عادي

بالصلوات والدموع.. بلدة عراقية تودع ضحايا «فاجعة الحمدانية»

22:46 مساء
قراءة 3 دقائق

قرقوش - أ ف ب

على وقع الصلوات والدعوات، مُرِّرَت النعوش الواحد تلو الآخر، نحو المقبرة، أمام أنظار المئات من المشيعين في بلدة قرقوش العراقية، الأربعاء، جاؤوا ليودعوا بعض ضحايا الحريق المفجع الذي وقع خلال حفل زفاف الليلة الماضية في بلدة الحمدانية.

وبالمقبرة في قرقوش، البلدة الواقعة في سهل نينوى شرق مدينة الموصل، تجمع المئات من المشيعين الذين رددوا ترانيم باللغتين العربية والسريانية. وعلى أكتافهم، حمل رجال النعوش التي لُفَّ بعضها بالأبيض وزينت بالورود، فيما تصدرت صور الضحايا المواكب، وبينهم أطفال.

وسارت النساء جنباً إلى جنب، متكئات على أكتاف بعضهن بعضاً، ذارفات الدموع، ومتشحات بالسواد، تعبيراً عن هول المأساة.

وقبل 24 ساعة، كان هؤلاء الذين يُنقلون إلى مثواهم الأخير من بين مئات المشاركين في حفل زفاف في البلدة نفسها التي تعرف كذلك باسم الحمدانية، قبل أن ينشب حريق مفاجئ ويحول الفرح إلى حزن.

وأودت النيران بنحو 100 شخص، وأسفرت عن إصابة 150 آخرين بجروح بحسب السلطات العراقية.

وخلال دقائق بل ثوانٍ، تغيرت حياة هؤلاء، حين التهم الحريق قاعة الزفاف بسرعة قياسية، كما قال شهود عيان. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت وسائل إعلام عراقية مقاطع فيديو صورها بعض الحاضرين، قبيل اندلاع الحريق، تظهر أجهزة ألعاب نارية وهي تطلق الشرارات التي لامست سقف القاعة وأشعلته.

وفي المقبرة في قرقوش، وأمام المدافن العائلية المرصوصة بعضها قرب بعض، وقف رجال ونساء يبكون بحرقة ويعبرون بأصوات مرتجفة عن عمق الألم الذي يشعرون به. وركعت امرأة لتقبل صورة شابة زينت بالورود.

وجاءت سميرة شيتو ربة المنزل البالغة 53 عاماً لدفن 15 شخصاً من أقربائها. وتقول المرأة: «دفنا 15 شخصاً.. من الأب إلى أصغر طفل يبلغ اربع سنوات». وأضافت: «توفي لنا أيضاً رجل وابنتاه التوأمان، لكن لم يعطونا إياهم بعد». تتوقف المرأة بعد ذلك عن الكلام وتتنهد، ثم تسأل «من المسؤول؟ صاحب القاعة الذي لم يؤمن فيها ضماناً».

وتابعت: «لم يبق لدينا إحساس، أصبحنا جميعاً بلا إحساس، كلنا ميتون، لا يوجد شخص في قرقوش ليس ميتاً، ولا يوجد شخص لم يفقد شخصاً من أهل وأصدقاء».

«حملت الجثث بيدي»

وخلال مراسم التشييع، تجول المشاركون بنعوش الضحايا المرفوعة على أكتافهم في باحة المقبرة. وبحسب الدفاع المدني العراقي، فإن «معلومات أولية» تشير إلى أن سبب الحريق هو «استخدام الألعاب النارية أثناء حفل الزفاف»، ما أدى إلى «اشتعال النيران داخل القاعة بادئ الأمر»، فضلاً عن استخدام مواد بناء «سريعة الاشتعال» و«مخالفة لتعلميات السلامة» المنصوص عليها قانوناً، ما أسهم في زيادة شدة الحريق.

وعلى وقع الخوف والهلع، حصل تدافع بين المشاركين في حفل الزفاف، ولم ينجح كثر منهم من الهرب في الوقت المناسب، خاصة بسبب النقص بعدد مخارج الطوارئ. وكان رونق صبيح البالغ 41 عاماً داخل القاعة حين هبت النيران. ويروي: «كان العروسان يرقصان، قبل أن يتم تشغيل الألعاب النارية». وتابع: «كان السقف مزيناً بالريش، التقط الريش النيران. وشبت نيران فظيعة».

وأكمل سرد المأساة قائلاً: «أفراد عائلتي سقطوا أرضاً، وحاولت أن أسحبهم من بين الناس، وبدأنا نصرخ».

وتابع: «اتصلنا بالإطفائيات...اتصلنا بكل العالم»، مضيفاً «أنا أخرجت جثثاً، حملتها بيدي، وضعناها في بطانيات، وأرسلناها إلى المستشفى».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2zjwpjbj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"