عادي

«مترو غزة» يفتتح عروض مهرجان المسرح العربي في بغداد

14:55 مساء
قراءة 5 دقائق
«مترو غزة» يفتتح عروض مهرجان المسرح العربي في بغداد
«مترو غزة» يفتتح عروض مهرجان المسرح العربي في بغداد
«مترو غزة» يفتتح عروض مهرجان المسرح العربي في بغداد
«مترو غزة» يفتتح عروض مهرجان المسرح العربي في بغداد
وسط أجواء احتفالية، انطلقت مساء الأربعاء، فعاليات الدورة 14 من مهرجان المسرح العربي في بغداد، وسط حضور كبير تقدمه وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي أحمد فكاك البدراني، وإسماعيل عبد الله، الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، ود. جبار جودي، نقيب الفنانين العراقيين.
وألقى أحمد فكاك البدراني خلال حفل الافتتاح الذي استضافه مسرح الرشيد، كلمة أكد فيها أهمية الفن في الحياة وعلى الدور الذي تلعبه الهيئة واصفاً تنظيم الدورة الحالية من المهرجان في بغداد باللحظة التاريخية، حيث ظل العراق يسعى إلى هذا التنظيم في مدينة عرفت بالثقافة.
وأشار جبار جودي إلى أن المهرجان حط رحاله في بغداد، بعد محطات عربية عدة، ليلتئم في رحابها شمل المبدعين من صنّاع الجمال ورموز القوة الناعمة، في ذلك الحدث الفارق الذي تنظمه الهيئة بالتعاون مع وزارة الثقافة العراقية، ونقابة الفنانين، ودائرة السينما والمسرح، مشيراً إلى أنهم حرصوا على أن تكون هذه الدورة الأكبر والأكثر استثنائية شكلاً ومضموناً، فللمرة الأولى ستنعقد على مدار تسعة أيام، مع احتضان 20 عرضاً و 136 باحثاً في المؤتمر الفكري، وإصدار 20 كتاباً جديداً عن المسرح العراقي، وتكريم 36 فائزاً في المسابقات، ومشاركة نحو 600 مسرحي عربي من كل الدول العربية، إضافة إلى تكريم 23 مسرحياً عراقياً.
وأكد جودي التعاون الناجح مع الهيئة والعمل على توظيف كل طاقات وإمكانات الفنانين العراقيين، من أجل تحقيق رسالة العمل الثقافي، ومواصلة المسيرة نحو مسرح عربي جديد ومتجدد.
*تفاعل
وتفاعل الحضور كثيراً مع الكلمة المؤثرة التي ألقاها إسماعيل عبد الله، والذي توجه في البدء بالشكر لرئيس مجلس الوزراء، على رعايته الكريمة ودعمه اللامحدود للمهرجان، وكذلك تقدم بالشكر إلى وزير الثقافة العراقي الذي حرص على مواكبة كل تفاصيل المهرجان وخطوات تنظيمه.
وقال عبد الله: «اليوم في بغداد نرفع راية المسرح انتصاراً للجمال والحق والخير، انتصاراً للحياة في مواجهة الموت، ولنعلن جدارتنا بالحياة والإبداع، فروح العروبة المبدعة حية لا تموت رغم كل من يريد لها أن تندثر». وأضاف قائلاً: «نحن المسرحيون نبتدع حلمنا من قلب جرحنا، نُصَدِقُهُ ونَصْدُقُهُ، ونمضي به ومعه حتى النهاية مؤمنين أمنيين على إبقاء شعلة الوعي وَقَادَةً، فنحن الراية حين تهتز كل الرايات، ونحن البصيرة حين تغشى البصائر العتمات، ونحن الكلمة حين يبتلع الخوف الألسن وتصمت الأصوات». وكشف عبد الله عن مبادرة للهيئة خاصة بدعم المسرحيين في قطاع غزة، وهو واجب الهيئة تجاههم وحرصاً منها على تمكينهم من مواصلة مسيرتهم.
وألقت المسرحية اللبنانية المخضرمة نضال الأشقر كلمة الهيئة العربية للمسرح، متناولة دور «أبو الفنون» في عالم تسوده الحروب والصراعات.
وتضمن حفل الافتتاح أداء استعراضياً راقصاً لفرقة عراقية حمل الكثير من المعاني والدلالات، وكرم إسماعيل عبد الله 23 فناناً عراقياً، كما تم تكريم الفنانة نضال الأشقر ونقابة الفنانين العراقيين، والتعريف بلجنة تحكيم المهرجان برئاسة السوري أيمن زيدان وعضوية:
حسام أبو عيشة «فلسطين»، ود سامح مهران «مصر»، وعلي الفلاح «ليبيا»، ود. هشام زين العابدين «لبنان»، ليختتم الحفل بفاصل غنائي.
* عمل مختلف
واستضاف مسرح الرشيد، عقب حفل الافتتاح، العرض الأول في المهرجان بعنوان: «مترو غزة» من فلسطين، تأليف: خولة إبراهيم، إعداد: محمد أبو سل، إخراج: هيرفي لويشيمول. ويعتبر العمل علامة مختلفة في المسرح العربي من حيث الفكرة والإخراج، إذ تلعب فيه الصورة والخلفية المتحركة «البروجكتر» دوراً أساسياً في توصيل معاني ورسائل العمل المسرحي، وبتلك التقنيات استطاع العمل أن يمرر حمولته السياسية والفكرية وعوالم البؤس والمواقف الصعبة.
