عادي

«متحف الشارقة للفنون» دُرّة الإمارة الباسمة

00:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
أطفال يتعرفون الى مقتنيات المتحف
متحف الشارقة للفنون

الشارقة: زكية كردي

إنه وقت الحديث عن تجربة استثنائية في قلب الشارقة، مكان عليك الاستعداد جيداً قبل زيارته، فالمتاحف لا تهب سحرها لمن لم يحضر أسئلته قبل أن يطرق الأبواب، ذاك السحر الذي نشعر بغموضه يلفنا بينما نتأمل المبنى الشامخ ل«متحف الشارقة للفنون» الذي توسط منطقة الشويهين، حيث يعتبر دُرّة الإمارة الباسمة، مقابل جمعية الشارقة للفنون التشكيلية، محاطاً بالعديد من المباني التراثية التي يعود معظمها إلى مؤسسة الشارقة للفنون، تلك التي تبث حياة ملونة في جنبات المنطقة، فتمنحها روحاً مختلفة يشعر بها الزوار وهم يتجولون في المكان الذي جمع بين بهاء التراث وعبقرية الفن اللذين تسللا إلى الأسواق الشعبية المحيطة بالمنطقة والمحال التراثية العريقة.

امتد البناء الشامخ على مساحة 111 ألف متر مربع وسط الحي التراثي- الفني، مكوناً من ثلاثة طوابق، إضافة إلى مواقف للسيارات أقيمت تحت الأرض، ويضم البناء 27 صالة عرض تحتوي على 500 عمل فني يمكن القول إنها تمنح الزائر جولة حسية مكثفة في الفن الحديث والمعاصر، حيث يعتبر المتحف منارة في عالم الفن الحديث للفنانين والمهتمين بالفن في المنطقة والعالم، واستطاع أن يثبت مكانته الفريدة منذ افتتاحه عام 1997م، إضافة إلى الإبداعات الفنية الدائمة في المعرض من المجموعات الفنية والمقتنيات المتاحة طوال العام، والتي تتضمن أعمالاً فنية ضخمة لقامات فنية استطاعت أن تترك أثراً في الحراك الفني وتطور الفن التشكيلي في المنطقة. يستضيف المتحف مجموعة من المعارض الفنية وفق برنامج سنوي معني باستحضار التجارب الفنية العالمية، بالتعاون مع المتاحف والمؤسسات الفنية في المنطقة وحول العالم، وذلك حرصاً منه على القيام بهذا الدور الفريد في نشر الثقافة الفنية في المجتمع المحلي.

خارطة الزمان

التجول في «معرض الفن العربي الحديث والمعاصر» الذي يضم مجموعة مقتنيات المتحف الدائمة يعتبر تجربة ساحرة وفريدة، حيث يتيح للزائر التعرف الى مجموعة غنية جداً من أعمال الفن العربي والمحلي الحديث والمعاصر، وهو مرجع مهم للباحثين والمهتمين بتاريخ الفنون في المنطقة لما يحويه من شواهد حية على هذه التجربة وتنوعها وغناها، والتطورات التي عايشتها خلال فترة زمنية تعتبر محدودة في عمر التجربة الفنية العالمية، ويضم المعرض أعمالاً تشكيلية من مختلف المدارس الفنية، إضافة إلى المجسمات والمنحوتات التي تعود إلى مجموعة من أهم فناني العالم العربي، مثل لؤي كيالي، وعبدالقادر الريس، وفائق حسن، ومحمد يوسف، وبشير سنوار، وإسماعيل فتاح ترك، وغيرهم.

ننتقل بعدها إلى «معرض مسيرة قرن» الذي يحمل إضاءات من مؤسسة بارجيل للفنون ويمتد على مساحة زمنية طويلة نسبياً في تاريخ المعارض الفنية (12 مايو 2018 – 30 مايو 2023) ويضم مجموعة مختارة من الأعمال الفنية العربية تنتمي لإحدى أكبر المجموعات الفنية الخاصة وأكثرها تنوعاً في العالم العربي، حيث يركز على الأعمال الفنية التي شكلت علامات فارقة في المنطقة ما بين عامي 1885 إلى 1985، مسلطاً الضوء على آلية تفاعل الفنانين العرب مع الأحداث التاريخية التي مرت بالمنطقة والعالم خلال قرن كامل، كان حافلاً بالاضطرابات والتغيرات الكبيرة في مسار الحياة البشرية، لنرى كيفية تصوير الفنانين لانعكاس هذه المتغيرات على حياة الإنسان.

ويتيح المعرض فرصة إجراء دراسات مقارنة للباحثين والمهتمين بفضل امتداده على فترة طويلة «خمس سنوات» كما يعتبر فرصة للتعرف الى مسيرة تطور التجربة الفنية العربية خلال قرن من الزمن.

خدمات المتحف

نشر الثقافة الفنية في المنطقة يعتبر من الأهداف السامية التي يتبناها المتحف، ومن الأولويات التي يبني عليها آلية عمله وهويته، ونرى هذا في حرصه على تقديم تجربة رائعة للزوار من خلال الجولات المجانية، مع العلم أن الدخول إلى المتحف مجاني أيضاً، ويحرص مرشدو المتحف على تقديم جولات لمن يطلب من الزوار بلغات مختلفة أبرزها العربية والإنجليزية، ويمكنهم إيجاد الكثير من الأجوبة في مكتبة المتحف التي تحتوي على 4000 عنوان متخصص بالفنون، كما يخصص المتحف غرفاً للعناية بالأطفال، كما يوفر كل سبل الراحة التي يحتاج اليها ذوو الإعاقة.

فعاليات على طريقة المتاحف

يستدعي الحديث عن نشر الثقافة الفنية وجذب العائلات والأفراد إلى المعارض والفعاليات الفنية، التوقف عند الجهود العظيمة التي بذلتها مختلف المؤسسات والجهات المعنية بالثقافة في الإمارات لتحقيق هذا التقارب بين الفن والمجتمع، والذي يعتبر ضرورة ملحة في بلد يعتبر من أكثر بلدان العالم تطوراً وجاذبية، ولهذا من البديهي أن تتبنى الإمارات مهمة احتضان الفن العربي ودعمه واحتضانه، ويعتبر العمل على تغذية هذا الجانب الثقافي المدرك لأهمية دور الفن في تكوين شخصية الإنسان العربي من الإنجازات التي تحسب للإمارات، خاصة في بناء الأجيال القادمة التي توفرت لها فرصة أن تكون جزءاً من هذه التجربة الإنسانية المتكاملة في بناء الإنسان الأرقى.

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"