عادي

الإمارات واليابان.. شراكة استراتيجية وعلاقات قوية ومتنامية

21:52 مساء
قراءة 7 دقائق

إعداد – راشد النعيمي

على مدى أكثر من 50 عاماً، تواصل العلاقات الإماراتية ـ اليابانية تطورها المطرد، مستفيدة في ذلك من دعم القيادة الرشيدة في كلا البلدين، وحرصهما المشترك على دفع هذه العلاقات إلى الأمام، ورفدها بالمزيد من أسباب النمو والازدهار.

وتعد اليابان من أوائل الدول التي اعترفت بدولة الإمارات العربية المتحدة، دولةً مستقلة في 3 ديسمبر/ كانون الأول 1971، وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 6 مايو/ أيار 1972، وافتتحت الإمارات سفارتها في طوكيو بتاريخ 20 ديسمبر 1973، بينما افتتحت اليابان سفارتها في أبوظبي بتاريخ 7 إبريل/ نيسان 1974.

الصورة

تاريخ العلاقات

يعود تاريخ العلاقات الإماراتيةـ اليابانية إلى الفترة التي سبقت قيام دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث شاركت أبوظبي في معرض أوساكا إكسبو 1970، عندما حضر المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، المعرض بصفته ولي عهد أبوظبي، بينما يعود تاريخ العلاقات التجارية بين البلدين إلى منتصف القرن العشرين.

وزار الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، دولة اليابان في مايو/ أيار 1990، وزار الإمبراطور الياباني الحالي ناروهيتو، الإمارات في يناير/ كانون الثاني 1995 وكان وقتها ولي عهد اليابان.

وتعمل الدولتان بجد من أجل بناء علاقة أكثر قوة وتنوعاً لفترة طويلة، ويتوسع التعاون على الصعيد الاقتصادي، ليشمل العديد من المجالات المختلفة؛ مثل مجال الطيران والسياحة والفضاء والثقافة والتعليم والخدمات الطبية والبيئة، وقد تم تحقيق إنجازات مهمة في جميع هذه المجالات.

وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة ثاني أكبر الدول الموردة للنفط لليابان، ومصدراً مهماً لتزويدها بالغاز الطبيعي والألومنيوم. وتُشكل دولة الإمارات العربية المتحدة، مصدراً آمناً ومستقراً وموثوقاً لتزويد اليابان بمصادر الطاقة، كما أنها تلعب دور الشريك الاستراتيجي والمتعاون في مختلف المجالات.

4000 ياباني

يعيش ويعمل ما يزيد على 4000 مواطن ياباني في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو أكبر عدد للمواطنين اليابانيين المُقيمين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، علاوة على ذلك، تعمل أكثر من 400 شركة يابانية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقد زاد التعاون في مجال الفضاء مع اليابان منذ الإطلاق الأول للقمر الصناعي «خليفة سات»، من تانيغاشيما في عام 2018، متبوعاً بإطلاق أول مسبار كوكبي لدولة الإمارات العربية المتحدة «مسبار الأمل»، إلى كوكب المريخ في يوليو/ تموز 2020. ووصل «مسبار الأمل» إلى مدار كوكب المريخ في 9 فبراير/ شباط 2021.

الصورة

تبادل تجاري

تُعد دولة الإمارات عاشر أكبر شريك تجاري لليابان على مستوى العالم؛ وذلك وفقاً لإحصاءات عام 2021، وأكبر شريك استراتيجي لليابان في مجال الطاقة؛ حيث تستورد أكثر من 20% من احتياجاتها النفطية من الإمارات. وقد بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في عام 2021 أكثر من 49 مليار درهم، ليستمر في الانتعاش خلال النصف الأول من عام 2022، ويرتفع إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19؛ حيث بلغ نحو 25.7 مليار درهم، محققاً نمواً بنسبة 2.7% مقارنة مع النصف الأول من عام 2021.

وفي سبتمبر/ أيلول 2022 شهد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، إطلاق اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين دولة الإمارات واليابان، والتي تم الإعلان عنها عام 2018 خلال زيارة رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي إلى دولة الإمارات.

وجاء إطلاق هذه الاتفاقية، تزامناً مع الاحتفال بمرور 50 عاماً على العلاقات الدبلوماسية المتينة بين البلدين الصديقين، تأكيداً لأهمية تعزيز أواصر التعاون المشترك بين دولة الإمارات واليابان في مختلف المجالات، بدعم ورعاية قيادة البلدين، بما يحقق تطلعات الشعبين إلى مزيد من الازدهار والتقدم والنماء، وتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي.

