عادي
صعبة الاستخدام وتفتقر للمرونة وسرعة الإنجاز

تطبيقات ذكية بمدارس خاصة.. «طلاسم» تحيّر أولياء الأمور

00:02 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم
وجدت التكنولوجيا وتطوراتها المتوالية، في حياتنا، من أجل التيسير على المجتمعات، والتسهيل على أفرادها الوصول للخدمات بأنواعها، بسرعة ومرونة ودقة متناهية، من دون معوقات أو إهدار للوقت والجهد، ومن المفترض أن تسهم التقنيات الحديثة فعلياً في تذليل العوائق كافة، أمام الجماهير.

ولكن منذ بداية العام الدراسي الجاري 2022-2023، بدأت تطفو على سطح مجتمع التعليم فوضى «التطبيقات الذكية» في المدارس الخاصة، إذ اختارت كل مدرسة التطبيق الذي يتماشى مع حالتها المزاجية، سواء كان مناسباً لأولياء الأمور أو لا، ما أفرز إشكاليات عدة، أرهقت أولياء الأمور والطلبة، فمن «تيمز» إلى «أوريزن»، ومن «زووم» إلى «كلاس دوجي» وصولاً إلى تطبيقات التواصل الخاصة بغوغل.

ومن المفترض أن تكون تلك التطبيقات ظاهرة صحية تدعم العملية التعليمية وتنعكس إيجابياً على أداء الطلبة وفاعلية أولياء الأمور، ولكن آراء أولياء الأمور أكدت أن بعض التطبيقات باتت «طلاسم» لا تُمكن الطالب، وتتسبب بإرباك الوالدين، وتشكل عائقاً حقيقياً للجميع، فضلاً عن الكم الهائل ل«المجموعات» التي خلقت نوعاً من تخاذل المعلمين في التواصل مع ولي الأمر.

عدد من المعلمين قالوا إن تجربة التعلم عن بعد، أفرزت أنواعاً كثيرة من التطبيقات الذكية التي سهّلت عملية التواصل مع الطالب، وولي الأمر خارج الحرم المدرسي، وابتكرت طرائق مستحدثة للواجبات المنزلية وسرعة وصول تقارير أداء المتعلمين للوالدين من دون معاناة، ونفوا وجود أي تخاذل في متابعة الطالب، أو التواصل مع ولي الأمر.

مديرو مدارس أكدوا أن التطبيقات الشائعة في الوقت الراهن، سهلة الاستخدام وفعالة بشكل كبير، وتفيد الطالب وولي الأمر، ومتوفر بعدة لغات لتمكين جميع الجنسيات على أرض دولة الإمارات، مؤكدين جدية التعامل مع أي ملاحظة لولي الأمر عن التطبيق، أو عدم قدرته على استخدامه، ولم نتلق منهم رداً على كثافة الواجبات المنزلية التي تصل للطلبة كزائر ثقيل في الليل.

الجهات المعنية أكدت أن لدى المدارس صلاحية استخدام التطبيقات الذكية التي تراها مناسبة للتواصل مع أولياء الأمور ما دامت لا تخرج عن اللوائح والقوانين التي يعمل بها التعليم الخاص في الدولة.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بمختلف فئاته، إشكالية فوضى التطبيقات الذكية في المدارس الخاصة والتي تشكل عبئاً جديداً على الأسر وتعوق تقدم الطلبة، إذ تفتقر إلى الفاعلية والمرونة، ويصعب استخدامها ولا تحقق سرعة الإنجاز.

رصد «الخليج»

البداية كانت مع جولة «الخليج» التي رصدت عدداً من التطبيقات الذكية التي تستند إليها المدارس الخاصة لتيسير أعمالها والتواصل مع الطلبة وأولياء الأمور، وإرسال الواجبات والتكليفات، إذ تعددت واختلفت من مدرسة لأخرى، ولم يكن هناك برامج أو تطبيقات موحدة على مستوى المدارس كافة.

وكشفت الجولة عن أن التطبيقات الأكثر شيوعاً في ميدان التعليم الخاص تضم «تيمز، أوريزن، وزووم، وكلاس دوجي وغوغل مت، لاكسيال» وهناك مدارس تجمع بين أكثر من تطبيق للارتقاء بجودة العملية التعليمية والتواصل مع أولياء الأمور.

