عادي

الصين تمد نفوذها لأفغانستان.. والتجارة مفتاح العلاقات

21:21 مساء
قراءة 3 دقائق

كابول- أ.ف.ب

في وقت لم تعترف معظم دول العالم بحكومة طالبان منذ عودتها إلى الحكم، تعمل الصين على تنمية روابطها الدبلوماسية والاقتصادية مع أفغانستان، ما يثير ارتياح كابول.

تحافظ بكين على علاقات جيدة مع دولة يعتبرها معظم العالم منبوذة، وتعقد مع قادتها بانتظام اجتماعات وزارية ومحادثات حول طرق تنمية التجارة الثنائية والاستثمار الصيني الضخم في النحاس وفتح طريق بين البلدين. وفيما تقلّل من أهمية شكليات هذه الروابط المتنامية، تعمل بكين على زيادة استثماراتها في أفغانستان، وهي علاقة يمكن أن تعود بالمنفعة على الطرفين، وفق ما يقول محللون ودبلوماسيون.

وقالت المحللة في مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس فاليري نيكيه: إن «أفغانستان منطقة ذات تحديات، لكن السمة المميزة للصينيين هي أنهم يذهبون إلى حيث لا يذهب أحد، في محاولة لتحقيق مكاسب». وأضافت: «الصينيون يمدون أيديهم إلى الأفغان الذين يحتاجون إلى كل المساعدات الممكنة».

وفي أيلول/سبتمبر، أصبحت الصين أول بلد يعيّن سفيراً في كابول، والثلاثاء، قدّم مبعوث حكومة طالبان إلى بكين، مع عشرات الدبلوماسيين الآخرين، أوراق اعتماده للرئيس الصيني شي جين بينغ.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين: «أعتقد بأنه عندما يتم التطرق إلى مخاوف جميع الأطراف بشكل أكبر، فإن الاعتراف الدبلوماسي بالحكومة الأفغانية سيأتي بشكل طبيعي».

والشهر الماضي، انضمت الصين إلى روسيا في الامتناع عن تصويت في مجلس الأمن الدولي يدعو، من بين أمور أخرى، إلى تعيين مبعوث خاص إلى أفغانستان، وهو أمر عارضته بشدة سلطات طالبان.

والنهج الذي تتبعه الصين، تبادل سفراء دون اعتراف رسمي، يسمح لبكين بالحفاظ على علاقاتها مع أفغانستان مع عدم الانفصال عن مواقف بقية العالم.

موارد طبيعية

أما هدف الصين من كل ذلك فيتلخّص في القدرة على الوصول إلى ثروات أفغانستان من الموارد المعدنية غير المستغلة، وفتح سوق للسلع الصينية. وقال الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في جامعة كاردان في كابول جلال بزوان: إن «الموارد الطبيعية الهائلة في أفغانستان، مثل النحاس والليثيوم والأتربة النادرة، لديها إمكانات اقتصادية كبيرة للصين».

وعقب تعيينه في كانون الأول/ديسمبر سفيراً لأفغانستان لدى بكين، أجرى بلال كريمي محادثات مع شركة «إم سي سي» التي تملكها الدولة الصينية حول ميس أيناك، ثاني أكبر مخزون للنحاس في العالم، والواقع على مسافة نحو 40 كيلومتراً من العاصمة كابول.

وكانت «إم سي سي» حصلت على حقوق الاستغلال في عام 2008 في مقابل نحو 3,5 مليار دولار، لكن المشروع عُلّق بسبب الحرب وانعدام الأمن.

وتسبب اكتشاف بقايا أثرية بوذية في الموقع بتعقيد العملية. وقال الناطق باسم وزارة المناجم الأفغانية همايون أفغان: إن «هذه الأصول التاريخية تعد كنزاً ثقافياً لأفغانستان وجزءاً من هويتها»، بعد 23 عاماً من تفجير طالبان تمثالَي بوذا في باميان، في حادث شكّل صدمة للعالم.

كما أن الصين المتعطشة للمواد الهيدروكربونية، مهتمة أيضاً بالنفط الأفغاني. وتقول وزارة المناجم إنه منذ إعادة التفاوض في كانون الثاني/يناير 2023 على عقد قديم في حوض أمو في شمال غربي البلاد، بدأت عمليات استخراج النفط في 18 بئراً.

وأعلنت السلطات الأفغانية خطط شركات صينية لاستثمار نصف مليار دولار في الطاقة الشمسية في البلاد.

طرق الحرير الجديدة

وقال الناطق باسم وزارة الأشغال العامة أشرف حق شناس: إن طريقاً طوله 300 كيلومتر قيد الإنشاء سيربط بدخشان بالحدود الصينية. وتتشارك الدولتان في حدود تمتد على مسافة 76 كيلومتراً فقط، لكن هذا الرابط الجديد سيعزز التجارة التي تبلغ قيمتها حالياً 1,5 مليار دولار سنوياً. لكنّ أمن الاستثمارات يبقى أمراً مهماً جداً بالنسبة إلى الصين.

فقد تسبب هجوم دامٍ نفّذه تنظيم «داعش» الإرهابي في كانون الأول/ديسمبر 2022 على فندق في كابول يضم عدداً من النزلاء الصينيين، بصدمة لبكين التي دعت سلطات طالبان إلى تعزيز الأمن.

وفي إطار هذا التقارب، تمارس بكين «قوتها الناعمة» على أفغانستان عبر تقديم مساعدات إنسانية، خصوصاً عقب الزلازل القاتلة الأخيرة. حتى أنه يوجد في كابول «حي صيني» بسيط، وهو عبارة عن مبنيَين من ثمانية طوابق، حيث تباع منتجات صينية رخيصة.

وكُتبت عبارة «الحزام والطريق» بالأحرف الصينية في أعلى المبنيين، في إشارة إلى مشروع البنى التحتية الضخم الذي يربط الصين بآسيا الوسطى وبقية العالم.

وقد تدمج أفغانستان في الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني الذي يشكل حجر الزاوية في المشروع والذي يؤدي إلى ميناء غوادار الاستراتيجي الذي يمنح الصين منفذاً على بحر العرب جنوبي باكستان.

وختم بزوان: إن «الموقع الاستراتيجي لأفغانستان على طول مبادرة الحزام والطريق يجعلها شريكاً مغرياً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mw69udat

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"