عادي

فرنسا متهمة باستخدام إجراء لمكافحة الإرهاب ضد ناشطين أوروبيين

23:58 مساء
قراءة 5 دقائق
5250961

باريس - أ ف ب

تواجه وزارة الداخلية الفرنسية، اتهامات بتحوير «الحظر الإداري من دخول الأراضي» الذي أقر بالأساس بحق المسلحين، من أجل منع مواطنين أجانب من التظاهر في فرنسا، في إجراء يقول منتقدوه إنه بات يستهدف الناشطين الأجانب البيئيين و«الراديكاليين».

وفي نهاية مارس/ آذار الماضي، توجهت مجموعة من البيئيين السويسريين إلى سانت سولين الفرنسية، للمشاركة في احتجاجات مقررة في نهاية الأسبوع ضد مشروع «الأحواض العملاقة» لاحتجاز احتياطات مسحوبة من المياه الجوفية، بدعوة من المجموعة البيئية «انتفاضات الأرض» التي حلتها الحكومة لاحقاً.

وأوقف الناشطون عشية التظاهرة خلال تدقيق في الهوية. وروى أحدهم اسمه لو، أنه عندما قدم هويته لعناصر الدرك «ظهر شيء ما على شاشتهم»، فقال له الدركي: «ليس من المفترض أن تكون على الأراضي الفرنسية». واكتشف الناشط أنه موضع «حظر إداري من دخول الأراضي» صدر بحقه كما أبلغ في اليوم السابق باعتبار أن وجوده في فرنسا «يشكل تهديداً».

ولم يعرف مزيداً من التفاصيل، لكنه أمضى 4 ليال في زنزانة. ورحل بالطائرة مكبل اليدين بمواكبة شرطيين إلى مطار جنيف، وتسليمه إلى الشرطة السويسرية التي اكتفت بمرافقته خارج المطار. وأوضح: «قالوا لي ليس لدينا أي شيء ضدك نتمنى لك يوماً سعيداً».

ويستند الإجراء الذي استهدفه إلى قانون لمكافحة الإرهاب صدر عام 2014، بهدف منع رحيل الفرنسيين الشباب إلى الخارج للالتحاق بالمتشددين. وأضيف إلى النص أثناء مناقشته حظر «دخول» إلى الأراضي الفرنسية يستهدف «المقاتلين الإرهابيين الأجانب».

ويمكن إصدار الحظر بحق أي مواطن من بلد أوروبي «عندما يشكل وجوده في فرنسا، بسبب سلوكه الشخصي، سواء على صعيد النظام العام أو الأمن العام، تهديداً حقيقياً وواقعياً وخطراً بما يكفي لمصلحة أساسية للمجتمع».

- إجراء «يقضي على الحرية»

ويجب تبرير الإجراء إلا إذا كانت «اعتبارات تمت إلى أمن الدولة تمنع ذلك». وأكدت المحامية المتخصصة في حقوق الأجانب كاميل إسكويلييه، أن هذا الإجراء «الشديد القيود» لم يكن يستهدف في السابق «سوى الإرهابيين».

ويتهم محامون الحكومة بالإفراط في استخدام الحظر الذي «يقضي على الحرية» المخصص بالأساس لأشخاص يشكلون «خطراً بالغاً» لإبعاد المعارضين السياسيين، وفق ما أوضحت المحامية كاميل فانييه.

وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان في مطلع يونيو/حزيران الماضي، «17 حظراً» في باريس بحق «عناصر من اليسار المتطرف قادمين من الخارج» في الذكرى العاشرة لمقتل الناشط المعادي للفاشية كليمان ميريك الذي قتل بأيدي «حليقي رؤوس» من أقصى اليمين.

وبعد أسبوعين، أعلن الوزير «رد 96 أجنبياً معروفين لدى الأجهزة الأمنية على الحدود» قبل تظاهرة ضد خط القطار الفائق السرعة بين ليون وتورينو.

وأكد مصدر أمني أن الوزارة «لطالما استخدمت هذه الأداة في سياق تدارك الإرهاب»، كما استخدمتها منذ فترة طويلة للحفاظ على النظام العام، عند توقع تظاهرات تنطوي على مخاطر وعند رصد مشاركة ناشطين عنيفين قادمين من الخارج»، مؤكداً أنها تستخدم «على الدوام بصورة فردية ومحدودة الهدف».

غير أن هذا التبرير لا يقنع المحامين جون بينغهام وفيصل خلف وأميد خلوف وألكسندر ميسل وكاميل فانييه الذين يعدون لتقديم التماسات لصالح حوالى 25 إيطالياً منعوا من دخول فرنسا، على أمل أن يقر القاضي بـ«عدم شرعية» التدابير.

ولوكا من الإيطاليين الذين منعوا من الدخول على الحدود قبل التظاهرة ضد خط القطار الفائق السرعة، على الرغم من أن الشاب الذي يدرس في إيطاليا فرنسي، وأبرز بطاقة هويته لعناصر الدرك.

