عادي

الزواج في الإسلام .. صورة مثالية

22:45 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

كثيرة هي الحقوق الإنسانية والمادية المهدرة في بيت الزوجية، والتي تشمل كلا الزوجين، وخصوصاً المرأة، بعض هذه الحقوق يهدر نتيجة الجهل بالأحكام الشرعية الصحيحة، والسير في فلك العادات والتقاليد، وبعضها يهدر عن قصد نتيجة العناد والفهم الخاطئ للعلاقة الزوجية، وما رسمه الإسلام من صورة مثالية لها تحقق الرحمة والسكينة والمودة، ويتحقق فيها قول الحق سبحانه: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ».

يوضح د. مبروك عطية، الأستاذ بجامعة الأزهر أن مجتمعاتنا العربية المعاصرة يهدر فيها كثير من الحقوق الزوجية وخصوصاً مع المرأة، فهي الضحية الأولى للتجاوزات والمخالفات الشرعية، حيث لا تزال كثيرات يعانين جحود الرجال، وفهمهم الخاطئ للعلاقة الزوجية، فبعضهم لا يتعاملون مع نسائهم إنسانياً على أنهن شركاء لهن في الحياة الزوجية، وهى حياة تقوم على الحوار والتشاور والتفاهم، وليس علاقة السيد بخادمه، كما يفعل بعض الرجال.

ويرى د. عطية أن السلوك الخاطئ الأول في علاقة الرجل بزوجته يتجسد في «تعسف الرجل وعنفه ضدها» ويقول: ما يفعله بعض الرجال مع زوجاتهم من تسلط وقهر جريمة أخلاقية، فالمرأة مخلوق رقيق يجب على الرجل احتواءه حتى ولو رأى منها ما يغضبه.

الصورة

ويضيف: موقف الإسلام من تجاوزات الرجال مع نسائهم واضح ولا يحتاج إلى كلام كثير، وعلى كل زوج أن يدرك أن العلاقة الزوجية علاقة شراكة كاملة ومودة ورحمة، هكذا وصفها الخالق سبحانه وتعالى، وعلاقة الشراكة تقتضى «احترام الرجل لقدرات زوجته» لأن عدم تقدير الزوج لقدرات زوجته يدفعه الى التعامل معها بإهمال، وبالتالي ينفرد وحده بالقرار الأسرى، ويلغي وجود زوجته فلا يتشاور معها، ولا يحترم عقلها، ولا يقدر قدراتها ومواهبها، وهذه صورة كئيبة للمرأة يرفضها الإسلام ويدينها، لأن سلوك هؤلاء الرجال يسبب ألماً نفسياً لزوجاتهم ويشعرهن بالدونية، وبعضهن قد يقبلن هذا الوضع، وكثيرات يتمردن لتتحول العلاقة الزوجية إلى صراع مدمر للبيت الزوجي.

منهج الإسلام

وتضم الداعية الأزهرية د. نادية عمارة صوتها لصوت د.عطية، وتؤكد أن علاقة كثير من الرجال بنسائهم لا تسير وفق منهج الإسلام، فبعضهم يتعاملون مع زوجاتهم بإهمال ويهدرون كثيراً من حقوقهن الشرعية، فلا رأي للمرأة في أمر أسري ولا احترام لرأيها لو بادرت به، ولا تقدير لقدرات المرأة في بيت الزوجية مع أنها العمود الفقري للبيت.. وفي مقابل ذلك نرى تجاوزات من بعضهن ضد أزواجهن ويحاولن أن يسلبن منهم القوامة ليكون لهن الرأي الأول والأخير داخل البيت.. والواقع أن كلا الطرفين مخطأ ولا يسير في علاقته بشريك حياته وفق ما رسمه الإسلام.وتوضح أن بعض النساء في عالمنا العربي يدفعن ثمن «مفاهيم خاطئة» لا تزال تسيطر على عقول أزواجهن في مقدمتها: اعتقاد هؤلاء الرجال أن قوامة الرجل في بيته تعني أن يستبد برأيه، وأن يهمل رأي زوجته وأبنائه فيما يتعلق بشؤون الأسرة، وبالتالي يغيب الحوار والتفاهم، ويحدث الخلاف والشجار كل يوم نتيجة غياب القرار الصحيح أو السلوك القويم.

وتؤكد د. هند أحمد يوسف، أستاذة الإعلام بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر أن كثيراً من البيوت العربية تعاني من «أزمة ثقة» بين طرفي العلاقة الزوجية أحيانا تتحول إلى صراع بين الطرفين، حيث يحاول كل طرف أن يثبت ذاته أمام شريك حياته، ويدافع عن حقوقه، مع أن ديننا نظم لنا هذه الحقوق تنظيماً دقيقاً ولو اهتدينا لتعاليم الدين لن يكون هناك نزاع ولا صراع.

وتشدد د. هند على أن المرأة في بلادنا العربية لا تزال تعاني من إهمال وتجاهل لكثير من حقوقها الشرعية، وتقول: شريعتنا الإسلامية جاءت بحقوق مثالية للمرأة لم تحظ بها النساء في مواثيق الأمم المتحدة، وفي الدول التي تدعي الحضارة والتقدم، لكن الكثير من هذه الحقوق ضائع ربما بسبب جهل كثير من الرجال بها، وربما بسبب العادات والتقاليد المتوارثة في عالمنا العربي والإسلامي، وربما بسبب المفاهيم الخاطئة التي تسيطر على عقول الرجال والثقافة الذكورية السائدة والتي تستند إلى فهم عقيم لبعض التشريعات الإسلامية المتعلقة بالمرأة.

وتضيف: الإسلام أمر الزوجة بطاعة زوجها في غير معصية الله، حتى في أداء بعض العبادات حثها على الرجوع لزوجها قبل آدائها، وجعل من طاعتها لزوجها ألا تصوم نافلة إلا بإذنه، وألا تحج تطوعاً إلا بعد الحصول على موافقته، وألا تخرج من بيتها إلا بإذنه.. حتى زيارة والديها المريضين حثها الإسلام ألا تفعل ذلك إلا بعد إخبار زوجها فإن رفض أباح لها العلماء زيارتهما مرة كل أسبوع دون موافقته لأن في ذلك بر بالوالدين وإحسان إليهما وهما من كانا سبباً في وجودها..

الفهم الخاطئ

وتستدرك: «لكن الكثير من الرجال يفهمون الطاعة الزوجية فهماً خاطئاً، حيث يعتقدون أن طاعة الزوجة لزوجها- والتي هي مأمورة بها شرعا- تلغي شخصيتها، وتجعلها أسيرة لما يريده الزوج، وبالتالي يسيء هؤلاء التعامل مع زوجاتهم حيث يأمروهن بأشياء تغضب الله عز وجل، وهذا واضح من خلال تساؤلات النساء لعلماء الدين من خلال وسائل الإعلام والتواصل، وهي تساؤلات تحمل كماً هائلاً من تجاوزات الرجال ضد نسائهم في أمر الطاعة، وفي ظل هذه العلاقة المتوترة لا يمكن أن تستقيم العلاقة الزوجية وينعم كل من الزوج والزوجة بالهدوء والاستقرار أو تسود بينهما مشاعر المودة والرحمة، كما أمر الإسلام، بل ستتحول الحياة الزوجية إلى صراع دائم بين الطرفين وهذا على عكس مقصود الإسلام، فطاعة الزوجة لزوجها ليست طاعة «عمياء» فالإسلام لم يطالب الزوجة بذلك، بل قيد هذه الطاعة بشرط أن تكون في غير معصية الله تعالى حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdd4ynhk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"