عادي
جيش استخباري غير مرئي يحافظ على النظام العالمي

«ذا يونيون».. أحداث مفتعلة وأجواء تجسس وهمية

00:14 صباحا
قراءة 5 دقائق

مارلين سلوم

 تتفاءل خيراً حين ترى أمامك فيلماً جديداً من بطولة نجمين محبوبين هالي بيري ومارك والبيرج، تتحمس لمشاهدته لاسيما وأن تصنيفه أكشن وجاسوسية وكوميدي، وصاحبة الأوسكار التي صنعت فارقاً وكانت الحدث في تاريخ جوائز المهرجان الأكبر والأهم في العالم هالي بيري بارعة بالأكشن ومازالت تحتفظ برشاقتها، لكن التفاؤل شيء والخيبة التي تراها على شاشة نتفليكس شيء آخر، ففيلم «ذا يونيون» أي «الاتحاد» مجرد فبركة لأحداث غير منطقية، يتم افتعالها لتفتح مجالاً أمام صناع الفيلم لتصوير مطاردات في الشوارع والأحياء ومعارك قتالية وأجواء تجسس وهمية، تماماً كمن يتجمل ليخفي عيوباً بارزة وكبيرة لديه، فهل الإخراج تحايل ليغطي عيوب النص وتفاهته، أم أنهم جعلوا الكتابة والقصة في خدمة التصوير فجاء تفصيلها أضيق بكثير من حجم الفيلم ومن حجم بطليه؟.
ذكيٌّ هو المخرج جوليان فارينو، فهو يعرف جيداً ما الذي يجذب الجمهور، لذلك جعل انطلاقة الأحداث حماسية جداً، عملية سرية يتم تنفيذها تذكرك بأجواء أفلام جيمس بوند، العميلة روكسان (هالي بيري) تؤمن التغطية من خارج أحد الفنادق في لندن وتعطي التعليمات لبدء العملية وكيفية التوجه، المجموعة تتحرك بسرعة ولياقة ويتم الوصول إلى الهدف واقتياده إلى العربة أو بالأحرى الشاحنة الصغيرة التي تنتظرهم في الخارج، لكن قبل وصولهم يتم تفجير الشاحنة ومن ثم يقتل كل أفراد هذه المجموعة وتصاب روكسان بصدمة. في المقابل نرى في نيوجيرسي مايك ماكينا (مارك والبيرج) عامل الصلب، الرجل التقليدي الذي يعيش حياة روتينية، لديه نفس الوظيفة، ونفس الأصدقاء، ونفس الحياة التي عاشها منذ المدرسة الثانوية، لدرجة أن والدته تعرف كل شيء عنه وتتوقع ما الذي سيفعله ومن أين يأتي وإلى أين يذهب قبل أن يخبرها بأي شيء.. روح الكوميديا ترفرف طوال الوقت حول مايك، حتى علاقته بمدرّسته السابقة تتحول إلى نكتة تتردد كثيراً في الفيلم.
فرحة اللقاء
يفاجأ مايك برؤية روكسان حبيبة الطفولة والمراهقة أمامه في حانة في نيوجيرسي، والتي هجرته واختفت بلا إنذار أو مبرر لأكثر من 25 عاماً، يفرح بهذا اللقاء الذي أعدت له روكسان ولم يكن اعتباطياً، وينشغل باستعادة الذكريات والمشاعر، ثم يفقد الوعي ليجد نفسه في لندن، نقلة تغير مسار حياته من عامل بسيط إلى عميل في الاستخبارات! عميل في وكالة «الاتحاد». تعترف له روكسان بأنها خدرته، وتشرح له أن قراصنة تمكنوا من الوصول إلى المعلومات الشخصية لجميع موظفي الحكومة في العالم الغربي، من جنود إلى رجال الشرطة والقادة ومكتب التحقيقات الفيدرالي بكل عناصره، لذلك تتولى روكسان ورئيسها المباشر توم برينان (جي كاي سيمونز) قيادة مهمة استعادة هذه المعلومات لمنع وقوعها في أيدي من يستغلها.
«الاتحاد» أو «ذا يونيون» هي وكالة صغيرة شديدة السرية داخل الحكومة الأمريكية، تقوم بعمليات تشبه عمليات وكالة المخابرات المركزية، ووفق تعريف روكسان بهذه المجموعة أو الوكالة فهي «جيش غير مرئي يحافظ على سير العالم»، لذلك تبحث «الاتحاد» عن الأفراد الأذكياء الذين لا يهابون الخطر، ما لا نفهمه وما يبدو غير منطقي ولا يتناسب مع طبيعة عمل الأجهزة الاستخباراتية في العالم، كيف خطر لروكسان أن تختار صديق المراهقة والذي لم تره منذ 25 عاماً، ليقوم بمهمة خطيرة وشديدة السرية فتسافر إلى نيوجيرسي وتقوم باختطاف مايك لتخبره بأنها عميلة سرية وهذا سبب اختفائه المفاجئ من حياته، وتطلب منه مساعدته في هذه المهمة الشديدة الخطورة والتي لا ينفع معها الفشل، وحجتها الوحيدة أنه «لا أحد»، مجرد إنسان غير مشهور يعيش حياة روتينية بلا مجازفات! فما الضامن أنه سيقبل بالمهمة وأنه لن يفشي السر لأحد وأنه لن يخاف وأنه لن يفشل في المهمة في حال وافق، خصوصاً أن العملية يجب أن تنفذ بعد أسبوعين فقط، وهي المدة التي يتم فيها تدريب مايك على كل أنواع القتال باليد والقفز في الهواء من المرتفعات واستعمال الأسلحة النارية واستخدام الأجهزة للتواصل بشكل سري..؟!.
النقطة الوحيدة

