الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم، وما يرافقها من تطورات مهولة في مجالات الاتصالات، التي تقودها شبكة الإنترنت، والتي قفزت بالتطلعات البشرية نحو آفاق غير مسبوقة، كان لها أثر كبير في مختلف المجالات، وفي كل تفاصيل الحياة.
ولا يمكن أن تجد مجالاً من مجالات الحياة الحديثة لم تدخل فيه التكنولوجيا وأدواتها على اختلافها، ومن دون شك أن هذا الدخول ساهم بشكل كبير في جودة الحياة والرفاه للإنسان. وينتظر من هذه التكنولوجيا المزيد من الآثار الإيجابية، التي تدفع بالإنسان نحو مصافّ التطور والنهوض والسعادة والتفوق. من أهم المجالات التي شهدت تطوراً ملحوظاً ومتتابعاً وأيضاً مستمراً، التنمية المستدامة، والعمران الذكي، أما التنمية المستدامة، فتستهدف توفير المتطلبات والاحتياجات للناس في العصر الحالي، ولكنها أيضاً تستهدف التجهيز للأجيال القادمة؛ للتمكن من تلبية احتياجاتهم، وأدواتها التوازن والتطور والاسترشاد، في مجالات الاقتصاد والتنمية بصفة عامة.
أما العمران الذكي، فيتوجّه نحو تسخير التقنيات الحديثة والتكنولوجيا، لتطوير الإدارة والبناء والصيانة للمدن، ويتحقق هذا من توفر الخدمات المتميزة المتقدمة المتطورة. بشكل عام، ومن دون جهد أو خلل، وفي اللحظة نفسها، تكون هذه الإدارة للمدن مستدامة، لتكون الخدمات مستمرة وفي حالة من التطور الدائم. ومن أهم المجالات التي يمكن أن يكون لها أثر في جودة الحياة، بصفة عامة، البيئة المريحة الصحية، وتوفير وسائل نقل منتظمة وتستخدم التقنيات الحديثة، تتضمن الإدارة الذكية للموارد والمكتسبات، وتعطي أولوية للأمان والسلامة.
فضلاً عن هذا، فإن حماية البيئة لها أهمية، مثل تسخير التكنولوجيا في العمل على خفض انبعاثات الكربون، والعمل على تقليل استهلاك واستخدام الموارد الطبيعية، وذلك باستخدام الطاقة المتجددة والعمل على تطويرها. ومن شأن مثل هذا التوجه أن يعزز جوانب مهمة مثل الابتكار والإبداع والتخطيط في المستقبل، والعمل على تطوير التقنيات الحديثة.
ومع أن تنمية المدن، والعمران الذكي تعتبر من الأهداف المستقبلية للكثير من البلدان والمجتمعات، إلا أننا، ولله الحمد، في الإمارات نعيش فعلاً في تنمية مستدامة، وفي مدن ذكية، بكل ما تعني الكلمة، بل إننا نطور في هذه المجالات ونحدّث، ونقدم خبراتنا لدول ومجتمعات أخرى.
وتبقى التنمية المستدامة واحداً من أهم مقومات جودة الحياة في العصر الحديث، ومن دون شك أن المدن الذكية، تقدم فوائد كثيرة، من أهمها خفض التكاليف وجودة الخدمات التي تقدم للناس. والتوجه نحوها ليس ترفاً بقدر أنه حاجة للمحافظة على الموارد الطبيعية، والحماية من التلوث، واستباق الحلول، للعقبات والصعوبات.