لا شك أن نظام البطاقة الذهبية، الذي أعلن عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله مؤخراً، يشكل خطوة جديدة نحو التطوير في نظم الإقامة داخل الدولة، ويمثل مرحلة جديدة أيضاً في فكر المجتمع وثقافته واتجاهاته بمختلف فئاته.
وإذا نظرنا إلى القرار، نجد أنه مبادرة لم تقتصر على منح الإقامة الدائمة للمستثمرين فحسب، بل كان للكفاءات في مجالات مثل الطب والهندسة والعلوم والفنون نصيب في تلك المبادرة، وكذا المتميزين والمواهب والمبدعين، وهذا يعني أن «التميز» سيكون عنوان المرحلة المقبلة.
وهنا نلاحظ أن القرار بمساراته، يرسم أدواراً جديدة لمختلف الفئات ومجمل مؤسساتنا، فالمقيمون على أرض الإمارات الطيبة، أصبحوا جزءاً أصيلاً من مكونات المجتمع، وفصيلاً فاعلاً في مسيرة النهضة والتنمية المستدامة للدولة، وهذا في حد ذاته مسؤولية وطنية، لابد أن يعي ماهيتها الجميع.
وفي قراءة أعمق، نجد أن المجتمع يشهد نوعاً جديداً من التنافسية، بين أفراده ومؤسساته، لبذل أعلى درجات الجهد، وتقديم المزيد من العطاء، وتحقيق التميز في مختلف المجالات، وهنا ينبغي على المسؤولين في مؤسسات الدولة وهيئاتها، الانتباه إلى تلك التنافسية لاكتشاف المزيد من المواهب والمبدعين في التخصصات كافة، لبناء مجتمع الاستثنائيين.
أما عن مدارسنا، فينبغي أن تتخلى عن التقليدية في اكتشاف المواهب، وتركز على الاستعانة بأساليب جديدة فاعلة في هذا الاتجاه، والعمل على تنمية مهارات أبنائها الإبداعية، وتعزيز مكانتهم، فالقرار يجسد أهمية دور تلك الفئات في المستقبل، وكيف تعول عليهم الدولة في مسيرتها التنموية وتنافسيتها العالمية في المجالات كافة.
وجامعاتنا تعد صاحبة اللمسات الأخيرة في مسيرة تأهيل وإعداد شبابنا إلى سوق العمل المستقبلي، الذي يحمل لنا الكثير من الوظائف التي لا نعلم ماهيتها حتى الآن، فينبغي أن تتضمن مخرجاتها، أجيالاً قادرة على استيعاب المتغيرات، ومجابهة تحديات المستقبل القريب.
أما الآباء، فيجب أن يعلموا أن اكتشاف الموهبة يبدأ من البيت، فاكتشاف المواهب في بيوتنا في وقت مبكر، يفرق معنا في الوقت الذي نستغرقه لصناعة جيل العباقرة والمبدعين، فعجلة التطوير مستمرة لا تتوقف، والمستقبل لا ينتظر أحداً.
إن نهضة الأوطان تعتمد في الأساس على سواعد أبنائها، والجهود التي تبذل من أجل بناء الأجيال، لضمان استمرار مسيرة النهضة واستدامة الازدهار في المجالات كافة، فالمبادرة في محتواها، خلقت حراكاً جديداً بين فئات المجتمع، جعل شد الهمم هدفاً، والتخطيط الجيد غاية، والتميز عنواناً، فالإبداع هو رهان البقاء والاستمرارية في المستقبل، والبطاقة الذهبية مجرد جواز مرور إلى عالم العلماء والعباقرة.
محمد إبراهيم
عن الكاتب
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
