عادي
مترجمة حرفياً للعربية أو باللغة الأجنبية

النشرات الدوائية..دلالات طبيـة تشـعر المرضـى بالخـوف والقـلـق

01:33 صباحا
قراءة 9 دقائق
565

تحقيق: رانيا الغزاوي

وفقاً لقوانين الصيدلة في معظم الدول المتقدمة، تلتزم الشركات المصنعة للأدوية بإرفاق نشرة دوائية لكل علبة دواء، تحتوي على المعلومات كافة عن الدواء ومادته الفعالة، والتفاعلات المحتملة بين الأدوية كوجود مضاعفات أو تأثيرات مختلفة على نشاط الدواء عند الدمج مع أدوية أخرى، والجرعة الموصى بها للدواء وفقاً للسن والوزن، وتعليمات التخزين والظروف المناسبة لكل دواء، ومواعيد أخذ الدواء خلال اليوم، أو إذا كان قبل أو بعد الوجبات، إضافة لعرض الآثار الجانبية المحتملة الحدوث للدواء، حتى وإن كانت هذه الآثار الجانبية نادرة جداً.
وعلى الرغم من أهمية هذه المعلومات الواردة في النشرات، إلا أن بعض المرضى يتجاهلون قراءتها مكتفيين بتعليمات الطبيب المعالج والصيدلاني الذي يصرف الدواء، معللين ذلك بوجود عدد من السلبيات في هذه النشرات، تصيبهم بحالة من الإرباك أهمها الآثار الجانبية للأدوية، والتي تتم ترجمتها حرفياً بشكل يعطي دلالات غير واضحة ولا مفهومة، تشعرهم بحالة من الخوف والقلق قد يمنعهم من أخذ العلاج والتخلف عن الجرعات، إلى جانب صغر حجم الكتابة، وعدم وجود نشرة باللغة العربية في بعض الأدوية، ما يضطرهم إلى رميها على الفور بعد فتح علبة الدواء.

