العين: راشد النعيمي
على الرغم من مرور السنوات وتغير نمط الحياة، والمضي على الحداثة التي طالت جميع تفاصيل حياة أهل الإمارات فإن العادات التي ارتبطت بالآباء والأجداد ما زالت محل احترام وتقدير والتزام بتفاصيلها البسيطة شكلاً والكبيرة مضموناً، ومنها (تنور العيد) الذي يترافق مع عيد الأضحى وما يزال أهل الإمارات يحرصون على تنظيمه كطقس احتفالي بمشاركة أفراد الأسرة، ويعتمد في إعداده على مواد من البيئة المحلية.
تبدأ الخطوات باختيار اللحم وتغطيته بخلطة بالكركم والملح ثم يترك اللحم لعدة ساعات كحد أقصى، ومن ثم يتم غسله وتجهيز خليط البهارات «البزار» المسمى (الخلول) الذي يتم إعداده بعناية ويحمل سر الطعم؛ حيث تغطى به قطع اللحم بالكامل ثم يتم غسل أوراق الشجر المنكهة كالموز والمانجا والشوع وأيضاً غسل الخصافة؛ وهو «كيس مصنوع من سعف النخيل» يتم وضع اللحم مع أوراق النباتات المختارة بترتيب معين وخياطة الخصافة من الخارج بأغصان النخل الصغيرة وتغطيتها بكيس خيش.
وتنتهي خطوات التحضير بتجهيز حفرة التنور بوضع كمية من حطب السمر فيها حتى يصل إلى درجة الحرارة المناسبة، ليتم بعدها وضع (الخصف) المعبأ بقطع اللحم المبهّرة «الوخيفة» بعد التأكد من تحول الحطب على جمر كامل، ووضع غطاء معدني على التنور وخليط الطين أو اليواني المبللة، لمنع تسرب الحرارة أو الدخان، ويترك لمدة تراوح ما بين 8 و15 ساعة.
وتعد وجبة (العيش) أو الأرز الأبيض المقدم مع لحم التنور، وجبة تترافق مع أيام العيد؛ حيث يتم الاحتفاظ باللحم وتناوله على مدار أيام يحمل معه كل مرة طعماً لا يقاوم ويتجدد عند تسخينه؛ نظراً لمكوناته وطريقة تبهيره والنكهات المصاحبة له مروراً بطريقة الشوي ورائحة حطب السمر التي تبقى عالقة بين مكوناته.
ويعد تنور العيد عملاً جماعياً في الإمارات وسلطنة عُمان وتشتهران بهذه العادة؛ حيث تقوم النساء بإعداد (الخلول) وتبهير اللحوم فيما يتولى الرجال توفير الحطب الخاص بالتنور ووضع (الوخيفة) بداخله واستخراجها في اليوم التالي إضافة إلى مشاركة الأبناء في إحضار أوراق الفواكه التي تستخدم كنكهات وترتيب اللحم في الكيس المخصص له والذي يتولى حرفيون نسجه من (الخوص) الذي يتم جمعه من النخيل.
