عادي

تكريم عالمات الإمارات.. تعزيز لمكانة المرأة ودورها التنموي

22:54 مساء
قراءة 6 دقائق
1

تحقيق: مها عادل
عندما يحصل أحد العلماء أو الباحثين على جائزة، فهي غالباً تأتي لتتويج جهده الشخصي، ولكن عندما تحصل باحثات وعالمات على جوائز فهي ليست فقط تتويج لاجتهادهن وعلمهن ولكن أيضاً تتويج للمجتمع الذي دعمهن ومنحهن الفرصة للتقدم والإبداع.

حققت المرأة الإماراتية هذا العام إنجازاً جديداً وهاماً في مجال البحث العلمي، حيث حصلت على النصيب الأكبر من جوائز برنامج الشرق الأوسط الإقليمي للباحثات الصاعدات لوريال - اليونسكو «من أجل المرأة في العلم»، الذي كرم مؤخراً 6 عالمات عربيات من مجلس التعاون الخليجي، بينهن 3 عالمات وباحثات إماراتيات، تقديراً لأبحاثهن المتميزة في المجالات العلمية المختلفة، وهن: د. مريم طارق خليل الهاشمي الفائزة عن فئة الباحثات ما بعد الدكتوراه، والباحثتان دانة ظاهر ومينا العاني عن فئة الباحثات من طلاب الدكتوراه. وفي هذا التحقيق سنقترب أكثر من عقل وفكر العالمات والباحثات الإماراتيات الفائزات لنتعرف منهم علي أفكارهن وطموحاتهن لمجتمعهم وللمستقبل، وانطباعاتهن عن الجائزة التي تمثل إنجازاً جديداً للمرأة الإماراتية العاملة في حقول العلم والمعرفة.
تحدثنا د. مريم الهاشمي عن أهمية هذه الجائزة بالنسبة لها وتقول: البرنامج منصة لدعم وتمكين العالمات ويشرفني الفوز بهذه الجائزة المرموقة تقديراً لبحثي، وستمنحني هذه الزمالة الدافع للاستمرار في مجال البحث العلمي والموارد لمتابعة أبحاثي في التحفيز الترادفي للتطبيقات الناشئة. وستكون الجائزة تشجيعًا لطالبات العلم بشكل عام ولطالباتي بشكل خاص.
وتوضح: المكاسب المحتملة من بحثي لها أثر كبير جداً في المساعدة على حل تحديات التنمية المستدامة. فالصناعة الكيميائية مهمة في اقتصاد العالم الحديث لكنها تعتمد على الوقود الأحفوري كمصدر أساسي لطاقة ما يؤدي إلى تحديات على الصعيد البيئي. فأسعار النفط غير المستقرة، ونضوب البترول، والجهود المبذولة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة من الوقود الأحفوري، كلها أشياء تجعلنا نولي أهمية أكثر لإنشاء عمليات صديقة للبيئة وفعالة لتقليل هذه الانبعاثات ولإنتاج المواد الكيميائية المفيدة. ويمكننا إنتاج مواد البناء الكيميائية المفيدة من النفط الخام الثقيل منخفض القيمة.
وتطلعنا على أهم تحديات تحقيق التنمية المستدامة وكيفية التغلب عليها وتقول: الطاقة التقليدية التي نستخدمها تعتمد على النفط كعنصر أساسي لها. ولذلك ننتج الكثير من الانبعاثات والنفايات التي تؤثر سلبًا على الأرض. وتحويل هذه الانبعاثات الضارة (مثل ثاني أكسيد الكربون) والمواد الأقل قيمة (مثل النفايات والنفط الخام الثقيل) إلى مواد كيميائية مفيدة مهم لنمو اقتصادنا بطريقة مستدامة وهذا ما أركز عليه في أبحاثي عن طريق تطوير مواد مسامية جديدة للتطبيقات الناشئة في التحفيز والفصل. وأهتم بشكل خاص بتصميم المواد التحفيزية التي بإمكانها أن تسرّع تحويل عمليات الاستدامة والسماح بحدوثها مثل تحويل الانبعاثات الضارة والمواد الأقل قيمة إلى مواد كيميائية مفيدة في مفاعل واحد، ما سيساهم في التقليل من التكلفة وتوليد المخلفات. والهدف هو القدرة على تصميم محفّزات، بإمكانها أن تقوم بأداء أفضل من المحفّزات الموجودة، أو تنفيذ وظائف لا تستطيع المحفّزات الأخرى القيام بها.
