عادي
قراءات

هل يموت الغرب في عام 2050؟

00:06 صباحا
قراءة 3 دقائق
باتريك. جيه. بوكانن

القاهرة: «الخليج»

مثلما كان تنامي عدد السكان طوال وقت مديد علامة على أن الأمم تتمتع بصحة جيدة، فإن هبوط عدد السكان صار سمة للأمم وللحضارات التي تعيش حالة انحطاط، وإذا ما كان هذا صحيحاً فإن الحضارة الغربية تكون، مع وضع القوة والثروة جانباً، في حالة حرجة، وذلك لأن السكان في الغرب قد بدأوا في التلاشي، وستظهر نتائج هذا التلاشي بقوة مع حلول عام 2050.

هذا ما يذهب إليه باتريك. جيه. بوكانن في كتابه «موت الغرب»، ترجمة محمد محمود التوبة، متتبعاً أثر شيخوخة السكان وموتهم وزيادة معدلات الهجرة إلى الغرب، مؤكداً أنه في الوقت الذي تضاعف فيه عدد سكان العالم إلى ستة بلايين نسمة، مع الألفية الجديدة، في غضون أربعين عاماً، فقد توقفت الشعوب الأوروبية عن التكاثر، وبدأ عدد السكان بالهبوط، ومن بين الأمم الأوروبية السبع والأربعين هناك أمة واحدة فقط، وهي ألبانيا المسلمة كانت تحتفظ في العام 2000 بمعدل مواليد كاف ليبقيها حية إلى أجل غير محدد، أما بقية أوروبا – كما يرى المؤلف – فقد بدأت تموت.

ينتقل المؤلف إلى مستوى آخر من الحديث فمع سقوط جدار برلين سعى هيلموت كول مستشار ألمانيا الغربية لأن يوحد البلاد بعد 45 عاماً من الانقسام في أثناء الحرب الباردة، وسمعت في بريطانيا وروسيا وفرنسا حتى الولايات المتحدة صيحات ملتاعة تقول إن العالم لم يبق قادراً على أن يثق بألمانيا موحدة، واحتج المعارضون بأن ألمانيا حاولت مرتين أن تقهر أوروبا، ما الضمانة التي نملكها على أن ألمانيا الموحدة لن تزحف مرة ثانية على أوروبا؟ هكذا يسأل المؤلف.

هذا قلق يستطيع الغرب أن يطرحه ليستريح، فمع شيخوخة وموت الشعب الألماني ومع كون الأطفال الألمان المتوقعين أقل بخمسة ملايين في العام 2050 من عددهم في العام 2000 فإن ألمانيا مثل جندي شائخ في أغنية الجنرال ماك آرثر: «توشك بالضبط أن تتلاشى ببطء»، كما أن التوقعات المستقبلية للعرق الإيطالي، العرق الذي أعطى أوروبا مجدها هي توقعات أكثر إيلاماً.

وهكذا يستعرض المؤلف حال دول أوروبا، ليسأل عن بريطانيا: وماذا يخبئ المستقبل للإنجليز؟ ويقول: حسب علماء السكان سيكون الشعب هناك أقلية في وطنه مع نهاية هذا القرن، فالإنجليز لا ينجبون ما يكفي من الأطفال لإعادة إنتاج أنفسهم، وهذه هي المرة الأولى التي يصير فيها سكان محليون رئيسيون طواعية منهم أقلية، من غير طريق الحرب أو المجاعة أو المرض.

من بين الأمم التي تتميز بمعدلات مواليد منخفضة جداً خارج أوروبا اليابان وأرمينيا، واليابان لم تكسر عزلتها إلا في عام 1868 وفي غضون ثلاثين عاماً كانت منافساً قوياً للقوى الغربية، اليابان هزمت الصين واستعمرت تايوان، وانتصرت على روسيا في أول حرب، استطاع فيها آسيويون أن يهزموا قوة غربية كبيرة، ولكن شيئاً ما حدث لليابان فهي أيضاً بدأت تموت.

هل موت الغرب أمر لا مناص منه؟ يرى المؤلف أن موت الغرب ليس استشرافاً لما سيحدث، إنه تصوير لما يحدث الآن، إن أمم العالم الأول تموت، وهي تواجه أزمة مميتة، لا بسبب شيء ما يحدث في العالم الثالث، بل بسبب ما لا يحدث في الوطن، وفي بيوت العالم الأول، مضى على معدلات الخصوبة الغربية عقود وهي تهبط، وفي ما يقارب 20 بلداً فإن المسنين يموتون بأسرع مما يجري إنجاب الشباب، وليس هناك إشارة للعودة عن ذلك.

باتريك. جيه. بوكانن كان مستشاراً كبيراً لثلاثة رؤساء أمريكيين، وهو مؤلف لخمسة كتب من بينها واحد من الأفضل مبيعاً، وكاتب عمود صحفي ينشر في عدة صحف، وعضو مؤسس لأشهر ثلاثة برامج في التليفزيون الأمريكي، وهو أيضاً كاتب مثير في أفكاره ومواقفه، وتسبب مقالاته كثيراً من الجدل الثقافي والسياسي، منذ أكثر من عشرين عاماً، وهذا الكتاب نموذج لطريقة تفكيره ومعالجته لعدد من المشكلات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5c52ptkj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"