عادي
البيئة في الإسلام

الشريعة تحض على حماية الأنهار والبحار من التلوث

23:26 مساء
قراءة 3 دقائق
علوي أمين - د.أيمن أبو عمر

خلق الله سبحانه وتعالى الكون وجعل الإنسان خليفة في الأرض، لعمارتها والاستفادة من خيراتها، والبحار والمحيطات تحمل الكثير من الخير للبشرية، والله سخرها للاستفادة منها واستخدامها في المنافع؛ لذلك حذرت الشريعة من كل الممارسات التي تضر بها، وحثت على الاستفادة منها.

يقول د.علوي خليل، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة: «يقول الحق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {مَرَجَ البَحرَينِ يَلتَقِيَانِ بَينَهُمَا بَرزَخ لَّا يَبغِيَانِ فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَخرُجُ مِنهُمَا اللُّؤلُؤُ وَالمَرجَانُ فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَلَهُ الجَوَارِ المُنشَآتُ فِي البَحرِ كَالأَعلَٰمِ فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} الآيات (19-24) سورة الرحمن، ومن نعم الله سبحانه وتعالى على البشرية أنه تعالى منع طغيان البحار والمحيطات متى صبت فيها الأنهار واختلطت بها، فلا يبغي المالح على العذب ولا العكس، فقد حجز بينهما بحاجز من قدرته، وفي هذا المشهد يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحرَينِ هَٰذَا عَذب فُرَات وَهَٰذَا مِلحٌ أُجَاج وَجَعَلَ بَينَهُمَا بَرزَخا وَحِجرا مَّحجُورا} الآية (53) سورة الفرقان، وهذه النعمة تجعل الأرض الزراعية في محيط الأنهار صالحة للزراعة».

وتابع: «أنعم الله عز وجل على البشرية أنه يخرج من الماء المالح اللؤلؤ والمرجان، ومن النعم التي يستفيد منها الإنسان أن السفن العملاقة تجري فيها، وتحمل البضائع والأمتعة التي فيها الخير من بلد إلى بلد، وكل هذه النعم تستوجب الشكر، ولذلك فقد عملت الشريعة على وضع ضوابط، ومنع التعدي على الشواطئ، أو تلويث مياهها بأي صورة، لأن الإنسان يستخرج الأسماك منها، بجانب أن الصيد يحقق فرص عمل للكثير من الناس، وعندما تكون هناك أي معوقات من صنع الإنسان، ينعكس ذلك بالسلب على استخراج الخيرات التي وضعها الله عز وجل فيها».

وأضاف: «إذا نظرنا لتعاليم الشريعة الإسلامية وحثها على الاستفادة من البحار والمحيطات، ينبغي أن يكون هناك وعي بأهميتها، واستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في استخراج كنوزها، وضرورة الأخذ بأسباب العلم في حماية الشواطئ وإقامة المدن والتجمعات بالقرب منها، وأن يكون هناك تخطيط جيد في الاستثمار الأمثل بهذه المناطق، ومراعاة الشروط الواجبة لسلامة البيئة والحفاظ على الشواطئ، وعدم القيام بأي أنشطة تؤثر في الثروة السمكية، بجانب الاستفادة من الشعب المرجانية وخيرات الطبيعة».

ويؤكد د.أيمن أبوعمر، وكيل وزارة الأوقاف المصرية، أن الله سبحانه وتعالى جعل البحار والمحيطات والأنهار مصدراً للثروة السمكية، حيث قال الحق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (وَمَا يَستَوِي البَحرَانِ هَذَا عَذب فُرَات سَآئِغ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلحٌ أُجَاج وَمِن كُلّٖ تَأكُلُونَ لَحما طَرِيّا وَتَستَخرِجُونَ حِليَة تَلبَسُونَهَا وَتَرَى الفُلكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبتَغُواْ مِن فَضلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ) الآية (12) سورة فاطر، أي من كل من المالح والعذب تأكلون السمك الطري فضلاً من الله ونعمة، كما أن من نعم الله سبحانه وتعالى أنكم تستخرجون منها الدر والياقوت والمرجان، والسفن تجري في كل منهما حاملة أقواتكم وبضائعكم من بلد إلى آخر، فكل هذه المكونات في البيئة ينبغي الحفاظ عليها واستخدامها بطريقة نافعة تحقق الخير للبشرية.

وأشار إلى أن «من المؤكد أن دعوة الإسلام الشاملة للحفاظ على البيئة والاستفادة من خيراتها، لتحقيق القوة الاقتصادية للمجتمع، لكن ذلك بالضرورة يتطلب الالتزام بالقوانين والضوابط التي يضعها المجتمع، وأن يكون ذلك في إطار النفع العام وخدمة المجتمع، وعدم التعدي على المال العام أو مرافق الدولة».

ويستدرك: «لكن لا بد أن يكون هناك التزام بالقوانين المنظمة لكل الأعمال المتعلقة بالبحار والمحيطات والأنهار، وأن يكون ذلك وفقاً للمصلحة العامة التي تحددها الجهات المسؤولة في المجتمع، وكذلك عدم إلقاء مخلفات المصانع فيها، بجانب أن تكون هناك خطط شاملة للتنمية تعتمد على استخدام وسائل العصر الحديثة في تعظيم الموارد والاستفادة من خيرات البيئة والموارد المائية، بجانب حسن استخدامها وعدم الإسراف أو التبذير، وفيما يخص الصيد يجب الالتزام بالقوانين المنظمة وعدم استخدام مواد تؤثر في المياه أو تؤدي لانقراض أنواع معينة من الأسماك».

وأوضح أن استفادة الإنسان من خيراتها باعتبارها من نعم الله سبحانه وتعالى، ينبغي أن تدفع لمزيد من التفكير العلمي والتخطيط في مجال الموانئ وبناء السفن والمراكز التجارية، بجانب التعاون الدولي للاستفادة من الخبرات والخطط الحديثة، بهدف حسن استغلال الموارد الطبيعية، لأن كل ذلك يأتي في إطار دعوة الإسلام للعمل والسعي وعمارة الأرض وتنمية الموارد البيئية لتحقيق مصلحة المجتمع، لأن الله عز وجل وضع كنوزاً في الأرض والبحار والمحيطات، وستظل هذه الكنوز منافع للأجيال المتعاقبة، بشرط الاجتهاد للاستفادة من خيراتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wt9f49x

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"