ومعظم التطبيقات متعددة اللغات، وعلى الأقل لغتين «العربية والانجليزية»، ولكن اختلفت طرائق الاستخدام وإدارة تلك التطبيقات، الأمر الذي أفرز تحديات كبيرة تعوق أولياء الأمور والطلبة، إذ تدير كل مدرسة التطبيق بحسب حالتها المزاجية، أو بآليات غير دقيقة تعوق الطلبة وأولياء الأمور.

تطبيقات معقدة

وفي وقفة مع أولياء الأمور «أ.ج، أ.ك، أ.ه، أ.ط، ي.ا، س.ن، ع.م»، الذين يدرس أبناؤهم في مدارس خاصة مختلفة، وفي مراحل دراسية متنوعة، أكدوا أن التطبيقات الذكية تشكل عائقاً كبيرا للطلبة وأولياء الأمور، إذ إنها معقدة تفوق إدراك المتعلمين وقدرات أولياء الأمور، فضلاً عن الخطط الدراسية الأسبوعية والجداول التي تتغير خلال فترات قصيرة ويفاجئ بها الوالدين عبر التطبيقات من دون أية تنسيق، أو سابق إنذار.

وقالوا إنه في معظم الأحيان يتم التعديل على مواعيد الامتحانات القصيرة، أو التقييمية من دون إبلاغ الطالب، أو ولي الأمر، وتكتفي المدرسة بوضع المواعيد الجديدة في التطبيق، موضحين أن بعض المدارس تجمع بين أكثر من تطبيق، إضافة للتطبيق الأساسي، وهذا يشكل أكبر التحديات التي يواجهها أولياء الأمور، إذ إن التطبيق الأساسي يحتوي جميع المواد وأوراق العمل، فيما يحتوى التطبيق الآخر على مادة أو اثنتين، إضافة إلى «الجروبات» على تطبيق الواتس أب والتيلغرام.

نتائج عكسية

وعبروا عن استيائهم من كثافة تلك التطبيقات التي جاءت بنتائج عكسية، أضرت بالطلبة، وأرهقت أولياء الأمور، متسائلين: كيف لطالب في الصف الأول المشاركة في 5-6 مجموعات؟ وكيف سيديرها ويتعاطى معها في هذا العمر؟ ما جعل للوالدين دوراً أساسياً في متابعة تلك المجموعات والتعامل معها بدلاً من الطالب، وهذا أمرا مؤلم جداً، لاسيما مع الأمهات العاملات والأمهات اللاتي لديهن أكثر من طالب في مراحل التعليم المختلفة.

وأكدن وجود تفاعل كبير بين أولياء الأمور والمدارس في السابق، ولكن مع وجود تلك التطبيقات وفوضى المجموعات عبر تطبيقات التواصل، بات الأمر مثل «المولد الذي ليس له صاحب»، وبات التفاعل متواضعاً للغاية، فضلاً عن المتاهة التي يعانيها الأبناء، لاسيما وأن الواجبات والتكليفات المنزلية تصل إليهم عن طريق التطبيق، أو المجموعات في أوقات متأخرة ليلاً عقب يوم دراسي طويل، يبدأ من السادسة صباحاً ليمتد إلى الرابعة عصراً.

وقالوا: على الرغم من أن تلك التطبيقات لعبت دوراً مهماً في تيسير سبل الحصول على التعليم لجميع الطلبة، فضلاً عن إسهامها في تثقيف شريحة كبيرة من أولياء الأمور، إلا أنها تعمل وفق ضوابط وآليات عشوائية يتحكم فيها أشخاص، ولا توجد جهة رقابة تشرف عليها، وما يتم ترويجه من محتوى تعليمي، وآليات إدارته.

توحيد التطبيقات

وطالبن بضرورة تدخل الجهات المعنية لانتقاء تلك التطبيقات الذكية، أو توحيدها في المدارس الخاصة بغرض التعليم والتواصل مع أولياء الأمور، وينبغي على المدارس إشراك الوالدين عند اختيار تلك التطبيقات مع الحرص على تدريبهما علي الاستخدام، مشددات على ضرورة رفع معاناة التواصل التي تتسبب بها تلك التطبيقات، وتخفيف أعباء الواجبات المنزلية التي تأتي في أوقات غير مناسبة، إذ إن ظروف الأمهات تختلف وتتنوع، فهناك العاملة، والأخرى التي لديها اكثر من ابن في مراحل التعليم المختلفة، فضلاً عن حياتها الاجتماعية ومسؤولياتها الأسرية.

