاية العام للمساعدة في تحقيق التحصين العالمي ضد الفيروس.
طلب مرتفع
وأكدت أيت بنداود أن مقدمي الخدمات اللوجستية قد واجهوا تحدياً لإنشاء سلاسل إمدادات طبية بسرعة لتوفير حوالى أكثر من 10 مليارات جرعة من اللقاحات على مستوى العالم على خلال عامين - وهو تحدٍّ يتفاقم بسبب حقيقة أن هذه اللقاحات يجب أن تصل أيضاً إلى المناطق التي تفتقر إلى بنية تحتية متطورة في المجال اللوجستي، وهو ما يعادل ثلاثة مليارات فرد تقريباً. ويجب أن تكون الحكومات الوطنية على أتم الاستعداد لتولي مهامها عند وصول هذه اللقاحات، مثل إدارة قنوات التوزيع داخل مجتمعاتهم بالبنية التحتية اللازمة لسلسلة التبريد لضمان الوصول العادل. تعد إدارة سلاسل التوريد المعقدة وشبكات التوزيع مهمة شاقة تتطلب خبرة وتجربة. وتصبح هذه المهمة أكثر أهمية عندما يتم نقل منتجات شديدة الحساسية مثل اللقاحات أو المستلزمات الطبية الضرورية لحماية حياة الأفراد. اللقاحات وحدها لن تسهم وقف الجائحة، بل يجب أن تقترن بالعلاجات والاستخدام المسؤول لمعدات الحماية الشخصية وبروتوكولات أفضل للعلاج.
مكانة رائدة
قال جاك ميوز، الرئيس الإقليمي لشركة فيديكس إكسبريس في منطقة الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وإفريقيا: أرست الإمارات مكانتها الرائدة بصفتها مركزاً لوجستياً عالمياً يعمل على تسهيل عملية توزيع لقاح كوفيد-19 على المستوى الإقليمي والعالمي مع إطلاق ائتلاف الأمل، الذي يشكل منصة لوجستية تهدف إلى تنسيق عملية توزيع اللقاح في مختلف أنحاء العالم وتسهيلها، ويعمل على دراسة الطلب وتقديم التدريب والبنية التحتية الرقمية المطلوبة، كما يعمل على تيسير توافر اللقاح في جميع أنحاء العالم.
ونجح ائتلاف الأمل في شهر نوفمبر 2020 بتنسيق نقل خمسة ملايين جرعة لقاح بالنيابة عن دائرة الصحة في أبوظبي. ويوفر ائتلاف الأمل الذي تفخر فيديكس إكسبريس بكونها جزءاً منه، حلاً متكاملاً لنقل اللقاح ودراسة الطلب وتحديد المصادر وتقديم التدريب وتوفير البنية التحتية الرقمية بهدف توفير اللقاح بسرعة في جميع أنحاء العالم.
تقنية مبتكرة وأسعار مناسبة
يقول جاك ميوز: تعد عملية نقل اللقاحات من أهم المهام في تاريخ الشركة. وتلعب الشراكة بين القطاع اللوجستي وشركات تصنيع الأدوية والجهات الحكومية دوراً حيوياً في تسهيل توزيع اللقاح. فعلى سبيل المثال، تمكّن ائتلاف الأمل، الناتج عن شراكة بين القطاعين العام والخاص في الإمارات، من توسيع نطاق توزيع اللقاح بعد توقيع اتفاقية استراتيجية مع رواد قطاع الشحن الجوي عالمياً، مثل فيديكس.
وتابع ميوز: تتمثل مهمتنا في ضمان عملية توزيع آمنة وفعالة لهذه اللقاحات. وتتعاون فيديكس كذلك بشكل وثيق مع عملائها في قطاع الرعاية الصحية والمسؤولين الحكوميين والهيئات التنظيمية للتحضير لشحن اللقاحات بمجرد اعتمادها وتجهيزها، ويؤدي توفير حلول التغليف والتعبئة المناسبة دوراً كبيراً في عملية توزيع لقاح كوفيد-19، حيث نقدّم الحلول المناسبة للحفاظ على درجات الحرارة المطلوبة وضمان عملية نقل وتوزيع اللقاح بشكل آمن وفعال.
وحفاظاً على درجة حرارة ثابتة أثناء نقل اللقاحات، نستخدم تقنية SenseAware الخاصة بنا، والتي تسمح بتعقب الشحنات ومراقبة حالتها في الوقت الفعلي، والتدخل إن لزم الأمر. وأخيراً سنستخدم قدرات التخزين البارد المتاحة ضمن بواباتنا ومرافقنا في المطارات عند الحاجة.
وأضاف ميوز: تتوافق تكاليف عمليات النقل والشحن الجوي مع أسعار السوق، ونحن لا نشكل سوى جزء واحد من هذه العملية اللوجستية المعقدة، وينصب تركيزنا على تأدية دورنا ومهامنا بشكل مثالي، لضمان انتقال الشحنات عبر شبكتنا بسرعة وأمان.
ونعتقد أن عملية توزيع اللقاح تتطلب بذل جهود حثيثة على المدى الطويل، إذ من المرجح أن يتم شحن اللقاحات على مراحل متعددة على مدى فترة طويلة. ويجب على شركات الخدمات اللوجستية التي تتولى تسهيل مهام الشحن والتوزيع التحلي بالمرونة وامتلاك البنية التحتية الملائمة لضمان النتائج المرجوة. وتتمتع فيديكس بجاهزية تامة تمكنها من شحن لقاح كوفيد-19 مهما طال الزمن اللازم لذلك، فهي تمتلك خبرة واسعة وشبكة عالمية، وأسطولاً جوياً وحلولاً تقنية تؤهلها لنقل لقاحات كوفيد-19 بأمان إلى جميع أنحاء المنطقة والعالم، وتقف شبكتنا العالمية مستعدة لتوظيف خبراتها وشحن لقاح كوفيد-19 إلى جميع أنحاء العالم.
