عادي
استراتيجية إماراتية لإنتاج 15 مليون طن متري بحلول 2050

هل نشهد ولادة ميثاق عالمي للهيدروجين بصنفيه الأخضر والأزرق؟

00:47 صباحا
قراءة 6 دقائق

دبي: فاروق فياض

يدور زخم أجندة الفعاليات والمؤتمرات والمنتديات، بين المنطقتين الخضراء والزرقاء في مؤتمر «كوب 28»، حيث اجتمع رؤساء دول العالم، وحضرت الوفود الرسمية واللجان من شتى المنظمات الدولية، للخروج بمبادئ مشتركة نحو الحفاظ على البيئة والحد من الانبعاثات، ولعل أبرزها؛ اعتماد استراتيجيات موحدة في تحول الطاقة، وضخ المزيد من الاستثمارات في المصادر البديلة والمتجددة، وعلى رأسها، الهيدروجين بصنفيه: الأخضر والأزرق.

فمنذ الدخول عبر بوابات مدينة «إكسبو دبي»؛ حيث يقام المؤتمر، أمامك مفترقات طرق ومناطق تجتمع نهايتها تحت قبة واحدة، ولعل وسم المنطقتين باللونين الأزرق والأخضر، هو إشارة على ما يبدو إلى الهيدروجين، فهل يؤدي ذلك، مع نهاية انعقاد المؤتمر في ال 12 من الشهر الجاري، لإطلاق ميثاق الإمارات العالمي باعتماد الهيدروجين (الأزرق والأخضر) مصدر طاقة نظيفاً وصديقاً للبيئة.

وشهدت أجندة «كوب 28»؛ الكثير من النقاشات، التي تؤكد على مستقبل زاخر للهيدروجين، حيث لا يكاد يخلو يوم على هامش أجندته، إلا والهيدروجين ضمن أبرز اهتمامات القادة وصناع القرار واللجان والمنظمات الدولية، حيث لجأت مؤسسات وشركات وطنية وكذلك أخرى دولية، لتسريع وتيرة اتفاقياتها وتفاهماتها وشراكاتها، من أجل اعتماد الهيدروجين، مصدراً نظيفاً في المستقبل، ما يقلل حتما من انبعاثات الكربون، وكذلك اعتماد استخلاصه بطرق أكثر حفاظاً على البيئة وبشكل نظيف جداً، وهو بالأساس قائم على التقاط جزيئات الكربون من الهواء والماء وتحويلها لمصدر طاقة آخر.

اقتصاد واعد

حددت دولة الإمارات عبر «وزارة الطاقة والبنية التحتية»؛ الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين 2050، والتي تهدف إلى ترسيخ موقع الدولة منتجاً ومصدراً للهيدروجين منخفض الانبعاثات، خلال الثماني سنوات القادمة، عبر تطوير سلاسل الإمداد وإنشاء واحات الهيدروجين، لتطوير هذه الصناعة، إضافة إلى إنشاء مركز وطني متخصص للبحث والتطوير لقطاع الهيدروجين الواعد، والذي برز مؤخراً كأحد أهم أنواع الطاقة النظيفة.

وتعد هذه الاستراتيجية، ضمن مبادرات ومشاريع الدولة للاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة، ودعم الجهود العالمية، لتعزيز الاستدامة البيئية، وفي إطار استعدادات الدولة لاستضافة المؤتمر، وتمثل أداة حاسمة لتحقيق مستهدفات الدولة للوصول إلى الحياد المناخي، بحلول عام 2050، ومتطلبات اتفاقية باريس للمناخ، إلى جانب تحقيق الريادة عالمياً في إنتاج الهيدروجين، حتى عام 2031، ودعم الصناعات المحلية منخفضة الانبعاثات، وتعزيز مكانة الإمارات منتجاً ومصدراً عالمياً للطاقة النظيفة.

كما تسهم في تعزيز القدرات المحلية للإنتاج وتسريع الاقتصاد الهيدروجيني العالمي، عن طريق إنتاج 1.4 مليون طن متري في السنة، من الهيدروجين منخفض الانبعاث بحلول 2031 (مليون طن متري سنوياً من الأخضر و0.4 مليون طن متري من الأزرق) وبنحو 7.5 مليون طن سنوياً، بحلول 2040، و15 مليون طن متري في السنة بحلول 2050.

