عادي
تفاصيل «حرب الظل» التي شنتها كييف ضد روسيا والدور الأمريكي فيها

«متفجرات في قفص للحيوانات».. هكذا اغتالت الاستخبارات الأوكرانية ابنة «عقل بوتين»

22:16 مساء
قراءة 4 دقائق
حادث

إعداد : وائل لبيب 

كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، تفاصيل جديدة عن حادثة، اغتيال ابنة القومي الروسي البارز ألكسندر دوجين، الملقب ب «عقل بوتين» العام الماضي، لافتة إلى أن الجواسيس الأوكرانيين تمكنوا قبل شهر من الواقعة من نقل قفص للحيوانات الأليفة ضمن أمتعة أم وطفلة أخفي بداخلها المتفجرات المستخدمة في الاغتيال.

واستندت الصحيفة في تقريرها عن ملابسات عملية الاغتيال المثيرة إلى مقابلات مع أكثر من عشرين من مسؤولي الاستخبارات والأمن الحاليين والسابقين في أوكرانيا والولايات المتحدة والغرب الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب مخاوف أمنية.

- حرب ظل

وبحسب الصحيفة، جاءت عملية الاغتيال التي أريد منها تصفية دوجين الأب المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، بتخطيط من جهاز الأمن الداخلي الأوكراني، وفي إطار «حرب ظل» شنتها الاستخبارات الأوكرانية لتصفية سياسين روس، مستفيدة من قدرات استخباراتية في سياسة الاغتيالات طورتها بدعم من الـ«سي أي إيه» منذ ما يقرب من 10 سنوات، وبالتحديد عقب ضم موسكو لشبة جزيرة القرم في عام 2014.

ونفذت العملية عبر سيارة خاصة بنقل الأمتعة جرى إدخالها إلى روسيا، لم تسترع آنذاك انتباه الأمن الروسي، إذ كانت تحمل أغراضاً كثيرة، إضافة إلى أم وابنتها البالغة من العمر 12 عاماً. وتضمنت الأغراض حجرة لنقل الحيوانات الأليفة كان من بينها صندوق صغير لنقل القطط، أخفى فيها الجواسيس الأوكرانيون مكونات القنبلة لتنفيذ المؤامرة.

- عشرات الاغتيالات

وبعد أربعة أسابيع، من النقل، وبالتحديد في 22 أغسطس من العام الماضي، نجح جواسيس كييف في تثبيت القنبلة أسفل سيارة رباعية الدفع كانت تقودها ابنة دوجين خارج موسكو، ما تسبب في مقتلها على الفور. الصحيفة أوضحت أن اغتيال داريا دوجينا، سلط الضوء على تبني كييف ل«التصفية» كسلاح لمحاربة روسيا، لافتة إلى أنه على مدار العشرين شهراً الماضية، نفذ جهاز الأمن الأوكراني والاستخبارات عشرات الاغتيالات ضد مسؤولين روس، وعملاء في أوكرانيا، وضباط عسكريين خلف الخطوط الأمامية، ومؤيدين بارزين للحرب.

ومن بين من استهدفتهم أوكرانيا، قائد غواصة روسية سابق كان يركض في حديقة بمدينة كراسنودار جنوبي روسيا، ومدوناً شهيراً في مقهى في سان بطرسبرغ، وفقاً لمسؤولين أوكرانيين.

- مخاوف أمريكية

وتسبب انتهاج كييف لسياسة الاغتيالات في تعقيد تعاونها مع الاستخبارات الأمريكية، ما أثار المخاوف بشأن تواطؤ الوكالة وخلق عدم الارتياح بين بعض المسؤولين في كييف وواشنطن.

لكن ذلك النهج العنيف لم يحظ برضا الجميع، إذ أشارت الصحيفة إلى أن حتى مؤيدي سياسة الاغتيالات في وقت الحروب تساءلوا عن فائدة بعض الهجمات التي أدت إلى استهداف المدنيين، بما في ذلك دوجينا أو والدها ألكسندر دوجين بدلاً من الروس المرتبطين بشكل مباشر بالحرب.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني أوكراني رفيع المستوى: «لدينا الكثير من الأعداء الذين من المهم تحييدهم. مثل من يطلقون الصواريخ. أو مرتكبي الفظائع في بوتشا. لكن قتل ابنة أحد الناشطين أمر مثير للسخرية».

