عادي
صيفنا ثقافة

حمدان محمد: أعشق أدب الفانتازيا

16:26 مساء
قراءة دقيقتين
حمدان محمد

الشارقة: أشرف إبراهيم

تبدو كتابات الروائي حمدان محمد عميقة، وهي تحشد في فضائها الوسيع حكايات تتجدد على صفحة الذاكرة، فهو يطرق بخفة باب الخيال، ويستدعي أحداثاً في قمة الغرابة، ويطوف بأسلوب لغوي مميز بين مجاهل وحضارات وأعراف وأعراق، ويجوس ممالك وبلداناً وجزراً، ويسرد تفاصيل تلهب عقل وحواس القراء، ففي رصيده الأدبي نحو ثمانية أعمال إذ بدأ مبكراً الكتابة فكانت رواية «مغامرة شيبال» هي البداية التي رسخت لوجوده في الساحة الأدبية، ومن ثم توالت أعماله التي صدرت على أجزاء فهو أسير أدب الفانتازيا، ينسج قصصه في إطار مترامي الأطراف، ويبدو أنه مستمتع بغزل هذه الحكايات التي تكسر حدة الواقع وتجعل القارئ يستريح على ضفاف أخرى، فقد أصدر من سلسلة «الخطر القادم» سبعة أعمال هي «ناقوس الخطر، بداية الرحلة، الصراع، عراقيب، النهر، سقوط، خفايا» وهو حالياً يعد أجزاء أخرى ليواصل ملحمته التي يهاجر ببطلها شرقاً وغرباً، فينصب الفخاخ ويحل الألغاز من دون أن يثقل على القارئ في السرد، إذ يعرف كيف يوجه خطواته وهو يطرق كل باب بشخوصه في هذه المتاهات التي تخيرها لتكون ملائمة لأجواء الحكاية.

وفي الجزء الثامن من هذه السلسلة تخير الكاتب لها عنواناً يختزل مضمونها وهو «السحر» حيث يجوب البطل «عاج» نحو خمسة وعشرين مكاناً، يصارع فيها الوحوش ويلتقي كائنات غريبة، ويتعرض لمخاطر، وقد خاض البطل حتى الآن نحو 15 منطقة ضمن آليات السرد التي حددها الروائي، لكنه في هذه المرة يعرف أن ثمن المغامرة باهظ وهو يحاول أن ينقذ أحد الأصدقاء الذي يخسر عمره إن لم يجد الدواء الكافي لكي تدب فيه الحياة من جديد ويتخلص من علة مريرة ألمت به، وعلى الرغم من المواجهات التي تضع «عاج» أمام عالم السحرة في جزيرة نائية فهو يتشبث بمواهبه وقدراته الخارقة رغم أنه رجل عجوز في السبعين من عمره، لكنه يمتلك الحكمة وأدوات أخرى تجعله قادراً على أن يقبض على زمام الأمور من دون خوف أو رهبة، فالكاتب حمدان محمد يحاول أن يقدم أدب الفانتازيا في المجتمع العربي بصورة مغايرة من خلال خبرته في استدعاء دهشة التفاصيل.

أما الجزء التاسع الذي كتب منه أجزاء ضمن السلسلة فهو يحمل عنوان «التاج» وقد جاب محمد في الحقيقة نحو 55 بلداً من كل قارات العالم من أجل أن يتعرف إلى عادات الشعوب ويقتفي أثر الغريب فيها، فهو مولع بالتاريخ والحضارات والخوض في زمن الأساطير، وفهم حقيقة الخير والشر، والطقوس الخاصة بممالك الوحوش والكواسر، ومن ثم توظيف عجائب الكون في كتاباته، وكذلك ارتياد الغابات والالتحام بعوالم الصحراء والجزر والبحار ليحقق مادته الأدبية الممتزجة بالخيال الجامح والفانتازيا، إذ يطمح إلى تحويل هذه الأعمال إلى نوافذ بصرية تحتضنها شاشات السينما أو التليفزيون ليحقق حلماً آخر يجعل من أدبه صورة أخرى في الواقع العربي، وهو يمضي بحرارة في استخلاص تجاربه السرية بشكل مختلف ليظل لها حضور في المستقبل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/45s8c46h

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"