عادي

قفزة في اهتمام مستثمري البيع بالتجزئة بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية

02:30 صباحا
قراءة 5 دقائق
دبي مول
دبي: «الخليج»

أصدر معهد المحللين الماليين المعتمدين، مؤسسة عالمية تضم خبراء في مجال الاستثمار، دراسة بحثية عالمية جديدة تناولت الوضع الحالي للاستثمار المستدام وأوجه مساهمة هذا التوجّه، الذي تسارعت وتيرته بسبب جائحة فيروس كورونا، في تشكيل قطاع الاستثمار على مدار العقد المقبل. وكانت الدراسة قد توصّلت إلى أن حوالي 85٪ من أعضاء معهد المحللين الماليين المعتمدين الذين شملهم الاستطلاع أفادوا بأنهم يأخذون بعين الاعتبار المسائل البيئية والاجتماعية و-أو مسائل الحوكمة عند الاستثمار، مقارنة بنسبة 73% قبل ثلاث سنوات فقط. لقد كان هذا النمو مدفوعًا بطلب العملاء، حيث أبدى 69 بالمائة من المستثمرين في قطاع البيع بالتجزئة و 76 بالمائة من المستثمرين المؤسسيين اهتمامًا بالاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
وأظهر الاستطلاع أن 74% من المستثمرين الإماراتيين الذين لديهم أهداف قائمة على القيم سيكونون على استعداد للتخلي عن بعض العائدات مقابل تحقيق أهدافهم الاستثمارية، وأن نسبة المستثمرين في قطاع البيع بالتجزئة في دولة الإمارات الذين أبدوا اهتماماً بالمعايير البيئية والاجتماعية ومعاييرالحوكمة أو اعتمدوها في عام 2020 بلغت 94% مقارنة بنسبة 90% في عام 2018.

7,000 جهة عالمية 

ويتناول التقرير الذي يحمل عنوان «مستقبل الاستدامة في إدارة الاستثمار: تحويل الأفكار إلى واقع ملموس» العوامل المؤثرة التي تُوجّه عملية الاستدامة ويُوضح تبعاتها على شركات الاستثمار، بما في ذلك الحاجة لاعتماد بيانات الاستدامة بشكل أفضل وتطوير الخبرات في مجال الاستدامة لتلبية توقعات المتعاملين عن طريق طرح منتجات مبتكرة. كما يتناول البحث وجهات نظر من أكثر من 7,000 جهة عالمية مشاركة تعمل في هذا القطاع، بما في ذلك متعاملي الاستثمار، والعاملين في مجال الاستثمار، والمختصصين في المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة، وغيرهم. 
وعلى الرغم من الغموض الذي يكتنف مستقبل الاستثمار المستدام، إلا أن التقرير يفيد بأن هذا النوع من الاستثمار يتفوق على الأنواع الأخرى الرائدة، ويقدّم ثلاث نقاط مهمة تدعم هذا الأمر: 

  • يُعد الاستثمار المُستدام إضافة لنظرية الاستثمار وليس رفضاً لمفاهيمها الأساسية
  • كما يقدم رؤى أكثر عمقاً ومعلومات هامة حول آليات تحقيق القيمة في المستقبل بما يراعي الاعتبارات البيئية والاجتماعية ومسائل الحوكمة 
  • ويأخذ بعين الاعتبار مختلف الجهات المعنية
  • ويختتم المعهد تقريره بالحديث عن الإجراءات التي يمكن لشركات الاستثمار والمتخصصين في هذا المجال اتخاذها لدعم وتعزيز عملية تبني مبدأ الاستدامة في إدارة الاستثمار. 

تحسين النتائج طويلة الأجل

وفي هذا الصدد قالت مارغريت فرانكلين، المحللة المالية المعتمدة والرئيسة والمديرة التنفيذية لمعهد المحللين الماليين المعتمدين: «أصبح تبني مبادئ الاستدامة في إدارة الاستثمار جزءاً من المهمة التي يسعى قطاعنا لتحقيقها بهدف خدمة المجتمع عبر تحسين النتائج طويلة الأجل. وتشكل المرحلة التي نشهدها اليوم فرصة ثمينة للمؤسسات لمواجهة هذا التحدي والمساهمة في تشكيل بيئة مستقبلية أكثر ملاءمة للاستثمار. والجدير بالذكر أن تزايد التركيز على الاستدامة في مجال الاستثمار هذه الأيام من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى استدامة الاستثمار نفسه». 
من جانبه قال وليم طعمه، المحلل المالي المعتمد والرئيس الإقليمي لمعهد المحللين الماليين المعتمدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «شهد اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يعد ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، إقبالاً متزايداً على فرص الاستثمار المستدام كجزء من الرؤية طويلة الأمد للدولة. وفي ظل الاضطرابات التي يشهدها السوق حالياً بسبب جائحة فيروس كورونا، أصبح المستثمرون في قطاع التجزئة في دولة الإمارات مهتمين بشكل أكبر بتحسين العوائد في مختلف الأسواق. ومن جهة أخرى، تبين من خلال الاستطلاع الذي أُجري مع المستثمرات أن النساء يفضلن الحصول على عوائد أعلى (حيث بلغت نسبتهن 76% مقارنة بالرجال الذين بلغت نسبتهم 67%) وإن أدى ذلك للمزيد من المخاطر (حيث بلغت نسبة النساء 24% مقابل 33% للرجال)، على عكس التصور الشائع بأن النساء أكثر عزوفاً عن المخاطرة كمستثمرات».

