«سلاح المهاتما غاندي»

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عندما قال الرئيس ال39 للولايات المتحدة جيمي كارتر «1977  1981» : «لا يمكننا أن نكون رواد العالم في السلام ورواد العالم في توريد أسلحة الحرب معاً» كان يُمَنّي نفسه باستراتيجية جديدة للقوة العظمى في العالم، ولكن بمرور الوقت تحوّل الهدف الأسمى إلى مجرد حلم ليس له وجود على أرض الواقع، بل على العكس، تصدّرت الولايات المتحدة قائمة أكبر مصدّري الأسلحة في العالم بنسبة (40%)، وحاولت الهيمنة على العالم بكل السبل الممكنة وفرض كلمتها كقوة عظمى على البشرية.. وآخر الأدلة ما يحدث في أوكرانيا الآن.

 بعد مرور ما يقرب من 18 شهراً على نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، باتت أمريكا رائدة العالم في مد كييف بكافة أنواع الأسلحة والمعدات القتالية، فضلاً عن تدريب وتأهيل جيشها على أفضل التقنيات القتالية الحديثة، حيث قدمت أسلحة وذخيرة منذ بداية الحرب وحتى 25 يوليو الماضي بما قيمته 44 مليار دولار، بخلاف ما قدمه الاتحاد الأوروبي، الذي تجاوز 25 مليار دولار حتى الآن.

المليارات الغربية والأمريكية لم تساعد كييف كثيراً في تحقيق نصر عسكري يقلب المعادلة مع موسكو أو يمكّن كييف من استعادة المناطق الأربعة التي أعلنت روسيا ضمها إلى أراضيها، بل على العكس، فالهجوم المضاد الذي استعدت له أوكرانيا بدعم هائل من أوروبا وأمريكا لم يغير الوضع الميداني على جبهات القتال كثيراً، وأرجعت أوكرانيا ذلك إلى تراجع إمدادات الأسلحة الغربية، واتهمت التكتيكات العسكرية الغربية التي اتبعتها مؤخراً بأنها السبب في هذا الفشل.

 الشكوى الأوكرانية من نقص الإمدادات خلقت أزمة وانقساماً داخل المجتمع والكونجرس الأمريكي، خاصة بعد طلب كييف المزيد من الأسلحة والمقذوفات، وإعلان الولايات المتحدة الأسبوع الماضي عن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة مئتي مليون دولار تشمل ذخيرة ودفاعات جوية ومعدات لإزالة الألغام، فضلاً عن تزويد كييف بذخيرة لمنظومات باتريوت للدفاع الجوي و12 مليون طلقة أسلحة صغيرة وقنابل، وذخيرة للراجمات الصاروخية هايمارس التي أثبتت فاعليتها ميدانياً.

 عقيدة وحيدة تحكم فكر الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي فيما يخص الأزمة الأوكرانية، لخّصها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عندما قال: «روسيا بدأت هذه الحرب ويمكن أن تُنهيها في أي وقت بسحب قواتها من أوكرانيا ووقف هجماتها الوحشية.. وإلى أن يحصل ذلك ستقف الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها إلى جانب أوكرانيا طالما اقتضى الأمر ذلك». 

كان من المتوقع أن يكون نقص السلاح والذخائر لدى الجانب الأوكراني فرصة للجميع لمراجعة النفس وعدم الاستمرار في حرب لا نتيجة سريعة لها، فروسيا لن تركع أمام الضغوط الأمريكية، وكييف لن تستسلم بسهولة، وقد ينجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة تُبيد كل شيء في طريقها.

 حل الأزمة الأوكرانية لا يحتاج إلى الأسلحة الفتاكة أو إلى قنبلة نووية، وإنما يحتاج إلى سلاح المهاتما غاندي: «اللاعنف هو أعظم قوة في متناول البشرية، هو أقوى من أعتى أسلحة الدمار التي صنعتها براعة الإنسان».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8hdteb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"