الأطباء أكدوا أن الأصل تعريف المريض بدواعي استعمال الدواء وكل ما يتعلق بتأثيراته الجانبية واستخداماته وجرعاته من مسؤوليات الطبيب المعالج أو الصيدلاني، كما أن النشرات تحتوي على معلومات صعبة الفهم للمريض كتركيزات الأدوية وتداخلاتها والتي تعني الكادر الطبي بشكل رئيسي، فيما يرى آخرون أن قراءتها أمر ضروري خصوصاً للأدوية التي يتم شراؤها من الصيدليات مباشرة دون طبيب.
 خوف وقلق نفسي 
عن القلق النفسي الذي قد يصيب بعض المرضى عند قراءة النشرات الدوائية، يتحدث الدكتور طارق درويش مدير الشؤون الطبية في جناح العلوم السلوكية بمدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، قائلاً: «يقرأ بعض المرضى النشرة الدوائية الموجودة داخل علب الدواء متمعنين في الآثار الجانبية للدواء، ويتأثرون بها ويتولد لديهم إحساس بالخوف والقلق النفسي من الآثار المترتبة على استخدام الأدوية بشكل عام وأدوية الأمراض النفسية بشكل خاص، ما يحدث لهم إرباكاً وقد يفضلون عدم تناوله نهائياً، في حين يتخلص البعض الآخر من علبة الدواء مع النشرة، غير مبالين بما تحتويه من معلومات طبية مهمة، وهذه نتيجة طبيعية وظاهرة نفسية قد تصيب عدداً كبيراً من المرضى في المجتمع، خصوصاً ممن هم على غير دراية ومعرفة كافية بالتأثيرات الدوائية».
أخذ رأي الطبيب 
ويضيف:«إذا كان المريض من هواة الاطلاع وقراءة نشرات الأدوية، فيجب عليه إذا أصابه قلق من أي معلومة مذكورة في النشرة الطبية أن يأخذ رأي الطبيب المعالج على الفور، وسيوضح له الآثار الجانبية شائعة الحدوث عند استخدام الدواء، وكيفية التعامل معها عند حدوثها، كون بعض الأدوية قد تنتج عنها حساسية في الجسم، والبعض قد ينتج عنه اضطراب في ضربات القلب، وأخرى ضيق في التنفس، وأنصح هؤلاء المرضى بتجنب الانزعاج عند قراءة النشرة، والابتعاد عن الخوف، والتهويل عند معرفة بعض الآثار الجانبية التي لا يخلو منها أي دواء، والتي تكون نادرة الحدوث في كثير من الأحيان، وإخبار الطبيب المعالج بأي تحسس قد يصيب أياً منهم، حتى يتجنب تكرار وصف الدواء لسلامة صحة المريض».
ويتابع: «أن المريض بشكل عام إذا قرأ أن الدواء سيسبب له على سبيل المثال الغثيان أو الحموضة أو الدوار، لن يتناوله، وقد يصاب البعض بالأعراض الجانبية المذكورة، وذلك بسبب نفسي وليس بسبب عضوي في حال قرأ النشرة، نتيجة الخوف مما تتضمنه، خصوصاً في ظل عدم وجود خلفية طبية لديه، ما يسهم في إساءة فهمه بعض المعلومات الواردة فيها، وخلق المخاوف والقلق».
 قراءتها أمر ضروري 
من جهتها، توضح سمر الناصر مديرة صيدلية بمستشفى في أبوظبي، أن جميع الأدوية هي عبارة عن مواد كيميائية لها مضاعفات وأعراض جانبية وتوصف من قبل الطبيب المختص بعد دراسة الحالة والتاريخ المرضي ونوعية المرض، ولكن مع ذلك هناك نشرة مرفقة مع كل دواء باللغتين العربية والإنجليزية، يجب على المريض قراءتها، وفي حال عدم إجادته القراءة عليه الاستفسار من الطبيب أو الصيدلي لشرح الآثار الجانبية للدواء وهذا من حق المريض، مشيرة إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لا يقرؤون النشرات الدوائية، علماً بأن قراءتها تعتبر أمراً ضرورياً للوقوف على تداخلات ومضاعفات الأدوية وموانع استخداماتها، خاصة تلك التي يتم شراؤها بدون وصفة طبية من الصيدليات مباشرة للحوامل والأطفال لأنها قد لا تناسب حالاتهم الصحية أو قد تسبب مضاعفات جانبية، والعمل على استشارة الطبيب خاصة أو الصيدلي عن المضاعفات، فهناك أدوية تسبب النعاس ويحظر تناولها أثناء القيادة بل يجب تناولها وقت الخلود إلى النوم، كما أن هناك أدوية تسبب مضاعفات جانبية للمريض تفاقم مرضه وقد تسبب له عاهات دائمة.
وتلفت إلى أن الجهات الصحية في الدولة، تشترط على الشركات الموردة للأدوية أن تكون النشرة المرفقة مع أي علبة دواء مكتوبة بخط واضح باللغتين العربية والإنجليزية، للتسهيل على القارئ معرفة محتويات الأدوية التي يتناولها والتداخلات الكيميائية والمضاعفات، ومدى تأثيرها في الجسم، وما ينبغي على المريض تجنبه أثناء تناول الدواء، وطريقة تناول الدواء، ومقدار الجرعة بالضبط وعدد الجرعات ومواعيد تناولها، وطريقة تخزين الدواء والتوصيات العامة.
 العلاقة بالمريض 
ويؤكد الدكتور فادي هاشم استشاري أمراض النساء والولادة في أبوظبي، حق المريض في معرفة كل الأمور المتعلقة بالدواء الذي سيتناوله، وليس بالضرورة عن طريق ترجمة النشرات المرفقة مع الدواء، وإنما يجب أن يتم ذلك من خلال العلاقة التي تربط الطبيب المعالج مع المريض وهي الأساس، وتقع على الطبيب المعالج والصيدلي مسؤولية تعريف المريض بدواعي استعمال الدواء ومكوناته والمضاعفات التي قد يتسبب بها، بموجب البروتوكولات العالمية المتعلقة بحقوق وواجبات المرضى، التي تعتبر أهم بكثير من ترجمة النشرة المرفقة مع الدواء إلى اللغة العربية.
