عادي
«الإمارات لمسرح الطفل» يعلي قيمة التضامن العائلي

«جزيرة القمر»..مشهدية بصرية تنتصر للخير

15:32 مساء
قراءة 3 دقائق
الشارقة: «الخليج»
في الليلة الثانية من مهرجان الإمارات لمسرح الطفل، في دورته السابعة عشرة، وبحضور جمهور من الصغار والعائلات، قدم مسرح خورفكان للفنون، عرض «جزيرة القمر»، من تأليف الشيخة سارة بنت محمد بن ماجد القاسمي، وإخراج الفنان عبدالله الحريبي، وتمثيل كل من الفنانين: خليفة بحري، محمد عبده، عبدالله أنور، حميد عبدالله، عهود الجسمي، خالد المرزوقي، جودي النبهان، محمد جاسم، منار الدين، خالد أحمد، ومحمد البلوشي.
تدور حكاية العرض، الذي تفاعل معه الأطفال، حول جزيرة القمر، وهي مكان أسطوري متخيل، يعيش أفرادها في محبة ووئام وسلام، ويسقط عليها حجر مضيء من السماء أنارها وأسعد شعبها، وجعلهم مميزين بقدرات نادرة ليس لها مثيل، خصوصاً بوجود شخصية المعلم، كبير السن، المسؤول عن حماية الجزيرة والحجر، والذي يتصف بالحكمة والحنكة، والذي زرع الصفات الحميدة والأخلاق العالية بين أفرادها، ومن أجل أن يرسي قواعد المساواة في تعامله مع أهل الجزيرة، ولا يفرق بينهم، يختار في كل عام شخصاً ما ليكون هو المسؤول عن حجر القمر، وحمايته، في مبدأ سار عليه أهل الجزيرة منذ سقوط الحجر، غير أن الغرور والتكبر اللذين تميزت بهما شخصية «بلول»، ومع أنه الأقرب لأن يكون المتوج بحماية حجر القمر في ذلك الوقت، جعلا المعلم يغير خططه وأفكاره، ويعيد التفكير في الاختيار، من أجل تلقين «بلول» درساً ليتمكن بعده من تغيير بعض صفاته، ويعود إلى سابق عهده محباً وكريماً ومتعاوناً، فبدأ المعلم بتنفيذ الخطة، وحينها شعر «بلول» بعدم رضا المعلم عنه، وغادر الجزيرة غاضباً، وقرر عدم العودة إليها.
وتستمر الحكاية، حين تقوم بعض شخصيات الجزيرة الطيبة، بالبحث عن «بلول» وإقناعه بحل سريع لمشكلته، وذلك عبر الذهاب إلى الساحر الكبير، ليروي له قصته بهدف مساعدته على التخلص من الحالة النفسية السيئة التي تسبب بها إحساسه بأنه لن يتوج بحماية الحجر هذا العام، وبعدها العودة إلى الجزيرة. غير أن الشر الكامن في قلب الساحر، جعله يستغل حالة «بلول» ويخطط لسرقة حجر القمر، وفعلاً قام الساحر بالسيطرة على الحجر بعد أن سرقه «بلول»، ولولا حكمة المعلم وذكاؤه، بأن استبدل الحجر بحجر آخر مزيف، لذهبت جزيرة القمر إلى ما لا يحمد عقباه، لتنتهي المسرحية، بانتصار الخير على الشر، وعودة «بلول» إلى أحضان أهله وناسه بعد أن أقر بذنبه، ووعد بعدم العودة إليه، وما كان من المعلم إلا أن قبل عودة «بلول» ونبهه إلى أن الفرد لا يمكنه العيش من دون الجماعة، وأنهم في الجزيرة عائلة واحدة، وهي القوة الحقيقية التي يمتلكونها وليس الحجر، ليتوج في النهاية «بلول» بحماية الحجر لهذه السنة.
*رسائل
طرح العرض العديد من الرسائل الأخلاقية لجمهور الأطفال، منها التأكيد على أهمية العائلة، ودورها في تنشئة الأفراد، باعتبارها الركيزة الأولى في بناء المجتمعات القوية والسعيدة والمتحضرة، كذلك، شدد العرض على ضرورة نبذ الخلاف والاختلاف بين الناس، باعتبارهما العدو الأكبر للتقدم والتطور، وأنهما يؤديان إلى التناحر والتباعد، كذلك أراد العرض إيصال العديد من المعاني، منها الحث على التعاون، وترسيخ أسس المحبة، وعدم الوقوع في فخ الأشرار الذين يحاولون بشتى الطرق استمالة الأشخاص الأخيار إليهم، من أجل تنفيذ مآربهم وخططهم الشريرة في السيطرة على الأفراد والمجتمعات.
*رؤى متميزة
تمكن النص، من صياغة قصة درامية تعلق بها الأطفال، عبر إعمال الخيال، من خلال حكاية نأت بنفسها عن الحشو والإطالة، وعبر بناء درامي متماسك، أسهم في جذب الجمهور الصغير إليه. وتمكن المخرج من إيصال رسالة العرض عن طريق توظيف مختلف العناصر المسرحية وتحويل لغة النص إلى لغة درامية عبر الصور والرقصات الاستعراضية التي لم تخل أحياناً من الكوميديا الخفيفة، كذلك فإن لأداء الممثلين المتقن، دوراً في ابتعاد العرض عن الرتابة والملل. وكان للأزياء والماكياج، حضور مهم، من حيث تناغمها مع الشخصيات، ولم تكن عبئاً أو ثقلاً على الممثل. كما كانت الإضاءة حاضرة في بنية العرض، وصنعت إبهاراً جميلاً غلف العرض على طوله بأجواء أسطورية مدهشة، بالإضافة إلى الأغاني التي عبرت عن حالات الشخصيات والجو العام للمشهد، وكانت جزءاً مهماً في تعزيز الحدث على الخشبة، معتمدة على موسيقى متميزة، لامست وجدان الأطفال وتفاعلوا معها.
صمم إضاءة هذا العرض، وليد التميمي، وديكوره لعبدالرحمن الكاس، والماكياج لبسمة مبارك، والأزياء لميلانا رسول، والمؤثرات الصوتية لعلي فضل، والعمليات الإنتاجية والإدارية لعبدالرحمن صلاح وأحمد عوني، ومساعد مخرج ماجد الصوري، وبإشراف عام من رئيس مجلس إدارة الفرقة، الفنان عادل الجوهري.
يذكر أن هذا العرض، هو التجربة الثانية للمؤلفة والمخرج في مهرجان الإمارات لمسرح الطفل، بعد تألقهما في الدورة الأخيرة من المهرجان في العام 2022، بمسرحية «بحيرة السلام» التي نالت جائزة أفضل عرض مسرحي بالإضافة إلى عدد آخر من الجوائز.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/8mh5mmm8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"