وعن حجم مساهمات المرأة الإماراتية بمجال البحث العلمي، ومستقبلها ترى الهاشمي أن للمرأة الإماراتية دوراً مهماً في البحث العلمي. وأن أعداد العالمات الإماراتيات في العديد من مجالات العلوم في تزايد. لكنها ترى أننا ما زلنا في حاجة إلي المزيد من النساء في البحث العلمي.
 وتقول: لدينا كإماراتيات كل الدعم الذي نحتاج إليه من حكومتنا الرشيدة لنتقدم في مجالاتنا. وهناك العديد من المبادرات لتمكين ودعم المرأة الإماراتية ومساعدتها على تحقيق التوازن بين مسؤوليات العمل والأمومة. ويجب عليهن فقط تكوين رؤية لمستقبلهن لتكون دافعاً للاستمرار و المثابرة في مجال العلوم.
القوّة الكامنة
تحدثنا الباحثة الإماراتية مينا العاني عن أهمية هذا التكريم وقيمته بمشوارها وتقول: تركز القيم الجوهرية للوريال على فكرة تمكين النساء من خلال تعزيز القوّة الكامنة في داخلهنّ وتشجيعهنّ. لذا، يُعتبر برنامج «من أجل المرأة في العلم» داعماً لدور النساء عبر سدّ الفجوة بين الجنسين في المجالات العلمية لإنشاء قطاع أكثر تنوّعاً، حيث أظهرت الدراسات أنّه كلّما زاد التنوّع في فريق الأبحاث، تحسّنت جودة النتائج البحثيّة التي يتمّ التوصل إليها. وباعتباري رابحة جائزة لوريال 2020، سيزيد ذلك من تركيزي في البحث القادم كما أنها تزيد من فرص الترقي في العمل فالعالم بحاجة إلى العلم، والعلم بحاجة إلى المرأة، لأن المرأة في العلم قادرة على تغيير العالم.
وتطلعنا العاني على أهمية البحث عن التصلب المتعدد والنتائج الإيجابية المرجوة منه في المجتمع الإماراتي وتوضح: التصلب المتعدد مرض مدمر يصيب الملايين حول العالم. وتتأثر دول الخليج عامة والإمارات خاصة بهذا المرض. ويجب تطوير طرق علاجية أو وقائية جديدة لمكافحة هذا المرض.
وتضيف: يمثل هذا المرض عبئاً على المجتمع لأنه لا يشمل المرضى فقط ولكن أسرهم أيضاً حيث يجب أن يهتموا بهم على مدار الساعة بسبب شلل المرضى. ومن الجدير بالذكر أن مرض التصلب العصبي المتعدد يصيب النساء أكثر من الرجال.
وبالتالي، فإن إيجاد طريقة علاجية جديدة لهذا المرض يجب أن يحسن صحة المرأة. ويهدف البحث إلى مساعدة المجتمع العلمي بما في ذلك علماء المناعة من أجل تطوير طرق علاجية أو وقائية جديدة لمحاربة التصلب المتعدد.
وعن مدى مساهمة بحثها في تسهيل الكشف المبكر للمرض تقول: الهدف الثاني من بحثي هو اختبار التوقيع النسخي/ التغيرات الجينية في التصلب المتعدد، كمؤشرات حيوية محتملة يمكن أن تساعد في التشخيص المبكر لمرضى أو في تقييم كفاءة علاجهم. وبالتالي، فإن هذه الدراسة ستفيد مرضى التصلب العصبي المتعدد والمصابين بأمراض المناعة الذاتية الأخرى.
وعن نسبة نجاح تجربة البحث على الفئران تؤكد: نسبة نجاح التجربة عالية جداً، عملنا على جعل الفئران في المختبر تصاب بمرض التصلب المتعدد وبعد ذلك قمنا بتجربة العلاج هرسبتين بعدة طرق علاجية. ويمكن تطبيقه على الإنسان كدواء وقائي وعلاجي أيضاً. وتستغرق التجربة سنة كاملة ليتم إثبات النتائج. وبسبب كورونا واجهت صعوبة في وصول الفئران المختبرية والمواد المستخدمة في البحث من خارج الدولة بسبب إغلاق المطارات الدولية.
