الغابون.. أيضاً

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لحقت الغابون أمس بكل من النيجر وبوركينا فاسو ومالي وغينيا، كي تصبح خامس دولة إفريقية في قبضة العسكر خلال السنتين الماضيتين.

انقلاب الغابون، التي كانت مستعمرة فرنسية نالت استقلالها عام 1960، بعد استعمارها لخمسين عاماً، تقع في غرب وسط إفريقيا، حكمها منذ استقلالها ثلاثة رؤساء فقط، هم: ليون مبا الذي اتهم بتطبيق نظام دكتاتوري «سعى لضمان المصالح الفرنسية»، وبعد وفاته عام 1967 تولى السلطة الرئيس عمر بونغو حتى وفاته عام 2009، ثم نجله الرئيس الحالي علي بونغو الذي تولى السلطة لفترتين، وحاول التجديد لفترة رئاسية ثالثة من خلال الانتخابات التي جرت يوم السبت الماضي في مواجهة المرشح المعارض، وزير التعليم السابق ألبرت أوندو أوسا.

هذه الانتخابات كانت بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير» كما يقال، إذ جرت من دون وجود مراقبين محليين أو دوليين، وتم قطع خدمات الإنترنت، وفرض حظر التجول ليلاً في جميع أنحاء البلاد، ما ألقى ظلالاً من الشك حول شفافيتها، الأمر الذي دعا المعارضة إلى الحديث عن«مخالفات وتزوير».

وفور إعلان النتائج صبيحة أمس بفوز الرئيس بونغو بفترة رئاسية ثالثة وحصوله على 64.27 في المئة من الأصوات، مقابل حصول المرشح المعارض أوسا على 30.77 في المئة، خرجت مجموعة من كبار الضباط لتعلن عبر التلفزيون الاستيلاء على السلطة، و«إنهاء النظام القائم وإلغاء نتيجة الانتخابات لأنها تفتقد المصداقية وأن نتائجها باطلة»، و«تم إغلاق حدود البلاد حتى إشعار آخر وحلّ مؤسسات الدولة».

يأتي هذا الانقلاب الجديد في ظل صراع دولي على القارة، وفي ظل تحولات تشهدها في الخروج من قبضة الدول الغربية واحتكاراتها، باتجاه التنويع في علاقاتها السياسية والاقتصادية، والتوجّه شرقاً نحو الصين وروسيا.

ذلك أن الإرث الاستعماري لا يزال يرخي بثقله على الشعوب الإفريقية، التي ترى أن الدول الغربية التي خرجت من البلاد، كانت تنتج طبقات حاكمة لا تلبي طموحات شعوبها، بل تحمي مصالحها، وتأييدها للانقلابات العسكرية الأخيرة يأتي من منطلق التخلص من بقايا هذا الإرث.

وكما في النيجر، فإن فرنسا هي الخاسر الأكبر من انقلاب الغابون، وهي خسارة جيوسياسية واستراتيجية؛ فالرئيس السابق عمر بونغو كان يقول «للغابونيين وطن هو الغابون، وصديق هو فرنسا». ولطالما كانت هناك فكرة سائدة في الغابون مفادها استحالة أن تصير رئيساً من دون موافقة فرنسا التي لها شبكة واسعة من العلاقات السياسية والاقتصادية، حيث تتمتع الغابون بثروة نفطية هائلة تقدر ب 454 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وتمتلك نحو 26 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي، ما جعلها ضمن أكبر 5 منتجين للنفط في جنوب الصحراء، إضافة إلى المنغنيز الذي تسيطر على معظمه شركة «إراميت» الفرنسية.

الانقلاب ترك الدول الأوروبية في «حيص بيص»، فمسؤول السياسة الخارجية الأوروبية جوزيف بوريل قال «إن ما يحدث في إفريقيا مشكلة كبيرة لأوروبا»، في حين قالت رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيت بورن «إن باريس تتابع الوضع في الغابون عن كثب».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/fxvtxrs8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"