العمل يناقش فكرة الحنين داخل الجغرافيا الواحدة بين أناس فرقتهم ظروف الحرب والاضطهاد، إذ صارت بلادهم جزراً معزولة انعدم فيها التواصل والتلاقي بين الأهل وتبادل الزيارات، حيث التشظي والانقسام هو سيد الموقف، وهو الأمر الذي ينعكس على النفوس التي تظل في توق نحو اللحمة الواحدة، بحيث لا تكون هناك حواجز أو مناطق معزولة.
العمل يعبر عن ذلك الحلم بروافع ودلالات متعددة منها «المترو» والذي يرمز إلى التنقل بين أرجاء البلد الواحد، ما يعزز فكرة وقيمة التلاقي والتواصل بين الأهل الذين فرقتهم أقدار الحرب، فصاروا غرباء في بلادهم بحيث صارت كل منطقة دولة قائمة بذاتها.
ينفتح العرض على مشهد في محطة المترو، حيث تستلقي فتاة على أحد المقاعد وهي تغط في نوم عميق فيأخذها الحلم إلى تخيل أنها في محطة مترو غزة تلك المدينة التي صارت منعزلة بسبب الحرب فتصعب زيارتها إلا عبر أحلام في أن تصبح الأرض واحدة تضم أهلها وسكانها بلا حواجز ويعيش إنسانها في خير وحب وسلام، بعيداً عن أصوات المدافع وأزيز الطائرات الحربية التي تلقي أثقالها على المدينة فتحيلها إلى خراب وتنشر فيها البؤس.
ويعزز مخرج العرض فكرة الحلم عبر افتراض مكان متخيل ويستعين ب«البروجكتر» ليعكس يوميات أهالي غزة، المدينة المنكوبة، وصمودهم في وجه الحصار وتوقهم للحرية، وهو الحلم الذي يشاركهم فيه الفلسطينيون في بقية أنحاء البلاد، حيث إن المتنقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة في حاجة إلى الحصول على تصاريح خاصة، وهي لا تمنح في العادة إلا في حالات خاصة خلال الأعياد أو لأغراض العلاج، كما يعكس «البروجكتر» صوت المترو المتخيل وحركته وتنقله من مكان إلى آخر وهو يحمل الأحلام الشاردة ويعبر عنها.
طريقة وفكرة تصميم العرض بدت مبتكرة وغير تقليدية وفيها اجتهاد واضح نحو الخروج عن المألوف والمكرر، ففي حين أن قضية التوق نحو التواصل بين الفلسطينيين في الداخل والشتات قد طرحت كثيراً من قبل المسرحيين، إلا أن مخرج العمل أراد الخروج عن هذا التكرار عبر أطروحة فنية تميز العمل وترفع من قيمته، فكان أن استعان بديكور بسيط تم توظيفه بصورة تخدم فكرة العرض، وهو الديكور المتمثل في تلك المقاعد مع خلفية بيضاء بدت في بعض الأحيان كأنها جدار وفي أحيان أخرى كانت تظهر عليها مقاطع فيديو لأحداث حقيقية شهدها قطاع غزة من قصف وتدمير على وقع مؤثرات صوتية، وتلك تقنية أراد لها المخرج أن يكون لها أثرها المباشر في الجمهور من أجل معايشة تلك الظروف الصعبة التي عاشها الإنسان الفلسطيني، وكان له ما أراد حيث أن الجمهور تفاعل كثيراً مع العمل.
*أجواء حالمة
ولعل براعة المخرج تكمن في تلك الأجواء الحالمة التي خلقها، والحوارات المفتوحة التي يبدو أنها لا تكتمل ولن تكتمل إلا بتحقيق الحلم الفلسطيني الكبير، والذي عبرت عنه تلك الرحلة الحالمة لبطلة العمل من جنين إلى غزة، حيث إن هذا الحلم، إلى جانب الرسائل السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية التي حملها، هو واقع يومي يعيشه الإنسان الفلسطيني.
حركة الممثلين جاءت رائعة خاصة بطلي العرض أو الحلم الفتاة والعامل في محطة المترو، كما أن الحوارات العميقة بينهما، تضمنت الكثير من التصورات والرؤى الفلسفية.
عبر العمل عن الواقع الفلسطيني في صورته الراهنة، وسافر بالمتلقي نحو عوالم خيالية، لكنها تعكس الحياة ليست التي تعيشها فلسطين وحسب، بل العالم أجمع، فالعرض يرفض الصراع والحروب والانقسام والتشظي، ويدعو إلى إلى السلام والتعارف بين الثقافات المختلفة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3av58f6u

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"