ظهرت في العقدين الماضيين في الإمارات العديد من دو النشر التي يمتلكها ويديرها كتّاب وكاتبات من الإمارات، وطرحت هذه الدور عناوين أدبية إماراتية وعربية بحرفية نشرية تضاهي دور النشر العريقة في الوطن العربي، وقد أشرت إلى هذه الظاهرة البالغة الإيجابية في الإمارات في مقالات سابقة، غير أني هنا أضيف نقطة واحدة تتصل بمخطوطات الراحلين من الكتّاب الإماراتيين الموجودة عند ذويهم أو عند أصدقائهم، وأقترح هنا على دور النشر الإماراتية الجديدة المهتمة بالثقافة والأدب والنشر في الإمارات أن تبحث عن هذه المخطوطات التي رحل كتّابها وتركوها في أدراج أو في ملفات وصناديق منسية، ولا أريد القول إنها مهملة، فتراث الكاتب بعد رحيله هو ذاكرة حية لدى أهله وأصدقائه.
لقد عملت بعض دور النشر المحلية الإماراتية على إعادة طباعة أعمال أدبية لكتّاب إماراتيين راحلين وهي مبادرة نبيلة من جانب هذه الدور، ولكن، في الوقت نفسه هناك مادة أدبية إماراتية لا يعلم عنها أحد كما قلت موجودة عند ذوي وأصدقاء الكتّاب الراحلين، هناك مخطوطات وأوراق وقصاصات ودفاتر وصور ورسائل تعود إلى أحمد راشد ثاني، وجمعة الفيروز، وأحمد أمين المدني، ولعلّنا إذا قمنا بهذا الدور البحثي الكريم عن طريق دار نشر أو عن طريق مؤسسة أو جهة ثقافية إماراتية.. لعلّنا نجد تراثاً مخطوطاً للقاص والروائي والشاعر ناصر جبران، ومحمد بن حاضر، وربما نجد أشعاراً لم تنشر لحبيب الصايغ، وغيرهم من أعزّاء راحلين..
لا يتوقف هذا الاقتراح عند الشعراء والروائيين والقصّاصيين الإماراتيين؛ بل آمل أن تقوم إحدى دور النشر الإماراتية أو أي مؤسسة ثقافية إماراتية بجمع كتابات حسن شريف التي نشرها في الصحافة الثقافية الإماراتية حول الفن التشكيلي الإماراتي في الثمانينات والتسعينات وما بعدها، ثم، لعلّنا إذا حوّلنا هذا الاقتراح إلى عمل مرتب ومنظم أن نجد نصوصاً مسرحية لم تنشر ولم تُعرض للمسرحي سالم الحتّاوي.
أكتب هذا من منطلق الحرص على أدب أصدقاء عرفتهم عن قرب، وأعرف كم كانت طموحاتهم وأحلامهم رائعة ومتفائلة، ومن باب الوفاء لهذه الأرواح الجميلة أن ننشر كتاباتهم التي لم ترَ النور، وأكثر من ذلك، نقرؤها ونكرّمها ونحتفي بها..
شعراء وباحثون ومسرحيون ورسّامون عرب أقاموا وعاشوا وكتبوا في الإمارات هم أيضاً لهم ذاكرة ولهم أوراق ومخطوطات وصور قد تكون عند أصدقائهم الإماراتيين: عياش يحياوي، يحيى الحاج، عبدالكريم السيد، جهاد هديب، وغيرهم ممّن أحبّوا الإمارات، واكتملت تجاربهم الأدبية والفنية فيها.
