البادية السورية.. تحركات مريبة

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

هناك مؤشرات ميدانية، تؤكد أن شيئاً ما يتم التخطيط له في البادية السورية، وصولاً إلى الحدود الشرقية مع العراق.

الأحداث التي جرت خلال الأسابيع القليلة الماضية في تلك المنطقة، تؤكد أنها جزء من مخطط يستهدف سوريا مجدداً، لإغراقها بالأزمات، والحؤول دون تحقيق أي تقدم في المسار السياسي، وإنهاكها اقتصادياً، إضافة إلى تقطيع أوصال علاقاتها مع العراق وصولاً إلى إيران، تزامناً مع تشديد الحصار عليها من خلال قانون قيصر.

ما جرى من هجمات إرهابية، نفذها تنظيم «داعش» مؤخراً في منطقة البادية، باستهداف مواقع عسكرية سورية، وكمائن لحافلات عسكرية، وتلغيم طرق، وتفخيخ سيارات، وسقوط عشرات الضحايا من مدنيين وعسكريين، يشكل تصعيداً إرهابياً لافتاً بعد انحسار وكمون طويل؛ وذلك بالتزامن مع إعلان «داعش» تعيين زعيمه الخامس ( أبو الحفص الهاشمي)، خلفاً للرابع (أبو الحسن القرشي) الذي قُتل في عملية عسكرية تركية في بلدة جنديرس بريف حلب الشمالي.

اللافت أن العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت حافلة للجنود السوريين، انطلقت من منطقة سيطرة القوات الأمريكية التي تُعرف بالمنطقة 55 الملاصقة لقاعدة التنف، ما يؤكد أن العملية تمت تحت أنظار الجيش الأمريكي، وربما بدعم لوجستي واستخباراتي منه، من أجل استخدام مثل هذه العمليات، ذريعة لاستمرار الوجود العسكري الأمريكي غير الشرعي، بحجة محاربة الإرهاب.

ومن اللافت أيضاً أن تنظيم «داعش»، ومنذ انحسار وجوده في العراق وسوريا عام 2019، لم ينفذ أي عملية ضد القوت الأمريكية في المنطقة، ما يطرح علامات استفهام حول علاقته بالمخططات الأمريكية ضد سوريا. أضف إلى ذلك أن القوات الأمريكية في قاعدة التنف، والقاعدة الأخرى في حقل العمر النفطي، والقاعدة في حقل كوينكو للغاز، عمدت في الآونة الأخيرة إلى تعزيز قواتها هناك، باستقدام مئات الجنود من قاعدة عين الأسد في العراق، وتزويدها بأسلحة متطورة مثل صواريخ «هيمارس» بعيدة المدى، كما تقوم هذه القواعد منذ فترة بعمليات تدريب لعناصر عربية من البادية، ووضعها تحت الخدمة، إضافة إلى مجموعات أخرى تعمل تحت إمرتها منذ فترة طويلة.

ووفقاً لمعلومات من مصادر مختلفة، فإن هذه القوات سوف يتم استخدامها في إطار مخطط يستهدف التمدد في البادية، لقطع طريق دمشق دير الزور البوكمال من أجل تشديد الحصار على دمشق، ومنع التواصل مع العراق.

يترافق ذلك، مع تزايد الانتهاكات الجوية لبروتوكول «منع التصادم» بين القوات الجوية الأمريكية والروسية؛ حيث دأب «مركز المصالحة الروسي» في الأيام الأخيرة على اتهام القوات الجوية الأمريكية بانتهاك البروتوكول، إضافة إلى وقوع العديد من «المواجهات الجوية الاستفزازية الخطرة فوق منطقة البادية».

ولأن سوريا وروسيا تدركان أبعاد التحركات الأمريكية، فقد قررتا المواجهة من خلال تكثيف عملياتهما العسكرية في منطقة البادية براً وجواً؛ لذا لجأت موسكو في الفترة الأخيرة إلى القصف بالصواريخ من سفنها المتمركزة على الساحل السوري، كما كثفت من غاراتها الجوية على مواقع للجماعات الإرهابية، بالتوازي مع تعرض القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة في الآونة الأخيرة لقصف صاروخي «مجهول المصدر»، بغية إرباكها وإنهاكها، ومنعها من تنفيذ مخططاتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/jcrdpj2t

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"