وأكدن ضرورة إعادة النظر في استخدام وتنظيم تلك التطبيقات، وتأهيل الكوادر على كيفية إدارتها بشكل احترافي يرتقي بالمستوى التعليمي للطلبة، ويحاكي قدرات أولياء الأمور، ويتسم بالمرونة والسهولة والتيسير، وينبغي أن تكون هناك فرق رقابة لتقييم تلك التطبيقات، للتعرف إلى المحتوى وطرائق التدريس المتبعة.

معطيات وآراء

وفقاً لمعطيات الرصد وآراء أولياء الأمور، جمعنا أوراقنا والتقينا عدداً من المعلمين «خالد.م، وسهام.ع، حمده.أ، داود.ح»، الذين نفوا وجود تقاعس في التواصل مع أولياء الأمور، أو الطلبة، مبررين إرسال الواجبات المنزلية متأخراً بطول اليوم الدراسي، أما عن المجموعات فأكدوا أنها وسيلة صحية للطلبة وأولياء الأمور، إذ يستطيع أي طالب التواصل مع معلم المادة من خلال «الجروب»، ويستطيع ولي الأمر الاستفسار عن أي شيء يخص نجله عبر تلك «الجروبات».

وفي ردهم عن أنها كثيرة ولا تناسب أعمار طلبة في الحلقة الأولى، الذين لم يكتمل إدراكهم بعد، قالوا إن الجيل الحالي يُعرف بجيل التكنولوجيا، وقدراتهم تفوق مهارات وإمكانات الكبار، مؤكدين أن طالب الحلقة الأولى قادر على التعامل مع المجموعة بحرفية تفوق والده، موضحين أن المجموعات ليست كثيرة، كما يقول أولياء الأمور، إذ إن كل معلم له مجموعة واحدة عبر التطبيق يتواصل من خلالها مع الطالب وولي الأمر.

وأكدوا أن التطبيقات وسائل مساعدة للطلبة، وأولياء الأمور، لاستيعاب المحتوى التعليمي، والتعامل معه، لاسيما في المواد العلمية (العلوم، والفيزياء، والكيمياء والأحياء والرياضيات).

تطورات متنوعة

وفي وقفة مع عدد من مديري المدارس «وليد.ف، سماح.ع، خالد.ل، رانيا.ح»، أكدوا أن أزمة كورونا، فرضت تطورات متنوعة في عملية التعليم والتعلم، أو التواصل مع المتعلمين وأولياء أمورهم، وهذا يعد من أهم نواتج الأزمة التي انعكست على الميدان التربوي بشكل إيجابي.

وبالنسبة إلى تعديل الجداول والخطط الأسبوعية للدراسة من دون إبلاغ أولياء الأمور والاكتفاء بالتطبيقات كوسيلة للتواصل، قالوا إن مفهوم التطبيق يعني أن معظم التواصل سيكون من خلاله، والتعديلات أو المتغيرات ستكون من خلاله، وهذه عملية لا تستدعي التواصل مع ولي الأمر هاتفياً، أو بشكل مباشر، وينبغي أن يعي ولى الأمر ماهية وجودة تلك التطبيقات في العملية التعليمية.

وفي ردهم على تعديلات مواعيد الامتحانات التقييمية، أو التشخصية التي تأتي مفاجئة ومن دون سابق إنذار، أفادوا بأنها تحدث في ظروف خارجة عن إرادة المدرسة.

خطوة فاعلة

قالت الخبيرة في النظم والمعلومات شروق جمال، عن تلك البرامج والحلول، إنها باتت منتشرة في مختلف المجتمعات حول العالم، معتبرة أنها خطوة فاعلة في مؤسسات التعليم، إذ إنها قادرة على تذليل عقبات التواصل بين المدارس وأولياء الأمور والطلبة، ولكن وفق معايير وآليات ممنهجة حتى لا تأتي بنتائج عكسية تشكل عوائق للطالب وولي أمره، مع الوضع في الاعتبار ضرورة تدريب الكوادر لاستخدام تلك التطبيقات باحترافية ومهنية لتؤتي ثمارها.

وأضافت أن التطبيقات تركز على تعزيز تبادل المعرفة والتعليم عن بعد، عبر منصات يمكن الوصول إليها بحرية للاستخدام من قبل الطلبة، والمعلمين، والأسر، ودروس تعليمية جاهزة تقدمها المؤسسات مستخدمة التطبيق بلغات مختلفة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p94cbhn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"