ويشير إلى أن قرار الطبيب يعتبر الأصح كونه قراراً طبياً حيث يقوم بدراسة الحالة البيولوجية والفيزيولوجية للمريض، وبالتالي فإن النشرة الطبية تكون عامة، كما أن هناك تخوفات دائماً من النشرات التي يتم إرفاقها مع الدواء من تحول المريض إلى طبيب لنفسه، بمعنى أن المريض بعد قراءة النشرة قد يتوقف عن تناول الدواء، في حال وجد أن هذا الدواء يسبب بعض الأعراض أو المضاعفات، وقد يقوم بتغيير أو شراء دواء آخر وفقاً لفهمه للنشرة ودون استشارة الطبيب، وهذا ستكون له نتائج عكسية على صحة وسلامة المريض، لافتاً إلى أن بعض الأدوية قد تسبب العقم في حال استخدامها لفترة طويلة، ومثل هذه الأدوية توصف من قبل الأطباء لفترات محدودة لأن قرار استخدام الدواء هو قرار مدروس من قبل الطبيب، بحسب مقتضيات كل حالة، وبالتالي استخدام الدواء يجب أن لا يكون مبنياً في الأساس على النشرات الدوائية المرفقة للدواء، وإنما بناء على قرار الطبيب المعالج.
 عدد من السلبيات 
من جهته، يشير الدكتور محمد عمر رسلان أخصائي الجهاز الهضمي في أبوظبي، إلى عدد من سلبيات النشرات الداخلية للأدوية، التي تعوق عدداً كبيراً من المرضى على فهم مضمونها وتتضمن، وجود بعض الأجزاء غير المفهومة لشريحة كبيرة من المرضى ما يجعل المريض يهمل قراءة النشرة الداخلية للدواء، إضافة إلى كتابة النشرة بخط صغير يجعل المريض لا يستطيع قراءتها، فضلاً عن احتوائها على معلومات صعبة الفهم للمريض تهم الطبيب بشكل أكبر كتركيزات الأدوية وتداخلاتها، كما أن عدداً كبيراً من الأدوية المستوردة المتوفرة في الصيدليات نشرتها الداخلية مكتوبة باللغة الإنجليزية فقط، وبالطبع ليس لجميع المرضى القدرة على قراءتها بسبب اختلاف اللغة، وعدم ذكر كل الآثار الجانبية للدواء فبعض النشرات لا تحتوي على كل الآثار الجانبية وتكتفي بذكر أثر أو اثنين، وبعض هذه النشرات أيضاً لا تذكر نسب حدوث الآثار الجانبية، ما يؤدي إلى تخوف المريض وتركه للدواء، خوفاً من حدوث تلك الآثار الجانبية له.
بيانات لا تهم المريض
ويرى أن المعلومات التي تحملها هذه النشرات تنقسم إلى قسمين، الأول بيانات لا تهم المريض في شيء كالتركيبة الدوائية والكيميائية لجرعة الدواء والتي تتعلق بشكل مباشر بالأطباء والصيادلة بخلاف الجرعة الموصى بها، أما القسم الثاني يتم فيه وضع التأثيرات الجانبية للدواء بعضها قد يتحقق وغالبيتها تكون نادرة الحدوث بحيث تصاب بها حالة من بين 100 أو 1000 حالة على سبيل المثال، حيث تجذب قارئ النشرة للتعرف إلى التأثيرات الممكن حدوثها، وقد يساهم ذلك في رد فعل عكسي كامتناع المريض عن أخذ الدواء، مشيراً إلى أن كثيراً من المرضى الذين تتم متابعتهم في عيادته يتخوفون من أن تتسبب أدوية حموضة المعدة مثلاً في عسر الهضم المزمن، بحسب النشرة الداخلية لأحد الأدوية شائعة الاستخدام.
 لغات أجنبية دون العربية 
ويؤكد عدد من مرضى ومراجعي العيادات الطبية التقتهم «الخليج» أن كتابة النشرات بخط صغير جداً، إضافة إلى كتابة معظمها باللغات الأجنبية دون العربية، فضلاً عن وجود معلومات طبية غير مفهومة عن التأثيرات الدوائية، تعد أبرز ما يعيق المرضى عن قراءة هذه النشرات، بينما يرى آخرون أنها تقدم معرفة لا بديل عنها للمريض ومن الواجب قراءتها قبل الاستخدام، تقول يمنى عبد الرحمن إنها تقرأ النشرة الدوائية الموجودة في علب الدواء، متمعنة في الآثار الجانبية للدواء، وتتأثر بها ويتولد لديها إحساس بالخوف من الآثار المترتبة على استخدام الدواء وقد تفضل عدم تناوله نهائياً.
ويشير سلطان الزعابي، إلى أنه لا يقرأ النشرات الدوائية التي تكتب باللغة الإنجليزية وما تحتويه من تعليمات وتحذيرات، باعتباره لا يجيد الإنجليزية وإن كتبت باللغة العربية فقراءته غالباً ما تكون سريعة، منتقداً كتابة النشرة بخط صغير جداً يكاد البعض لا يستطيع قراءته، معتبراً أنها سلاح ذو حدين، فمن الممكن أن تسبب للمريض قلقاً وبالتالي عدم تناول الدواء.
تفاصيل تهم الأطباء 
ويرى حميد الهاجري، أن النشرات بها تفاصيل ومعلومات تهم الأطباء أكثر من المرضى، كما أن نشرات الأدوية الأجنبية المستوردة تتم كتابتها باللغة الإنجليزية أو بلغة الدولة المستوردة.
وتوضح بدرية حسن إبراهيم، أن بعض شركات الدواء تفضل كتابة بعض الآثار الجانبية للدواء في النشرات، فيما تحجب شركات أخرى بعض هذه الآثار، مشيرة إلى أن بعض الشركات تضع نشرات مطولة ومفصلة، فيما تضع أخرى نشرة مختصرة، مؤكدة حرصها على قراءة النشرة الدوائية للأدوية، معتبرة أن عدم قراءة النشرة يعد خطأ كبيراً، إذ إن ذلك يجعل المريض غير مدرك لآثار الدواء الذي يتناوله.
وتقول ميادة الجارحي: «من خلال تجربتي اكتشفت الكثير من الأمور التي أجهلها حول الدواء الذي يصفه الطبيب لابني البالغ من العمر عامين، فاطلاعي الدائم على النشرة ساعدني في معرفة تركيبة الدواء ومدى فاعليته وآثاره الجانبية على طفلي والطريقة الصحيحة لاستعماله، إضافة إلى أن قراءة النشرة لا تحتاج سوى دقائق قليلة تجعل المريض في مأمن من أي مضاعفات».
ويرى طارق بدوي أن نشرة الدواء لا تفيد المريض، لأنها تتضمن معلومات علمية موجهة بصفة خاصة للطبيب والصيدلي، كما أن أي دواء لا يمكن تسجيله وطرحه في السوق إلا إذا كانت فوائده أكثر من أضراره، مشيراً إلى أن بعض النشرات تكون مكتوبة بخط صغير جداً لا يمكن للبعض أن يقرأها ويحتاج لمكبر، خصوصاً لو كان من كبار السن ليتمكن من رؤية الكلمات بوضوح، علاوة على أن بعض النشرات تكون غير مفهومة للشخص العادي، وبالتالي لا تقدم الفائدة.