ووفقاً لدراسة توقعات الطلب المحلي على الهيدروجين، كشفت الاستراتيجية توقعات طلب 2.7 مليون طن سنوياً من هيدروجين منخفض الكربون، بحلول 2031، كما تمت دراسة النظرة الشاملة لأهداف وتوقعات إنتاج الهيدروجين في الإمارات، وبناء عليه تم إعداد سيناريوهات للمدى القصير والمتوسط والبعيد المتعلقة بالهيدروجين الأزرق والأخضر والوردي في سيناريوهات الإنتاج المستقبلية حتى 2050.

10 ممكنات

يتماشى السيناريو المتوازن لمستقبل الهيدروجين في الدولة، مع المسار الوطني للحياد المناخي «المتنوع» الموضح في الاستراتيجية الوطنية للحياد المناخي 2050. ولضمان تعزيز مكانة الدولة مصدراً للهيدروجين منخفض الانبعاثات، وتحقيق مستهدفاتها الطموحة، تم تحديد عشرة ممكنات رئيسية، تتلخص في: وضع التشريعات والسياسات واللوائح والتي تدعم الانتقال للهيدروجين المنخفض الكربون، وكذلك تخصيص التمويل والاستثمارات، وتطوير الصناعة وتفعيلها، وخلق نموذج اقتصادي وتجاري مستدام، من خلال إيجاد آليات ومحفزات لتحقيق أسعار تنافسية عالمية للهيدروجين والحفاظ عليه، كذلك التعليم وتطوير المهارات عبر استقطاب ورعاية وتنمية القوى العاملة من ذوي المهارات التخصصية العالية، والتعاون الدولي من خلال بناء شراكات دولية لخلق فرص استثمارية في مجال اقتصاد الهيدروجين، وتخصيص الموارد والأصول لتمكين أسواق الطاقة المستقبلية بشكل تنافسي، وتوجيه المجتمع لتبني استخدام الهيدروجين، دعماً لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، وتمكين البنية التحتية عبر إنشاء وتأهيل البنية التحتية اللازمة لربط الإنتاج بالطلب، وتسريع توفر الهيدروجين واستخدامه، وأخيراً البحث والابتكار عبر تبني وتسريع عملية تطوير التكنولوجيا للهيدروجين، من خلال إنشاء حاضنات البحث والابتكار، ضمن مراحل إنتاج واستهلاك الهيدروجين.

وتحدد الاستراتيجية الخطوات الرئيسية، التي ستتخذها الإمارات لتسريع نمو اقتصاد الهيدروجين، لتكون ضمن أكبر الدول المنتجة عالمياً.

مبادرات

سيتم العمل على عدد من المبادرات والمشاريع التنموية كإنشاء واحات الهيدروجين لتنشيط سوق الهيدروجين المحلي، حيث تم استهداف إنشاء واحتي هيدروجين، بحلول عام 2031، ورفع عددها إلى خمس بحلول 2050. وستعمل الاستراتيجية على تحفيز السوق المحلي، وتطوير الأطر السياسية الداعمة للهيدروجين وقوداً للمستقبل.

وتدعم التوجه القائم على استغلال الدولة للطاقة الشمسية الوفيرة ومواردها من الغاز الطبيعي، وقدرتها على التقاط وتخزين الكربون، وموقعها الاستراتيجي لفتح إمكانيات الإنتاج المحلي وتسريع الاقتصاد الهيدروجيني العالمي.

تعاون طاقي

وعلى هامش «كوب28»؛ وقعت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، اتفاقية تطوير غير ملزمة مع «أو أم في» العاملة في الطاقة والنفط والمواد الخام والمواد الكيميائية، لاستكشاف فرص التعاون في إنتاج الهيدروجين الأخضر، لإزالة الكربون من العمليات الصناعية في مصافي «أو أم في». وتشكل الاتفاقية أساساً للتعاون المشترك في تطوير محطة محللات كهربائية صناعية واسعة النطاق، سيتم تشغيلها بواسطة الطاقة المتجددة. وستتعاون الشركتان في تطوير المشروع والخطط المتعلقة بالاستثمار، في النصف الثاني من عام 2024.

وتساهم «مصدر» بدور ريادي في استكشاف فرص إنتاج الهيدروجين، منذ العام 2008، حيث تستثمر الشركة وتطور مشاريع استراتيجية ومنصات قابلة للتطوير في الأسواق العالمية الرئيسية. وتماشياً مع الأهداف المناخية الوطنية والدولية، تسعى «أو أم في» لتحقيق استراتيجيتها بالوصول إلى الحياد المناخي، بحلول عام 2050. ويرتكز تحقيق هذا الهدف على استخدام وإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وافتتح سعيد محمد الطاير، نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي، رئيس مجلس إدارة مجموعة «إينوك»، أول محطة وقود هيدروجين أخضر للمجموعة، في مدينة إكسبو دبي.