طبيعة مايك التي رأيناها في بداية الفيلم لا توحي أبداً أنه من نوع الرجال الذين قد يجازفون بحياتهم من أجل قضية ما، فكيف إذا كانت مهمة استخباراتية شديدة الخطورة؟ النقطة الوحيدة التي تلعب عليها كل أفلام الأكشن الأمريكية بلا استثناء هي «مهمة إنقاذ العالم من الدمار»، وهنا يتحرك الإحساس بالواجب الوطني فيهبّ البطل لتولي المهمة والتضحية بنفسه! فهل هذا يكفي لتكليف مايك بمهمة كبيرة وخطيرة بهذا الحجم ويكون هو المسؤول مباشرة عن إنقاذ رجال الشرطة والمخابرات والأجهزة الأمنية؟
القصة التي كتبها جو بارتون ودايفيد جوجنهايم، لا تحمل حجة مقنعة لكل تلك الصراعات والقتال والمغامرات، مطاردة سارق معلومات سرية، لكنهما ينجحان في زرع الشكوك فينا لاحقاً، حين نكتشف أن هناك من يسرب المعلومات من داخل وكالة «الاتحاد»، أي أن هناك خائناً فمن يكون؟ لا بد أن تشك في الجميع، وهل يملك تلك المعلومات وهو من قام بقتل عملاء الوكالة في أول مهمة رأيناها في بداية الفيلم؟ غموض يرفع من نسبة التشويق في العمل، فيأتي الجزء الثاني من الفيلم مملوءاً بالمطاردات بالسيارات واستخدام مختلف وسائل النقل والقفز بين المباني.. روكسان ومايك عميلان تلاحقهما منظمات وعصابات وهما يلاحقان سارق المعلومات السرية.. المواقف الكوميدية لا تغيب عن الفيلم وهي ملازمة أكثر لشخصية مايك، لكنها ليست الكوميديا التي تجعلك تضحك بل ترسم على وجهك ابتسامة عابرة ليس أكثر، وللأسف تصل في منتصف الفيلم إلى مرحلة تشعر فيها بالملل، ورغم أنه لا يمتد لأكثر من الساعة و45 دقيقة، إلا أنك تجد الوقت طويلاً وكثيراً على هذه القصة الفارغة الساذجة، وأن اسم بطليه وخبرتهما وسنّيهما ومسيرتهما الناجحة أكبر من حجم الفيلم وقيمته.
اختصار الفيلم
يمكنك اختصار الفيلم بشخصيتي البطلين، فهما كل الحكاية ويحركان الأحداث وعليهما يتوقف مصير العالم، وتجدهما في كل المشاهد، سواء كانا معاً أو منفصلين، مارك والبيرج أعلى أداء من هالي بيري، فرغم لياقتها البدنية، ورغم تجسيدها لشخصية عميلة في وكالة استخبارات وهي التي تقود العمليات السرية وتغيّر مسار حياة البطل مايك وتخطط وتنفذ وتدير.. إلا أنها تفقد شيئاً من سحرها في هذا العمل، كما أن الشكل الذي اختارته من قصة شعرها ولونه إلى ملابس غير مبهر ولا يضفي عليها جمالاً، بينما مارك يبدو مسترسلاً ومنسجماً مع دور العامل البسيط، سواء من حيث الشكل أو الأداء، جي كاي سيمونز قليل الظهور لكنه مناسب لدور رئيس الوكالة، وباقي الشخصيات مساندة غير مؤثرة وليست بارزة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrrbmh44

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"