عادي
اعتمد منهجاً يتجاوز المركزية الأوروبية

أطفال الحرب الباردة.. في روسيا

00:13 صباحا
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»:

يتناول «مكسيم ماتوسفيتش» في كتابه «إفريقيا في روسيا.. روسيا في إفريقيا» (صدر عن المركز القومي من ترجمة عزت زيان ومحمد عبد الكريم) موضوعاً بالغ الأهمية؛ يغطي مسألة العلاقات بين إفريقيا وروسيا، على مدار 3 قرون، بكل جوانبها المعقدة والمتناقضة والمتغيرة باستمرار، لاعتبارات روسية أو إفريقية أو ديناميات العلاقات الدولية في هذه الفترة الممتدة.

كما نجح في الفكاك من الرؤية الغربية التقليدية عن إفريقيا، بتقديم أطروحات أسهم بها علماء روس وأفارقة وغربيون في تخصصات متنوعة وبينية بشل واضح، ويمثل نافذة مهمة وربما مباغتة للقارئ العربي بتقديمه عبر 16 فصلاً متنوعاً، تفاصيل دقيقة للعلاقات الإفريقية الروسية التي اتّسمت بالفضول المتبادل والرؤية المثالية.

ويركز الكتاب على أبعاد التضامن الثوري في النصف الأول من القرن ال 20 وإيلاء أهمية كبيرة لقضايا العرق والهوية الزنجية أو الإفريقية بروسيا، متبعاً جذورها التاريخية بانسيابية ملحوظة وتنسيق بين فصول الكتاب لتفادي التكرار أو التناقض أحيانا، ويقدّم في سبيل ذلك نقداً معمقاً قائماً على مواد أرشيفية روسية.

لا يعوز المكتبة العربية مؤلفات وتقارير ومقالات عن العلاقات الروسية الإفريقية، لكن إذا فحصنا معظم هذه المؤلفات فسنكتشف أنها تغطي في المقام الأول المشاهد السياسية والاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية الحديثة، في المقابل يعدّ البحث عن مقال أصيل في بنية العلاقات الثقافية والحضارية بين الطرفين أمراً نادراً صعب المنال.

ورغم أن الكتاب يتخذ من الفترة السوفييتية مجالاً لكثير من روابط العلاقات بين الطرفين، فإنه يتتبع جذور هذه العلاقات بالعودة لنحو 3 قرون سابقة على الوقت الحاضر، وسيكتشف القارئ أن منهج الكتاب يتجاوز التحليل القائم على المركزية الأوروبية؛ إذ تقوم التحليلات في فصول الكتاب على مصادر إفريقية وروسية وغربية في آن واحد.

يتألف الكتاب من جزأين: الأول يحمل عنوان إفريقيا في روسيا، ويضمّ 8 فصول تتنوع في السرد التاريخي بداية من جذور ألكسندر بوشكين إلى الوجود الإفريقي في روسيا، منذ مطلع القرن ال 20، متناولاً أبعاد التضامن الثوري وقضايا العرق والهوية في روسيا، متتبعاً جذورها التاريخية. في الفصلين الخامس والسادس معالجة لطريقة كتابة التاريخ الإفريقي والأثيوبي والشرق إفريقي، على وجه الخصوص، ويختتم الجزء بفصل ثامن وأخير عن تداعيات سقوط الاتحاد السوفييتي على أوضاع المهاجرين الأفارقة بموسكو، لا سيما مظاهر العنف والتمييز العنصري التي تفشّت بعد تنامي الاتجاهات اليمينية المتطرفة إثر انهيار الاتحاد السوفييتي.

أما الجزء الثاني ويضم 8 فصول، فقد جاء بعنوان مقابل للجزء الأول: روسيا في إفريقيا، افتتح بدراسة العلاقة بين روسيا وجنوب إفريقيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، أعقبه فصل آخر عن الروس في إثيوبيا، وفي فصل تالٍ عرض الكتاب السياسات السوفييتية في غرب إفريقيا خلال الحرب الباردة.

دراسة فريدةيضم الكتاب دراسة بعنوان «الروس الأفارقة: أطفال الحرب الباردة»، وهي دراسة فريدة من نوعها؛ نظراً لأنه لا توجد في الغرب – من الناحية العملية – كتابات تناولت الموضوع باستفاضة، وهكذا فبينما اهتمت نسبة قليلة من تلك الكتابات بعمل بحث استكشافي للوجود الإفريقي في روسيا، إلا أن أياً منها لم يتطرق بأي نوع من الإسهاب لقضية امتزاج الأعراق نتيجة الزواج فيما بينها، كما أن معظم الكتابات اقتصرت على سرد روايات تاريخية عن وجود الأفارقة في روسيا، ونادراً ما ركزت على قضايا الاندماج والتعايش المشترك والصراعات في روسيا المعاصرة.

الروس الأفارقة هم أساساً أطفال آباء من الطلاب الأفارقة وأمهات من الروسيات؛ حيث تركهم آباؤهم العائدون لأوطانهم لأسباب مختلفة في أرجاء الاتحاد السوفييتي السابق، ويشمل السكان الأفارقة أيضاً أطفال آباء من الطلاب الأفارقة من غير القارة، أي الطلاب السود من الشتات الإفريقي من الكاريبي وأمريكا اللاتينية وأمريكا الوسطى وأجزاء من العالم الثالث.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ctyja9dc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"