المصالح المشتركة

تهدف اتفاقية الشراكة الاستراتيجية إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بما يخدم المصالح المشتركة، من خلال تشجيع المزيد من المشاركات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والتجارية، وتشجيع الاستثمار في كلا البلدين. وتشمل المجالات الرئيسية للشراكة، التعاون في المجال السياسي والدبلوماسي، وتعزيز جهود تقديم المساعدات الإنمائية والإنسانية، والتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والطاقة والصناعة عبر تعزيز بيئة الأعمال للتجارة والاستثمار في كل القطاعات، مثل الصناعة والتكنولوجيا، والبنية التحتية والذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية، والشركات الصغيرة والمتوسطة، وغيرها من المجالات ذات الأولوية، إضافة إلى مجالات الزراعة والبيئة والتغيّر المناخي، والتعليم والعلوم والتكنولوجيا، والدفاع والأمن.

كما وقّعت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» اتفاقيتي شراكة جديدتين مع عدد من الشركات اليابانية في مجال إنتاج الهيدروجين وتسويقه ونقله عالمياً؛ حيث تهدف الاتفاقية الأولى التي وُقّعت مع شركة «كاواساكي» لاستكشاف فرص إنتاج وتسييل ونقل الهيدروجين منخفض الكربون إلى الأسواق العالمية الرئيسية، فيما تهدف الاتفاقية الثانية الموقّعة مع كل من «المؤسسة الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن» و«ميتسوي» و«إنبكس» و«جمعية وقود الأمونيا النظيفة» إلى اعتماد مشروعات أدنوك لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون.

وكانت «أدنوك» وقّعت في وقت سابق اتفاقية مع شركتي «إينيوس» و«ميتسوي» اليابانيتين، لإجراء دراسة جدوى حول فرص إنشاء سلسلة توريد للهيدروجين بين الإمارات واليابان، بطاقة إنتاجية تبلغ 200 ألف طن متري سنوياً.

الصورة

فرص الأعمال

منذ إطلاقه في عام 2011، أسهم مجلس أبوظبي - اليابان الاقتصادي في تعزيز العلاقات الثنائية، وفتح فرص الأعمال، وتسهيل التجارة والاستثمارات. وشهد عام 2022 ارتفاع التبادل التجاري بين دولة الإمارات واليابان بنسبة 57.5% ليتجاوز 200 مليار درهم، مقارنة بـ127 مليار درهم في عام 2021، ما يضع الإمارات في المركز السابع ضمن أعلى الشركاء التجاريين لليابان في العالم، فيما كانت تحتل المركز العاشر في عام 2021.

ونمت صادرات الإمارات إلى اليابان بنسبة 69.7%، من 99.5 مليار درهم في عام 2021 إلى 168.8 مليار درهم في عام 2022، فيما زادت وارداتها من اليابان من 27.5 مليار درهم في عام 2021 إلى 31.1 مليار درهم في عام 2022، بنسبة نمو بلغت 13.3%.

وشهدت الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، ارتفاع التبادل التجاري غير النفطي بين أبوظبي واليابان بنسبة 48% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021. وتُعد اليابان ثالث أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتمثّل 3% من إجمالي الاستثمارات القادمة للإمارات، فيما ارتفعت قيمة هذه الاستثمارات لتتجاوز 51.4 مليار درهم نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وحصلت شركات النفط والغاز اليابانية خلال السنوات الأخيرة على حصص في امتيازات أبوظبي النفطية؛ حيث حصلت «إنبكس» في عام 2015 على حصة 5% في امتياز أبوظبي البري، كما حصلت في عام 2018 على نسبة 10% في الامتياز الجديد لحقل «زاكوم السفلي» البحري، وقامت كذلك بتمديد حصتها البالغة 40% في امتياز حقل «سطح»، وزيادة حصتها في امتياز حقل «أم الدلخ» من 12% إلى 40%.

