عادي

تعرف إلى شعر السبعينات المنسي

21:48 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: الخليج

ما الذي يميز قصيدة النثر؟ وهل لها ملامح تخصها، وتجعلها مفارقة لقصيدة «التفعيلة»؟ وأين نجد هذه «الملامح»؟ في الموضوع، أم في الصياغة، أم اللغة، أم المجاز، أم التصوير؟ هذه بعض أسئلة انطلق منها الدكتور أبو اليزيد الشرقاوي في كتابه الصادر حديثا بعنوان «شعرية العقل» للبحث في جماليات قصيدة النثر.

يقول الشرقاوي: «أتيحت لي فرصة ملاقاة نفر من أعمدتها (قصيدة النثر) شعراء ونقاداً، والاستماع إلى «شهاداتهم» حول الإبداع والنقد، إضافة إلى قراءة ما أمكن من قصيدة النثر، حتى صارت عندي «مفاهيم» تمثل أُطُر إدراك هذه الشعرية، حاولت تطبيقها على هذا النتاج الشعري، بعد محاولات منشورة لدراسة قصيدة التفعيلة عند صلاح عبد الصبور، وأمل دنقل، ومحمد عفيفي مطر، وقادتني هذه التجربة النقدية إلى ملاحقة الظاهرة الشعرية لدى أجيال ثلاثة: الخمسينيين والستينيين والسبعينيين، وطرح السؤال: هل هذه الأجيال امتداد لبعضها بعضاً؟ أم تمثل انقطاعاً جمالياً يتمثل في منجز شعري يؤسس جمالية مع كل جيل؟».

  • قطيعة

وانتهى الكاتب إلى أن جيل الخمسينيين شكّل قطيعة جمالية حقيقية مع ما سبقه، مؤسساً قصيدة التفعيلة وفق جماليات تخصها، ليست امتداداً لتجارب التحديث التي شاعت في العصر الحديث منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، ومن ثم يمكن الحديث باطمئنان عن «جماليات قصيدة التفعيلة» ونحن نتحدث عن جيل الخمسينيين.

ويرى الكاتب أن جيل الستينيين امتداد للخمسينيين، عمّقَ التجربة أحياناً، وسطّحها أحياناً أخرى، لكنه في أغلبه امتداد للجمالية الخمسينية نفسها، ومن ثم لا يمكن الحديث باطمئنان عن جماليات قصيدة الستينيين باعتبارها تؤسس قطيعة جمالية وتنشئ جمالية خاصة بها جديدة، وهذا عكس ما كان مع السبعينيين، الذين نجحوا في تأسيس هذه القطيعة الجمالية وتأسيس وعي جمالي خاص بهم.

جاءت أهم ملامح هذا الوعي الجمالي في سبع نقاط: بناء الصورة التي لا يمكن تخيلها بصرياً، والوصول بالصورة إلى أقصى مراحل بنائها، لأن الشاعر لا يكتب من منطلق موضوع، لكن موضوعه هو القصيدة، أيضاً ضمن هذا الوعي الجمالي قضية الشاعر في بناء القصيدة، فالغرض لا يسبق القصيدة، والقصيدة تخلق موضوعها، كما أن الهدف متضمن في الكتابة، والأغراض كامنة في لاوعي الشاعر، وتظهر في أثناء الكتابة.

وحاول الكاتب تطبيق ذلك على دواوين تصف جانباً من المشهد الشعري (وليس كله) فاختار: «كأنها نهاية الأرض» للشاعر الراحل رفعت سلام، إضافة إلى دواوين للشعراء: محمد سليمان وعلاء عبد الهادي والراحل حلمي سالم، وكان لكل دراسة مدخل خاص بها، فلا تتكرر المداخل، أو ملامح الدراسة.

وجاءت كل دراسة في فصل، يبحث الأول في «الموضوع الشعري» باعتباره أحد أهم التطورات التي لحقت بقصيدة النثر، بعد أن غاب الموضوع، وإذ يتحقق ذلك في الديوان ويكون الموضوع هو القصيدة، وأن القصيدة تخلق موضوعها، حيث لا يكون ثمة غرض سابق – جاهز، في ذهن الشاعر، فهذا أكبر التحديات التي واجهت قصيدة النثر، واحتاج التغلب عليها إلى مهارات فائقة، كشف الفصل الأول من الدراسة هذا الإجراء وأسبابه ونتائجه والقيمة الجمالية والفنية المترتبة عليه.

  • فجوة

ويتعلق الفصل الثاني بالكيفية التي يسد بناء الصور والمجاز فجوةَ غياب الموضوع، متتبعاً الإجراءات الإبداعية المتخذة في هذا السياق لبناء قصيدة تظل معدودة ضمن الشعر الجيد، بعد أن غاب عنها الموضوع، وينطلق الفصل الثالث من «قضية الشاعر في بناء القصيدة» من خلال دراسة ديوان يتحدى المفاهيم التي تشكل أطر إدراكنا للنوع الأدبي (الشعر) فيمزج النثري بالشعري وتتداخل الفنون فيه بصورة فذة، ويشكل النثر 24% من حجم الديوان، متحدياً بذلك المفاهيم النقدية لدينا عن الشعر، ويظل الديوان رغم ذلك شعراً.

ويرى الكاتب أن أغلب المكتوب عن قصيدة النثر ينطلق من مفاهيم تم استجلابها من خارج جماليات قصيدة النثر، وأن أغلب نقد شعراء السبعينات تم في ضوء مفاهيم تم تكوينها من خلال الوقوف المتأني عند شعر الستينات، وبالتالي لم تكن أغلبية هذه الدراسات النقدية حول قصيدة النثر وجيل السبعينات موفقة على الوجه المأمول، بما يعني أن جماليات شعر السبعينات لم يتم اكتشافها بصورة قاطعة حتى الآن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/24eb8umx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"