القاهرة: «الخليج»
يكتسب كتاب «الصحافة الأدبية والحياة الثقافية في مصر»، للدكتورة عزة بدر، أهميته، كونه يعد واحداً من أهم الدراسات التي عنيت بهذا الملف المنسي في المكتبة العربية، إذ يقدم الكتاب الصادر عن سلسلة دراسات علمية في تاريخ مصر الحديث والمعاصر عن دار الكتب والوثائق القومية، دراسة وافية عن واحدة من أهم وأبرز المجلات الأدبية المهمة، التي صدرت في مصر خلال أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، وهي مجلة «الثقافة»، التي صدرت أولى أعدادها في عام 1939 حتى توقفها عن الصدور عام 1953.
حصلت الدكتورة عزة بدر بهذا الكتاب، على درجة الماجستير من قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة في عام 1990، قبل أن تشرع تالياً في توسيع دائرة دراستها لتشمل العديد من المجلات الأدبية، التي صدرت في مصر منذ عام 1954 حتى عام 1981، وكيف نشأت تلك العلاقة الوثيقة بين التاريخ والصحافة الأدبية، عبر عشرات من المقالات التي قدمتها أجيال متعاقبة من الكتاب والأدباء، الذين أثروا الحياة الثقافية بكتاباتهم، والتي تكشف إلى حد كبير أوضاع الصحافة والثقافة في مصر خلال تلك المرحلة الزمنية التي تدرسها عزة بدر، فالمجلات الأدبية مثلت خلال تلك الفترة، الجسر القوي الذي عبرت عليه الثقافة الأدبية إلينا، والمورد الذي صبت فيه التيارات الفكرية والأدبية الوافدة، وأعانها على هذه الغاية فريق ممن خرّجتهم المدارس العليا أو تعلموا في معاهد أوروبا وتمكنوا من اللغتين، العربية واللغة المترجم عنها.
وتعد مجلة «الثقافة» إحدى المجلات الأدبية المهمة التي صدرت في مصر، خلال تلك الفترة، وقد تزامن صدور هذه المجلة مع العديد من الأحداث الكبري التي شهدتها المنطقة، والتي شملت الحرب العالمية الثانية، ومرحلة محاولات التحرر الوطني، التي انتهت بقيام ثورة يوليو عام 1952، ويرصد الكتاب في سبعة فصول أحوال مصر من سنة 1939 إلى سنة 1952، وإسهامات مجلة الثقافة في الآداب والنقد والتذوق الفني، إلى جانب العديد من القضايا الثقافية والفكرية التي ناقشتها المجلة، وهو ما يؤكد حسبما تقول المؤلفة أن الفترة التي تزامنت مع صدور هذه المجلة الرائدة، كانت من الفترات الشائكة في تاريخ مصر المعاصر، لأنها امتدت منذ قيام الحرب العالمية الثانية، واستمرت بعد ظهور حركات التحرر في كثير من البلدان للتخلص من الاستعمار القديم، وقد مرت مصر بظروف غاية في الصعوبة والتعقيد.