 65 % من مصطلحات النشرات الدوائية تترجم حرفياً


أجرت الدكتورة هالة شركس، أستاذة مشاركة بقسم اللغات وآدابها بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات، دراسة علمية حول قدرة النشرات الدوائية بمصطلحاتها الطبية المترجمة للغة العربية على إيصال المعلومات المتعلقة بالدواء بدقة ويسر للقارئ غير المختص، وخلصت إلى صعوبة قراءة هذه النشرات واستيعابها، لأسباب تتعلق بالجانب اللغوي. 
وقد أظهرت الدراسة أن ما يزيد على 65% من المصطلحات تتم ترجمتها باستخدام الترجمة المباشرة، أي التي تعتمد على النقل الحرفي من لغة المصدر دون إدراج أي شرح أو توضيح للمصطلح أو استخدام مصطلحات أخرى أكثر شيوعاً لدى العامة. 
وأشارت إلى أبحاث سابقة، بينت أن صعوبة النشرات الدوائية قد تؤثر في المرضى وتولد لديهم إحساساً بالخوف من الآثار المترتبة على استخدام الدواء، وقد يفضلون عدم تناوله نهائياً، وقد يسبب لدى البعض إرباكاً في تلقي المعلومات الطبية حول المادة الفعالة لكل دواء وفعاليتها وتركيزها وطريقة الاستخدام الآمنة، والجرعة الفعالة لكل فئة عمرية، إضافة إلى موانع الاستعمال.


«الصحة»: محتوى النشرات علمي بحت يوضح نوعية الدواء وعمله


تؤكد وزارة الصحة ووقاية المجتمع، على وجود أسس وقواعد لكتابة النشرات الداخلية للأدوية وهي قواعد معتمدة عالمياً من المنظمات الصحية الدولية كمنظمة الصحة العالمية والهيئات العالمية المعنية بالدواء، مثل هيئة الدواء والغذاء، والهيئة الأوروبية، والهيئة الأسترالية، والهيئة البريطانية، وغيرها من المرجعيات الطبية، موضحة أن هذه الأسس تحتم كتابة معلومات كاملة عن الدواء لتكون متاحة للمريض.
وتشير الوزارة، إلى أنه من حق المريض أن يعرف تماماً معلومات مفصلة عن الدواء الموصوف له ومن حقه أن يستفسر من الطبيب أو الصيدلاني عن أي معلومة واردة في النشرة وغير واضحة له، حيث إن من مسؤوليات الفريق الطبي المعالج من أطباء وصيادلة توعية المريض بكل خصائص الدواء الموصوف له ومخاطره أو آثاره الجانبية المحتملة، وكيفية التصرف في حال حدوث أي من هذه الأعراض، وبخصوص أن بعض محتوى النشرات يكون بلغة علمية بحتة في بعض الأحيان فهذا يرجع إلى نوعية الدواء وآليات عمله، لذلك يجب على المريض استشارة الطبيب أو الصيدلي، في حال وجود معلومة أو نص غير واضح في النشرة الداخلية للدواء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"