عادي

الخط العربي يزين «يونيسكو»

23:16 مساء
قراءة 3 دقائق

منال عطايا *
من بين نحو 40 تقليداً من القارات الخمس، اختارت منظمة اليونيسكو مؤخراً إدراج الخط العربي في تراثها غير المادي، باعتباره رمزاً ثقافياً رئيسياً في العالمين العربي والإسلامي، لما يتمتع به من تناسق وجمال في فن التخطيط والكتابة التي تميزت بها لغة الضاد، فأسهمت في إثراء المشهد الفني والثقافي العربي والعالمي.

وجاء هذا الإعلان قبل أيام من الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية تحت شعار «اللغة العربية والتواصل الحضاري» الذي يقام سنوياً في 18 ديسمبر منذ القرار التاريخي للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973، بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.

وحري بالعالم أن يدرج الخط العربي في التراث غير المادي، احتفاء بلغة أغنته على مر التاريخ، وكانت جسراً لإيصال ثرواته الأدبية والعلمية التي رفدت الواقع الإنساني باكتشافات مذهلة تنوعت بين العلوم والطب والرياضيات والفلك والجغرافيا وغيرها من المجالات.

ومما لا شك فيه أن إعلان اليونيسكو يأتي تأكيداً على مكانة الخط العربي، الذي يحظى بعناية كبيرة ودعم خاص من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صاحب المبادرات المتميزة لدعم اللغة العربية، وترسيخ مكانة خطها في المشهد الثقافي والفني.

ويعد افتتاح متحف الخط في 12 يونيو عام 2002، دلالة على حرص واهتمام سموه بالحفاظ على هذا الإرث العريق الراسخ، والتعريف بجمالية الخط العربي، عبر باقة من الأعمال الملهمة التي يحتضنها المتحف، فيطلع الزوار على أهم الخطوط والخطاطين، والأدوات المستخدمة في التخطيط، فضلاً عن رفع وعيهم بالدور المحوري للغة والخط العربي في المشهد الفني.

كما أسهم المتحف - الأول من نوعه في العالم العربي- في إعادة إحياء فن التخطيط، لاسيما أنه شهد تراجعاً لافتاً نظراً للتطورات الكبيرة التي شهدتها التكنولوجيا الحديثة، فعمل عبر سلسلة من الفعاليات والدورات التدريبية وورش العمل على توعية كافة أفراد المجتمع وتوجيههم نحو فن التخطيط، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في تطوير الآليات والأدوات التي تعزز من جمالية الخط العربي، وتضفي عليه طابعاً حداثياً لا يتعارض مع أصالته.

أبواب المتحف مشرعة دائماً للراغبين في امتلاك مهارات التخطيط، والوصول إلى لغة الإبداع الفني، برسم لوحاتهم الخاصة من خلال استمرار تنظيم ورش العمل والدورات التدريبية التي يقودها متخصصون وفنانون مبدعون في مجالات الخط العربي، بينما يذهب بمتخصصيه لمن لا يمكنهم الوصول للمتحف تعزيزاً لقيمة المسؤولية المجتمعية وترسيخ مبدأ متاحف الشارقة متاحة للجميع.

ويعتبر مشروع «المعجم التاريخي للغة العربية»، الذي أطلقه صاحب السمو، خلال الدورة الأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أحد أكبر الإنجازات الثقافية والحضارية اللغوية في عصرنا الحاضر، والأول من نوعه الذي يؤرخ لمفردات الضاد وتحولات استخدامها خلال 17 قرناً مضت.

وتعكس مقولة سموه، حفظه الله، عندما أطلق الأجزاء ال 17 من المعجم حرصه على لغة الضاد ودعمها؛ حيث قال: «إن اللغة العربية لها من الخصائص والمزايا ما يرفعها ويسمو بها في دنيا اللغات، وهي من أطول اللغات العالمية، وأوسعها معجماً، وأروعها بياناً، وحقيق بنا أن نجتمع اليوم من أجلها، وأن العمل المعجمي العربي ميدان فسيح أبلى فيه العلماء العرب بلاء حسناً منذ معجم العين مروراً بمعجم جمهرة اللغة، ومعجم المقاييس، والقاموس المحيط، ولسان العرب، وتاج العروس وغيرها من أمهات المعاجم، إلا أن اللغة العربية بحاجة إلى معجم كبير يتتبع تطور مفرداتها، ويؤرخ لجميع جذورها وألفاظها».

ومن المؤكد أن قرار اليونيسكو، ذا أهمية بالغة لدولة الإمارات عامة، وإمارة الشارقة خاصة؛ حيث سيقود إلى زيادة الزخم والحراك الذي تشهده الإمارة في تعزيز مكانة ودور الخط العربي، وسيسهم في إعادة تشكيل الوعي تجاه الفرص العديدة التي يتيحها الخط العربي للمحترفين والموهوبين والهواة ومتذوقي الفنون، بما يسهم في الحفاظ على هذا الفن الأصيل.

* مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"