إلى جانب هذه النتائج، يركز التقرير على أربع مجالات رئيسية للاستثمار المستدام:

  1. ازدياد الاعتماد على البيانات البديلة وأهميتها في تحليل الاستدامة: تعد التكنولوجيا ميزة تنافسية أساسية فيما يتعلق بتحليل المسائل البيئية والاجتماعية ومسائل الحوكمة، خاصة مع توفر المزيد من مصادر البيانات وزيادة التمايز بينها، حيث أفاد ما نسبته 71% من المشاركين في الحلقة النقاشية أن استخدام البيانات البديلة سيعزز من قوة تحليل الاستدامة، بينما أكد 62٪ منهم أن الاستدامة مجال واعد يعزز قرارات الأفراد والإدارة الفاعلة، وهو ما يؤكد على الطبيعة الخاصة والسياقية لبيانات الاستدامة. 
  2. زيادة الطلب على الخبرة في مجال الاستثمار المستدام: هناك ندرة نسبية في عدد الأفراد المختصين في مجال الاستدامة في قطاع الاستثمار، حيث أفاد معهد المحللين الماليين المعتمدين، بناءً على خاصية Talent Insights التي يوفرها موقع «لينكد إن»، أن مقدار الخبرات ذات الصلة بالمناصب البارزة في مجال الاستثمار محدود ولكنه يشهد نمواً سريعاً. وكان المعهد قد أجرى مراجعة للملفات المهنية لمليون خبير في مجال الاستثمار على موقع «لينكد إن»، وتبين له من خلال هذه المراجعة أن عدد خبراء الاستثمار الذين تتضمن ملفاتهم المهنية على موقع «لينكد إن» خبرات في مجال التعامل مع المسائل البيئية والاجتماعية ومسائل الحوكمة لا يتجاوز 8,000 خبير، وهو رقم شهد ارتفاعاً بنسبة 26% في العام الماضي، بحسب ما توصل إليه المعهد. وفي الوقت نفسه، تبين من خلال عملية مراجعة تمت لأكثر من 1,000 إعلان وظيفي لمنصب مدير محافظ استثمارية على موقع «لينكد إن» أن حوالي 18% من هذه الإعلانات نصت على ضرورة أن يتمتع المتقدم للوظيفة بمهارات ذات صلة بمجال الاستدامة. 
  3. يحفز الطلب من جانب المستثمرين الشركات على تغيير نماذج الاستثمار الخاصة بها وتوسيع عروض المنتجات: هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تبني المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة في عملية الاستثمار، منها دمج المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة واعتماد أفضل المنهجيات التي تعد أكثر شيوعاً واستخداماً مقارنة بأساليب الفحص السلبي أو الإقصائي، ما يسلط الضوء على التطور الذي شهدته أساليب التعامل مع المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة بفضل التحسين الذي تم على البيانات. وتشمل فرص النمو المستقبلية في مجال المنتجات تتبع مؤشر المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة، والصناديق الاستثمارية القائمة على البيانات الكمية، والمنتجات المواضيعية المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة، والمنتجات متعددة الأصول المرتبطة بتلك المعايير أيضًا، واستراتيجيات التحول في آليات التعامل مع المُناخ، والمشاركة طويلة الأجل، واعتماد معايير مرجعية أفضل. 
  4. أهمية تبني التفكير المنظومي في تحليل الاستدامة: أظهرت جائحة فيروس كورونا ضرورة التعامل مع قضايا الاستدامة، وسلطت الضوء على أوجه الترابط في النظام المالي، وكيف تؤثر عملية تحقيق القيمة للشركات على المنظومة الذي تعمل فيها وتتأثر بها. والجدير بالذكر أن تبني قضايا الاستدامة سيتطلب تطبيق منهجية التفكير المنظومي على نطاق أوسع. 

عوامل الدفع والجذب 

وفي هذا الصدد قال رودري بريس، المحلل المالي المعتمد والمدير الأول لأبحاث القطاع في معهد المحللين الماليين المعتمدين: «لا يزال الطلب على الاستثمار المستدام جارياً بفضل عوامل الدفع والجذب التي تحفزها التوقعات المجتمعية وتزيد من تسارعها جائحة فيروس كورونا. ويجب على شركات الاستثمار التي تتبنى مبدأ الاستدامة في نماذج أعمالها السعي لاكتساب المعارف التخصصية اللازمة لتعزيز قدراتها الاستثمارية وسد الفجوة في البيانات. كما أن التعليم والتدريب في مجال المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة، إلى جانب الاعتماد المتزايد على مصادر البيانات البديلة وأطر الإفصاح المُعززة، من شأنه أن يدعم الشركات ويساعدها على تحقيق الكثير من الإنجازات على مستوى الاستثمار المستدام».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"