إطلاق تجريبي

وأتمّ أسطول «بي إم دبليو» (iX5 Hydrogen) التجريبي، السيارة التي تم إطلاقها في فبراير/ شباط 2023، جولة مكثفة من الاختبارات الصحراوية للمرة الأولى في الإمارات وسط ظروف مناخية حارة، وقدّم نظام الدفع بخلايا الوقود أداءً قوياً، في ظلّ درجات حرارة فاقت ال 45 درجة مئوية، وفي مواجهة رمال وغبار ومنحدرات متفاوتة وتقلّبات معدلات الرطوبة.

وتصدّرت مشروعات الهيدروجين الأزرق؛ أوجه التعاون المرتقب بين شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، وشركة النفط الأذربيجانية «سوكار».

إنتاج وتصنيع الحديد الأخضر

وقعت مجموعة حديد الإمارات «أركان»، و«أوميوم»، وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، اتفاقية تعاون استراتيجي في مجال أبحاث وتطوير الهيدروجين، بحضور وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات. يهدف هذا التعاون، الذي أتى في إطار مبادرة «اصنع في الإمارات»، إلى إعداد برنامج بحث وتطوير شامل للمساعدة على تسريع تبني الهيدروجين الأخضر، وهو مصدر للطاقة النظيفة في قطاع الحديد، ما يتيح لمجموعة «حديد الإمارات أركان» أن تكون إحدى شركات تصنيع الحديد الأخضر.

تنقل بيئي

وقّعت «هيونداي موتور» مذكرة تفاهم مع مجموعة «بيئة»، للترويج لمشروع التنقل الهيدروجيني التجريبي في الإمارات، واستكشاف المزيد من فرص التعاون، حيث تقوم المجموعة بتشغيل أسطول يضم أكثر من 2,000 مركبة لجمع النفايات، بما في ذلك المركبات الكهربائية، وتواصل «بيئة» استكشاف مدى إمكانية اعتماد الهيدروجين وقوداً لمركباتها، ضمن عملياتها في إطار الاستراتيجية العامة للهيدروجين، التي أطلقتها الإمارات، وبما يرسخ لمواصلات خالية من الانبعاثات ومدن جاهزة للمستقبل. وأعلن «المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية»، بصفته السلطة العليا المسؤولة عن وضع السياسات والاستراتيجيات العامة للشؤون المالية والاستثمارية والاقتصادية وشؤون البترول والموارد الطبيعية لإمارة أبوظبي، عن إصدار السياسة العامة للهيدروجين منخفض الكربون.

تحويل النفايات إلى هيدروجين أخضر

أبرمت مجموعة «بيئة»، اتفاقية تطوير مشتركة مع كلّ من «تشينوك هيدروجين» البريطانية، و«إير ووتر»، اليابانية، وذلك بهدف إنشاء أول محطة تجارية لتحويل النفايات إلى هيدروجين أخضر ممتاز في العالم، انطلاقاً من إمارة الشارقة.

ويأتي هذا التعاون في أعقاب الإنجازات الاستثنائية التي حققتها أول محطة تجريبية في العالم لتحويل النفايات إلى هيدروجين أخضر ممتاز، والتي تم افتتاحها مؤخراً بمدينة نوتنغهام البريطانية في إطار التحالف الثلاثي2050.

وحققت المحطة التجريبية؛ إنجازات كبيرة، من خلال تبني حل عملي فعال، يسهم في إنتاج الهيدروجين الأخضر الممتاز من النفايات دون انبعاثات كربونية.

سياسة للهيدروجين منخفض الكربون

أطلقت دائرة الطاقة في أبوظبي، ومكتب أبوظبي للاستثمار، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، تعاوناً استراتيجياً هدفه تطوير اقتصاد الهيدروجين في أبوظبي.

ويأتي هذا التعاون؛ في أعقاب إطلاق السياسة العامة للهيدروجين المنخفض الكربون في إمارة أبوظبي، التي تحدد المبادئ الرئيسية لتسريع إنتاجه على نطاق واسع. وسيعمل هذا التعاون على ربط مراكز الإنتاج والعملاء ومرافق تخزين الهيدروجين في جميع أنحاء دولة الإمارات.

ومن المتوقع أن يسهم التعاون، في دعم تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر في أبوظبي، بتهيئة أوضاع السوق المناسبة لاستقطاب الاستثمارات الدولية والتنمية المشتركة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/fphnt54v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"