كما منحت أدنوك حقوق التنقيب واستكشاف النفط والغاز في منطقة أبوظبي البرية 4 إلى إنبكس، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، أعلنت بورصة إنتركونتيننتال أن «إنبكس» و«جي إكس تي جي» اليابانيتين ستنضمان إلى ثماني شركات أخرى بينها أدنوك في مشروع إطلاق بورصة أبوظبي إنتركونتيننتال للعقود الآجلة التي ستكون مقراً لتداول عقود خام مربان الآجلة.

وتعد دولة الإمارات ثاني أكبر مصدر للنفط الخام إلى اليابان، ويرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية ثنائية وثيقة، تعود إلى عام 1961 عندما تم تصدير أول شحنة من النفط الخام الإماراتي من حقل أم الشيف البحري في أبوظبي إلى اليابان.

الصورة

تعاون دفاعي

في مايو/ أيار الماضي وقّع اللواء الركن الدكتور مبارك سعيد بن غافان الجابري، الوكيل المساعد للإسناد والصناعات الدفاعية في وزارة الدفاع، وأكيو إيسوماتا سفير اليابان لدى الدولة، اتفاقية تعاون بين حكومة الإمارات وحكومة اليابان، بحضور عدد من كبار ضباط وزارة الدفاع.

وتهدف الاتفاقية التي تم توقيعها في مقر الوزارة بأبوظبي إلى تنفيذ مشاريع بحث وتطوير وإنتاج مشتركة، إلى جانب تعزيز التعاون المشترك وتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، لا سيما في المجال الدفاعي والعسكري.

وأكد زير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي، أن اليابان والإمارات أبرمتا اتفاقية بشأن نقل المعدات والتكنولوجيا الدفاعية، ما سيخلق الأساس القانوني لتعزيز التعاون المشترك في الدفاع.

وقال وزير الخارجية الياباني: إن «هذه الاتفاقية هي الأولى التي يتم إبرامها مع دولة من منطقة الشرق الأوسط. وستعزز الرقابة المناسبة على نقل المعدات الدفاعية واستخدامها بين اليابان والإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن التعاون الوثيق بين البلدين في مجال الدفاع».

وسبق ذلك توقيع اتفاقية تعاون مشترك مع اليابان في شؤون الأمن والدفاع عام 2018 لتمثل نقله نوعية في العلاقات بين البلدين؛ حيث استهدفت الاتفاقية التعاون وتبادل الخبرات في المجال الدفاعي، لدعم وتطوير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والعمل على زيادة وتعزيز التعاون في مجالات الأمن والمعدات والتكنولوجيا الدفاعية.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2022 أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، أنه أصبح بإمكان مواطني دولة الإمارات حمَلة جوازات السفر العادية، السفر إلى اليابان من دون الحاجة إلى الحصول على تأشيرة مسبقة والبقاء فيها لمدة تصل إلى 30 يوماً في كل زيارة لغرض السياحة، أو العمل، ابتداءً من 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022؛ حيث يمكن لمواطني الدولة السفر من دون الحاجة إلى تقديم طلب في سفارة اليابان في أبوظبي، أو التقديم على الإعفاء أو دفع أية رسوم؛ حيث أسهم القرار في زيادة الزيارات بين مواطني البلدين.

المجالات الثقافية

شهدت العلاقات الثنائية بين الإمارات واليابان في المجالات الثقافية تطوراً مستمراً خلال السنوات الماضية؛ حيث كانت اليابان ضيف شرف معرض الشارقة الدولي للكتاب في 2018، احتفاء بإنجازاتها الحضارية المتميزة التي شكل الكتاب فيها عاملاً ومحركاً رئيسياً في بناء الثقافة وتشكيل الأخلاق الاجتماعية، كما ينظم النادي الياباني في جامعة زايد سنوياً فعاليات «أيام في اليابان»؛ بهدف تعريف الطلبة بالثقافة اليابانية، واستكشافها عن قرب.

ونظم رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي معرض «الشرق إلى الشرق» الذي يكشف النقاب عن الأساليب التي تتبعها المواهب الشابة على الساحة الفنية الإماراتية من أجل تعزيز قنوات التواصل الثقافية مع الفنون اليابانية، كما افتتح متحف اللوفر أبوظبي معرض «من وحي اليابان: رواد الفن الحديث» الذي يقدم فرصة الاطلاع على أعمال 12 فناناً، من بينهم فنانو حركة «نابي» وكبار معلمي حركة أوكييو – إه الفنية من القرنين التاسع عشر والعشرين.

الصورة
الصورة

 

الصورة
الصورة

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc4w9359

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"