كما أشار آخرون إلى مخاوف أوسع نطاقاً بشأن التكتيكات الأوكرانية العنيفة والتي قد يكون من الصعب كبح جماحها في وقت لاحق.

وقال مسؤول كبير سابق في الاستخبارات الأمريكية: «نشهد حالياً ولادة مجموعة من أجهزة المخابرات المنتهجة لتطبيق لسياسة اغتيالات السبعينات»، مشيراً إلى أن كفاءة أوكرانيا في مثل هذه العمليات تحمل مخاطر كبيرة عليها.

- انقسامات مع الشركاء

وقال المسؤول: «إذا أصبحت العمليات الاستخباراتية الأوكرانية أكثر جرأة - استهداف الروس في بلدان ثالثة، على سبيل المثال - فيمكنك أن تتخيل كيف قد يتسبب ذلك في حدوث انقسامات مع الشركاء، ويؤدي إلى توتر خطر مع الأهداف الاستراتيجية الأوسع لأوكرانيا». ومن بين هذه الأهداف العضوية في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في المخابرات الأمريكية، إلى أن الأخيرة لم يكن لها أي دور في الاغتيالات التي نفذها الأجهزة الأوكرانية، لافتة إلى أن عملها ركز على تعزيز قدراتها بإمدادها بالمعلومات الاستخبارية عن الخصم، لافتة إلى أن المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن اعتراضاتهم على بعض العمليات الأوكرانية العنيفة، لكن واشنطن لم تسحب دعمها.

وقال مسؤول أمني أوكراني كبير سابق: «لم نشرك قط شركاءنا الدوليين في عمليات سرية، خاصة خلف الخطوط الأمامية». لم يكن عملاء SBU وGUR مصحوبين بنظرائهم في وكالة المخابرات المركزية. وتجنبت أوكرانيا استخدام الأسلحة أو المعدات التي يمكن إرجاعها إلى مصادر أمريكية، وحتى تدفقات التمويل السرية تم فصلها.

- شراكة استخباراتية

المسؤولون الأمريكيون بدورهم أكدوا أنه منذ عام 2015، أنفقت «سي أي ايه» عشرات الملايين من الدولارات في شراكتها مع كييف  لتحويل الأجهزة الأوكرانية التي أنشأها السوفييت إلى حلفاء أقوياء ضد موسكو، جرى خلالها مدهم بأنظمة مراقبة متقدمة، وتدريب عملائها في أوكرانيا والولايات المتحدة، وبناء مقرات جديدة لوكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية.

كما تتضمن التعاون الاستخباراتي بين الطرفين تبادلت معلومات على نطاق واسع، خاصة بعدما باتت وكالة « سي أي أيه» تحتفظ بوجود كبير لها في كييف.

ووصف مسؤولون في الاستخبارات الأوكرانية أدوارهم العملياتية المتوسعة بأنها «نتيجة للظروف الاستثنائية». وقال مدير وكالة الأمن الداخلي الأوكراني، فاسيل ماليوك، في بيان: «جميع الأهداف التي ضربها جهاز الأمن الأوكراني قانونية تماماً». من دون تحديد أي من المستهدفين بعمليات القتل.

وأضاف:« أوكرانيا تبذل قصارى جهدها لضمان أن العقاب العادل سيلحق بجميع الخونة ومجرمي الحرب والمتعاونين».

- اختراق روسي

وأشارت الصحيفة إلى أن الشراكة العميقة بين الاستخبارات الأمريكية ونظيرتها الأوكرانية، كانت مثار تساؤلات عدة، إذ تواصلت حتى بعد تورط كييف في فضيحة عزل الرئيس السابق دونالد ترامب، كما مثلت تحولاً جذرياً للوكالات التي أمضت عقوداً من الزمن على طرفي نقيض خاصة خلال الحرب الباردة.

لكن بسبب هذا الإرث، لم تقم  «سي أى أيه» بإزالة أوكرانيا من قائمة «عدم التآخي» للوكالة إلا في العام الماضي فقط، والتي تعتبر بمثابة مخاطر أمنية، بحيث يُحظر اتصال مواطنيها بموظفي الوكالة دون إذن مسبق. كما لا تزال هناك مخاوف من تعرض الأجهزة الأوكرانية للاختراق من قبل وكالة الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) – التي تعد الخليفة الرئيسية لجهاز KGB.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdeyhtrb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"