وتطلعنا على سر نجاحها في حياتها العملية والاجتماعية وتقول: من أسس النجاح التخطيط المسبق وجدولة المهام اليومية. أنسق وقتي بحيث تكون فترة العمل من التاسعة صباحا حتى الثالثة عصراً، بعد ذلك يبدأ يومي مع عائلتي ويليه اهتمامي بنفسي وممارسة الرياضة اليومية. ودراستي تكون ليلاً قبل انتهاء يومي. والدعم الأسري مهم، فلولا دعم والدي ربيع العاني ووالدتي لما وصلت إلى كل هذه الإنجازات. وأضيف إلى ذلك الدعم المجتمعي في بيئة العمل والدراسة الذي وجدته من خلال دراستي في برنامج الدكتوراه من مشرف البحث البروفيسور عزام مغازجي وفريق العمل في مختبره في جامعة الشارقة، فكان لهم دور كبير في دعمي ونجاحي.
قيمة كبيرة
تستهل الباحثة دانة ظاهر حديثها معنا بوصف شعورها فور علمها بالتكريم وتقول: فور علمي بحصولي على جائز «لوريال-يونيسكو من أجل المرأة في العلم» أصابني شعور ممزوج بالسعادة الغامرة والفخر والمسؤولية لما تمثله الجائزة من قيمة وأهمية كبيرة في مجال تطوير البحث العلمي ودعمه للنساء الباحثات.
وعن سبب اختيار سرطان الثدي تحديداً كمجال للبحث تقول: يعد سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء في جميع أنحاء العالم وهو السبب الرئيسي لوفيات السرطان بين النساء بعد سرطان الرئة. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تبلغ نسبة الإصابة بمرض سرطان الثدي بين أنواع أخرى من السرطانات في الإمارات 22.4٪ وتتسبب في حوالي 24.1٪ من الوفيات المرتبطة بالسرطان بين الإناث.
وتقول: أهدافي من هذه الدراسة تشمل التوصل لأهداف علاجية تتميز بها الخلايا السرطانية عن الخلايا الطبيعية ومن ثم توفير مركبات علاجية تهاجم هذه الخلايا السرطانية محققةً أعلى فعالية وأكثر أماناً على الخلايا الطبيعية.
وأيضاً تحديد أنواع سرطانات الثدي التي تعتمد أكثر من غيرها على معدلات أيضية عالية وبالتالي تحديد الأكثر استجابة لهذا النوع من العلاج خاصة بين المجتمع العربي والإماراتي. بالإضافة لتحسين استجابة مرضى سرطان الثدي للعلاج الكيميائي والمناعي، وأطمح في وصول هذه الأبحاث للتجارب الإكلينيكية وبالتالي تحسين العلاج ورفع نسب الشفاء.
وتقدم ظاهر بعض النصائح للمرأة العربية والإماراتية للوقاية وتفادي الإصابة بالمرض وتقول: هناك بعض النصائح وهي من أهم سبل الوقاية التي يجب على جميع الإناث الالتزام بها، بداية لابد من الالتزام بنمط حياة صحي عن طريق ممارسة الرياضة بانتظام وتناول الأطعمة الصحية المليئة بالألياف والابتعاد عن الأطعمة التي تحتوي على المواد الكيماوية ونسب عالية من السكريات لأنها تؤثر على ارتفاع مؤشر كتلة الجسم وبالتالي رفع نسبة الإصابة بسرطان الثدي. والابتعاد عن التدخين وتجنب التعرض لأشعة الشمس الضارة لفترات طويلة.
ومن الجدير بالذكر أن الفحص الدوري والمبكر خاصة للنساء اللاتي لديهن تاريخ عائلي مع سرطان الثدي، له أهمية كبيرة في اكتشاف الورم السرطاني وهو في مراحله المبكرة جداً وبالتالي استخدام أنماط علاجية بسيطة وفعالة.
وعن سر ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الثدي في المجتمعات العربية أكثر من معدلاتها بالغرب توضح: يرجع ذلك إلى عدم التزام النساء بالفحص الدوري المبكر، سواء الفحص المنزلي أو الفحص السنوي عن طريق الأشعة «الماموجرام»، لما لها من دور كبير وفعال في اكتشاف الورم السرطاني في مراحله المبكرة جداً، ما يسهم في معالجته باستخدام شتى العلاجات المتاحة والتقليل من فرص انتشاره وتشكيله خطر أكبر على حياة المصابة. 
وتؤكد ظاهر على أهمية تكثيف حملات التوعية بطرق الوقاية من سرطان الثدي وأهمية الكشف الدوري والمبكر لتقليل فرص الإصابة بالمرض.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"