«تسونامي» الاستيطان

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ينص قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016 على «أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، غير شرعية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين وسلام عادل ودائم وشامل»، ويكرر مطالبته «إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بأن توقف على الفور جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم بشكل تام جميع التزاماتها القانونية في هذا المجال»، كما يؤكد عدم الاعتراف بأي تغييرات على حدود ما قبل 1967، بما فيها ما يتعلق بالقدس.

 لكن ماذا يحصل على الأرض؟ تتجاهل إسرائيل هذا القرار وغيره من القرارات ذات الصلة، وتمضي قدماً في سياسة الضم والتهويد وكأن قرارات المجتمع الدولي تعني دولة أخرى، ذلك أنها تعتبر نفسها فوق كل القوانين والقرارات والشرعية الدولية، لماذا؟.

 لأنها تجد من الولايات المتحدة والدول الغربية دعماً بلا حدود لسياساتها العدوانية، وهذا يعطيها القدرة على ألا تكترث بقرار يدينها من هنا أو هناك، وتجد في قرارات الشجب والإدانة مجرد كلام دبلوماسي لرفع العتب، ولا يتضمن أي جدية في ممارسة أي ضغط أو اتخاذ إجراء يردعها.

 هناك الآن 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية بما فيها القدس تضم حوالى 73 ألف مستوطن، وكلها مقامة على أراضٍ فلسطينية مصادرة. وخلال عام 2022 وحده صادقت حكومة الاحتلال على 84 مخططاً لبناء 8288 وحدة استيطانية جديدة في الضفة و2635 وحدة في القدس المحتلة.

 وقبل يومين أقرت حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة خطة لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، أطلقت فيها يد وزير المالية المسؤول عن الاستيطان في وزارة الدفاع بتسريع إجراءات الاستيطان من دون موافقة الحكومة، خلافاً لما كان عليه الوضع في السابق، وهذا القرار هو تطبيق عملي لاتفاق الائتلاف الحكومي اليميني الحالي بين الليكود وأحزاب الصهيونية الدينية، بحيث يمكن القول إن هذه الحكومة هي«حكومة استيطان» بامتياز، تعمل على تطبيق أيديولوجيتها الدينية الخاصة بالأرض الفلسطينية المحتلة باعتبارها أرضاً إسرائيلية.

 في محصلة هذا «التسونامي» الاستيطاني المتواصل يتم وضع نهاية لحل الدولتين، بعد أن يتم تهويد كل الأرض الفلسطينية بحيث لن يبقى للشعب الفلسطيني إلا الفتات من الأرض والمدن والقرى غير المتصلة، مع تسمين الوجود اليهودي في الضفة الغربية.

 كل ذلك يتم في ظل دعم الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإسرائيل، أو غض الطرف عما تقوم به، من دون اكتراث لما يمكن أن تؤدي إليه هذه الإجراءات الأحادية من خطر على الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وهي بذلك تشارك في انتهاك القرارات الدولية وتتخلى عن واجبها الأخلاقي، وخصوصاً ما يتعلق بحقوق الإنسان الفلسطيني.

 وإذا كان هذا التجاهل يطال «تسونامي» الاستيطان، فهو يطال أيضاً العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد الشعب الفلسطيني، وآخرها الاعتداء على مدينة جنين يوم أمس الذي شمل عمليات اقتحام وإطلاق نار وقصف جوي أدى إلى عشرات الضحايا.

 الضفة الغربية ومعها القدس في طريقها إلى الضم.. والمطامع الإسرائيلية لن تتوقف في كل الاتجاهات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s4dez7e

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"