عادي
قراءات

سبعة أسباب تجعلنا نحب الرواية

00:06 صباحا
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

يضم كتاب «الروايات التي أحب» مجموعة حوارات مع كتاب عالميين، ترجمتها إلى العربية الكاتبة العراقية والمترجمة لطفية الدليمي، وفي تقديمها للكتاب تذكر أن هناك عدداً من الخصائص الفريدة التي تجعل فن الرواية فناً إبداعياً، لا يكاد يبلغه أي فن إبداعي آخر، ربما باستثناء الفن السينمائي، لكن تبقى الغلبة تميل لصالح الرواية، كون السينما تتطلب قاعدة مالية ولوجستية مكلفة.

تترجم لطفية الدليمي ستة حوارات مهمة، تتناول كلاً من الرواية الفلسفية والمعاصرة والتاريخية وكلاسيكيات رواية الخيال العلمي ورواية أمريكا اللاتينية، وهي الحقول الأكثر أهمية التي تناولها الفن الروائي منذ نشأته حتى وقتنا الحاضر، وتقوم فكرة الحوارات على محاورة أحد الخبراء المشهود لهم عالمياً بالتفوق في ميدان معرفي محدد على الصعيدين الأكاديمي والثقافي العام، ويطلب من ذلك الخبير انتخاب خمسة كتب يراها الأبرز والأعلى مقاماً وتأثيراً في تاريخ ذلك الحقل المعرفي، ثم يتناول الحوار تلك الكتب الخمسة بالتشريح والاستفاضة، بقصد تعزيز الخلفية الثقافية العامة والكشف عن مواضع الجودة والتفوق فيها.

لكن لماذا نحب الرواية؟ ترى الدليمي في تقديمها للكتاب أن السبب الأول هو أن الرواية تمثل نوعاً من الذاكرة الجمعية المميزة لكل جغرافيا بشرية، والرواية في هذا الإطار تصبح بمثابة خزانة الحكايات التي تحفظ المزايا المجتمعية لكل جغرافيا بشرية، ويمكن من خلالها الإطلالة على العادات والتقاليد وأنماط العيش وفنون الطبخ والأزياء والملابس السائدة في كل عصر إلى جانب التفاصيل الحياتية الأخرى الخاصة بالحب والزواج والصداقة والرفقة والسفر.

السبب الثاني الذي يجعلنا نحب الروايات، أن الرواية في عالم اليوم تؤدي الوظيفة التي نهضت بها الأسطورة من قبل، فالرواية على الصعيد الفردي غدت بمثابة فضاء يلجأ إليه الأفراد للحصول على فسحة من فك الارتباط مع الواقع الصلب واشتراطاته القاسية والإبحار في عوالم متخيلة، تشبه حلم يقظة ممتداً، وفي عصر العقلانية الصارمة تعتبر الرواية هي البديل الأكثر جدارة في تعزيز الصلابة الداخلية للفرد البدائي.

كما أن الرواية – وهذا هو السبب الثالث – عمل تخييلي يبدأ بالمخيلة ويتطور داخل فضائها، فالخيال يعد المجال الخصب الحيوي الذي تعمل بداخله وفي إطاره العناصر الروائية على تشكيل العمل الروائي بغض النظر عن تجنيس الرواية، وبهذا ينظر إلى الرواية كوسيلة ترتقي بالخيال البشري وتمنع انزلاقه في مهاوي الركود، وبخاصة بعد طغيان الإنجازات العلمية والتقنية التي تعمل على تنميط الحياة. السبب الرابع – كما تذكر الدليمي - أن الرواية لعبة ذهنية في المقام الأول، فالفن الروائي يعمل على إشاعة نوع منعش من الحيوية الذهنية والعبقرية الإنسانية المميزة، إذا ما نظرنا إليها كنوع من ألعاب ذهنية ترتقي بالفعاليات العقلية المعروفة، لكن الأهم – وهذا هو السبب الخامس – أن الرواية يمكن أن تكون علاجاً في بعض الحالات، فثمة جانب براجماتي مرتبط بالفن الروائي الذي يمكن أن يوفر في حال معينة علاجاً وافياً لبعض الاضطرابات الذهانية خصوصاً الاكتئاب ثنائي القطب، تلك الحالة الأكثر شيوعاً والمدمرة لحياة الأفراد الذي يتوفرون على قدر عال من الذكاء.

والسبب السادس الذي يجعلنا نحب الرواية أنها معلم حضاري وثقافي تنهض به العقول الراقية في مختلف الاشتغالات المعرفية، فمن المؤكد أن هناك روائيين محترفين يكتبون الرواية ويحققون أعلى المبيعات، لكن الغالب أن أفضل الروايات ليست تلك التي تحقق أعلى المبيعات لمجرد معرفتها بشروط السوق وألعابها التجارية، بل يمكن ملاحظة أن كل العقول الراقية التي أسهمت مساهمات ثورية في الحقل العلمي أو التقني أو المعرفي بعامة أسهمت بكتابة عمل روائي أو أكثر لكل منها.

السبب السابع الذي يجعلنا نحب الرواية أنها جهد خلاق يرمي إلى فتح آفاق جديدة أمام الوعي البشري والخيال الإنساني، فالرواية اليوم باتت مصنعاً يعج بالخبرات التي يتعامل معها الروائي ليخرج في النهاية بعمل يصب في هدف فتح آفاق جديدة أمام الوعي البشري وتوصيف خريطة التضاريس التي تواجه الجنس البشري بكل معوقاتها، بل ذهب البعض إلى أن الرواية الجيدة المصنوعة بشغف يمكن عدها فرعاً من الدراسات الخاصة بالتنبؤ (علم المستقبليات).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9yeb47

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"