عادي
النخبة الأمريكية تعزز انقسام المجتمع

«ثمن عدم المساواة».. رؤية لمستقبل أكثر عدالة

23:25 مساء
قراءة 3 دقائق
غلاف
جوزيف ستيجليتز

القاهرة: «الخليج»
أصدر المركز القومي للترجمة «ثمن عدم المساواة مجتمعنا المنقسم يهدد مستقبلنا» للكاتب والأكاديمي «جوزيف ستيجلتز» (ترجمه إلى العربية لبنى الريدي ومنال قابيل) ويوضح الكتاب أن أزمة 2008 المالية والكساد الكبير الذي أعقبها ألقت بعدد كبير من الأمريكيين بغير مرساة وسط الحطام الطافي لشكل من الرأسمالية، يتسم باختلال وظيفي متنام، بعد ذلك كان واحد من كل ستة أمريكيين راغبين في العمل بدوام كامل لا يستطيع العثور على عمل، وتم إعلام حوالي 8 ملايين أسرة بترك منازلها.

الكثير من الأمريكيين رأوا مدخرات عمرهم تتبخر، وفقد كثير من الناس الأمل، وأدرك الكهول أنهم في الواقع متقاعدون إجبارياً، ولا يستطيع الشاب المتخرج حديثاً أن يجد أي عمل على الإطلاق، وأصبح كثيرون بلا مأوى، كما أن المنازل التي اشتريت خلال الازدهار العقاري لا تزال في السوق أو بيعت بالخسارة، وبقي عدد كبير من العقارات شاغراً، فالأسس المريعة للازدهار المالي أصبحت مكشوفة ومعرضة للخطر.

يشير المؤلف إلى أن أحد الجوانب المظلمة لاقتصاد السوق، قد ظهر للنور، ألا وهو عدم المساواة الضخمة والمتنامية التي تركت النسيج الاجتماعي الأمريكي يتفكك وينهار، وكذلك الاستدامة الاقتصادية للبلاد، حيث ازداد الثري ثراء، بينما واجه الباقون الحرمان والمشقة، ولا يبدو أن ذلك ينسجم مع الحلم الأمريكي. إن وجود أثرياء وفقراء في أمريكا حقيقة معروفة للجميع، لكن على الرغم من ذلك فإن عدم المساواة تلك لم تسببها فقط أزمة الرهن العقاري والانكماش الذي أعقبها.

يوضح المؤلف أن أزمة الطبقة الوسطى تعرضت للضغط إلى أبعد حد، وكانت معاناة الطبقات الدنيا ملموسة، حيث ظهر جلياً ضعف شبكة الأمان الأمريكية وتعرضت برامج الدعم الحكومية غير الملائمة لمزيد من التخفيض، لكن خلال ذلك تدبرت نخبة القمة ال 1% أمرها لكي تتمسك بجزء ضخم من الدخل القومي، رغم تعرض بعض استثماراتها لضربة قوية.

يرى المؤلف أنه عند تشريح توزيع الدخل يظهر عدم المساواة حتى داخل فئة ال 1%، كانت أمريكا تنمو منفردة، بمعدل متزايد السرعة، في السنوات الأولى من الألفية الجديدة، تلك السنوات التي سبقت الركود، استولى ال 1% ممن ينتمون إلى القمة على أكثر من 65% من المكاسب في إجمالي الدخل القومي، وبينما كان هؤلاء يحققون نجاحاً ضخماً إلى حد لا يصدق كان حال أغلب الأمريكيين يزداد سوءاً.

لو أن الأثرياء يزدادون ثراء، وتتحسن في الوقت نفسه أحوال من في الوسط ومن في القاع – كما يقول المؤلف – سيكون ذلك أمراً طيباً، خاصة إذا كانت جهود من في القمة رئيسية بالنسبة لنجاحات الباقين، فقد شعر أفراد الطبقة الوسطى الأمريكية بأنهم عانوا طويلاً، وكانوا على حق، فطوال العقود الثلاثة التي سبقت الأزمة لم تتزحزح دخولهم إلا بالكاد، في الواقع تجمد دخل العامل الذي يعمل بدوام كامل لأكثر من ثلث قرن.

يتناول الكتاب: لماذا فشل النظام الاقتصادي بالنسبة لمعظم الأمريكيين؟ لماذا تتزايد نسب عدم المساواة إلى هذا الحد وما عواقب ذلك؟ يوضح المؤلف أن الأسواق في حد ذاتها، حتى عندما تكون مستقرة غالباً، تؤدي إلى مستويات مرتفعة من عدم المساواة، وينظر إلى نتائجها على أنها غير عادلة إلى حد بعيد، فالأسواق لم تكن تعمل بالطريقة التي ادعى أنصارها أنها تعمل بها، يفترض أن تكون الأسواق مستقرة، إلا أن الأزمة المالية العالمية أظهرت أنها يمكن أن تكون متقلبة جداً وذات عواقب مدمرة.

كما يرى المؤلف فإن هذا المستوى من عدم المساواة ليس حتمياً، فقد تمكنت المصالح الراسخة للأثرياء في السنوات الأخيرة من مضاعفة ثروات أولئك الأثرياء على حساب الرأسمالية الحقيقية والحيوية بحيث لم تعد أمريكا أرض الأحلام التي كانت يوماً ما. لقد تسببت النخبة الأمريكية في إعاقة النمو، وحرفوا النقاشات السياسية الرئيسية وعززوا انقسام المجتمع.

ويكشف المؤلف آثار ذلك في الديمقراطية وفي نظام العدالة في الوقت الذي يبحث فيه كيف أسهمت السياسة النقدية والميزانية والعولمة في زيادة هذا التفاوت، كما يشخص ببصيرة مميزة ضعف الدولة ويطرح رؤية لمستقبل أكثر عدالة.

مؤلف الكتاب هو عالم الاقتصاد الشهير الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001 من مواليد عام 1943 مزج في مسيرته بين العمل الأكاديمي والحياة العملية، في دوائر صنع القرار، وقضى الجزء الأكبر من حياته المهنية أستاذاً وباحثاً أكاديمياً في كبرى الجامعات الأمريكية، واختاره الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون رئيساً لمجلس مستشاريه الاقتصاديين، ثم شغل في أواخر التسعينيات منصب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، وصدرت له عدة كتب منها: «السقوط الحر – العولمة ومساوئها – جعل العولمة لا تعمل – حرب الثلاثة تريليونات دولار» ويحاضر حالياً في جامعة كولومبيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9wz5cc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"