فوضى «الجروبات»

05:03 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

مع التقدم التكنولوجي وزخم التطبيقات الذكية، بدأت تطل علينا ظاهرة انتشار «الجروبات» أو المجموعات التي رمت بظلالها على المجتمع، لدرجة أننا أصبحنا نعيش في فوضى مبالغ فيها، بسبب انتشار تلك «الجروبات» خلال الفترة الأخيرة، لاسيما أنها بدأت تشكل معاناة لمختلف فئات المجتمع.

الغريب أن لكل مجموعة قوانين ولوائح وضوابط خاصة تحكمها، يتم وضعها بحسب رؤية «مدير الجروب»، وأهدافه؛ إذ يضيف ويحذف ويحظر وفق أهوائه، بلا رقيب أو حسيب، واعتبرنا أن هذا في مجمله ليس مشكلة، ولكن المشكلة الحقيقية في المحتوى الذي يتم تداوله، وهل هو صادق ومفيد لأعضاء كل مجموعة.

في الواقع أبرز «الجروبات» التي تثير الجدل، وتفتح باب التساؤلات على مصراعيه، هي تلك التي تركز على التعليم، فكم هي كثيرة متنوعة، ومتعددة المسميات، ومختلفة في المضمون والهدف، لاسيما على تطبيقي «واتس أب، وتيليجرام»، فهذا «جروب» يسوق للدروس الخصوصية مقابل اشتراك شهري قدره 250 درهماً نظير إعلانات المعلمين، وآخر لنشر الدروس وحل الواجبات وأوراق العمل، وثالث لوظائف المعلمين واحتياجات المدارس، ورابع للتعليم عن بُعد، وخامس لتوصيل التعليم إلى المنازل.

وعلى الرغم من أن تلك المجموعات لعبت دوراً مهماً في التواصل بين إدارات المدارس وأولياء الأمور، وأسهمت في ردم الفجوة بينهما، فإنها تعمل وفق ضوابط وآليات عشوائية يتحكم فيها أشخاص أكثر عشوائية، وتركز اهتماماتهم على الترويج وتحقيق الأرباح من لا شيء، رافعين شعار: «فتح عينك تأكل ملبن».

وهنا نتساءل: من المسؤول عن مراقبة تلك المجموعات وما يتم تداوله من خلالها؟ فالمحتوى متعلق بمستقبل الأجيال، ومن يضمن لنا سلامة المحتوى التعليمي وأوراق العمل التي يتم تناقلها؟ ومن أين يعلم القائمون على إدارة تلك «الجروبات» أن المعلمين الذين يدفعون لنشر إعلاناتهم، حقاً معلمون، ويمتهنون مهنة التدريس.

أسئلة كثيرة تحتاج إلى وقفة جادة من الجهات المعنية لمحاسبة هؤلاء المرتزقة القائمين على إدارة تلك المجموعات من أجل التربح، دون مبالاة بأن الأمر يتعلق بمستقبل أبنائنا التعليمي، وليست لدينا أية ضمانات تؤكد صدق وصحة المحتوى المتداول، أو حقيقة المعلمين الذين يتم التسويق لهم.

التعليم ليس سلعة تباع وتُشترى، ولا يقبل المتاجرة بهذه الطريقة المهينة، وتداول المحتوى التعليمي بهذا الشكل أمر غير مقبول، وتنصيب بعض العاملين في المدارس أنفسهم كأولياء لهذه المجموعات، دون الاستناد إلى قوانين معلومة نطمئن من خلالها على سلامة المحتوى المتداول وأهميته وفوائده، أمر مرفوض جملة وتفصيلاً.

نناشد المسؤولين لإيقاف فوضى «جروبات» التطبيقات الذكية، ووضع ضوابط وآليات واضحة المعالم تحكم وجودها، لاسيما تلك التي تركز على التعليم، لحماية أجيالنا من دروس مسمومة قد تُتداول، أو معلم زائف يُسوِّق لنفسه من أجل حفنة دراهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"