- «سوابق»

وطعن لوكا في قرار منعه من دخول الأراضي الفرنسية أمام المحكمة الإدارية، لكن وزارة الداخلية ألغت الإجراء عشية الجلسة، مبددة بذلك فرص مناقشة الموضوع أمام القضاء. وجاء في الوثيقة أنه «تبين من معلومات جمعت لاحقاً أن لوكا إكس مواطن فرنسي».

ورأى محامي الشاب جون بينغهام، أن «هذا يدعو إلى التشكيك في العمل الاستخباراتي الذي جرى قبل الإجراء»، مشتبهاً في أن القرارات «اتخذت بالصورة الملائمة عند الحدود».

وأوضحت وزارة الداخلية أنها تستهدف الأشخاص بموجب «معلومات استخباراتية» يتم جمعها عنهم و«سوابقهم»، غير أن القرارات تتشابه بصورة مدهشة باستثناء الأسماء وتواريخ الولادة.

وتذكر القرارات المتعلقة بالمتظاهرين ضد خط القطار، أن جمعية انتفاضات الأرض «معروفة باعتبارها العنف ضرورة من أجل دفع القضية البيئية قدماً». وهي تنص على أن الحركة «سبق أن عبّأت التيار الأوروبي المناهض للفاشية وعلى الأخص التيار الإيطالي الذي أظهر قدراً خاصاً من العنف، وتواجه بصورة عنيفة مع قوات حفظ النظام، ما تسبب بإصابات خطِرة وأضرار».

أما بالنسبة لتظاهرات إحياء ذكرى كليمان ميريك التي جرت في السنوات الأخيرة بدون حوادث، فتذكر القرارات أن «التظاهرة الضخمة التي يفترض أن يشارك فيها ناشطون من اليسار المتطرف من جنسيات مختلفة تبعث مخاوف من ارتكاب أعمال عنف»، وتنطوي على «مخاطر وقوع مواجهات مع ناشطين من اليمين المتطرف».

ولا تأتي القرارات على ذكر أي سوابق أو سجل عدلي للأشخاص المستهدفين، مكتفية بالإشارة إلى أنهم «ممنوعون من دخول» الأراضي الفرنسية، لأنهم «قد يتوجهون» إلى التظاهرة و«ينضمون إلى مجموعة تسعى إلى تدبير عمل عنيف».

وتبلّغ ناشطين إيطاليين مناهضين للفاشية قدموا للمشاركة في مسيرة إحياء ذكرى كليمان ميريك في مطلع يونيو/حزيران في باريس قرار منعهم من الدخول. وكان الثلاثة في صيدلية بضاحية باريس قبل التظاهرة المقررة بعد الظهر حين تم توقيفهم، ما يعني برأي محاميتهم كاميل فانييه أنه «كان يتم تعقبهم».

وعلى غرار لو، بقي الإيطاليون الثلاثة أياماً عدة قيد الاعتقال قبل إطلاق سراحهم. وقالت فانييه: «لم يكن هناك أي عنصر يتعلق بارتكابهم أي عمل عنف، ربما يرد عنصر أمام المحكمة الإدارية».

لكن من غير المتوقع الحصول على إجابة قبل عام ونصف بسبب المدة التي تستغرقها الجلسات.

ولم يتسنّ للمحامين تقديم التماسهم وفق آلية مسرعة، لأن تدابير الحظر محدودة المدة، وهي سارية لمدة أسبوع بالنسبة لتكريم كليمان ميريك وعشرة أيام بالنسبة للتظاهرة ضد خط القطار.

وذكّرت وزارة الداخلية بأن القانون لا ينص على «مدة معينة» وأنها تحددها بالتالي بموجب «مدة الحدث المعني».

وعلقت فانييه بأن هذا «أمر لا يصدق إطلاقاً»، مؤكدة أن الإجراء غير معد لتطبيقه لبضعة أيام فقط؛ إذ ينص القانون على إعادة النظر في القرار كل خمس سنوات. وقالت: «إنه إجراء عاجل لمنع إرهابيين محتملين من القدوم لارتكاب اعتداءات في فرنسا، ويستخدم اليوم لحفظ النظام». ويؤكد لو، الناشط السويسري، أنه لم يتوجه إلى سانت سولين «لرشق عناصر الدرك بالحجارة» مثلما اتهمت الحكومة المتظاهرين.

وتمكن لو الذي يسكن «على بعد مئتي متر من الحدود» ويقيم ما بين سويسرا وفرنسا، من تقديم التماس عاجل أمام القضاء؛ إذ إن حظره من الدخول غير محدود المدة. وجرت الجلسة الأسبوع الماضي، لكن محاميته كانت وحيدة أمام القاضية في محكمة باريس الإدارية، في غياب ممثل عن وزارة الداخلية؛ إذ إن القرار ألغي في اليوم السابق.

وكتبت الوزارة: «بعد إعادة النظر في الوضع، ليس هناك ما يدعو إلى إبقاء الحظر سارياً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8xkvpv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"